افتتح الفنان مصطفى حسين نقيب التشكيليين معرضا مشتركا لمجموعة فنانين مصريين في ساقية الصاوي تحت عنوان "ملتقى تحت الكوبري" في دورته الأولى بقاعتي النهر والظل, وفي نفس الموعد معرض "أبجد هوز" الورشة ومعرض الحلي لمجموعة مصممي الحلي بقاعة الأرض للفنانات هبة سليم, وإيمان منجود, وأميرة فؤاد. محيط رهام محمود : الملتقى يعتبر ورشة فنية, تضم ورشة الرسم, والنحت, ولوحات فوتوغرافية, وأعمال خزفية, وأيضا فن "الميديا" الفيديو آرت, يشترك في المعرض أربعة وثلاثون فنانا, معظم هؤلاء الفنانين قاموا بتنفيذ أعمالهم بالقاعة, 11 فنانا في ورشة الرسم, ونحو تسعة فنانين في ورشة النحت, وخمسة في الخزف, كما وجد أيضا بالمعرض سبعة فنانين قدموا لوحات فوتوغرافية, وقامت القاعة بعرض عملان في فن الفيديو آرت لفنانين مصريين. استمر الملتقى سبعة أيام, وحضر في اليوم الأول من الملتقى عددا كبيرا من الفنانين والنقاد, ونخبة من الصحفيين والمتذوقين, الذين اندهشوا من جرأة هؤلاء الفنانين في قيامهم بأعمالهم الفنية أمام المشاهدين, وقدرتهم على ممارسة الإبداع رغم وجود عدد كبير من الجمهور, كما استقبل المتلقيين هذا المعرض "الملتقى" بحفاوة شديدة. ومن بين الفنانين المشاركين بالملتقى: ناثان دوس - أمير الليثي - طارق زايد - مي رفقي - ريهام السعدني - أحمد الشاعر - مروة محمد أبو الأسعاد - أسعد فرحات - محمد اللبان - أحمد بسيوني - أكمل حمدي عبدالله محمد حامد البزرة. ترجع فكرة إقامة الملتقي إلى الفنان طارق زايد مدير قاعات العرض بساقية الصاوي, وهي أن يتفاعل الجمهور مع الفنانين لحظة ميلاد العمل الفني, ويقول الفنان طارق عن فكرتة للمعرض... طارق زايد يرسم لوحته بالورشة من المعتاد أن يشاهد المتلقي اللوحة أو التمثال وهو في حالته النهائية في قاعة العرض, ففي هذه الحالة يكون المتلقي قد فقد جزءا كبيرا من الاستمتاع بالعمل الفني, فعندما نشاهد بشكل جماعي مجموعة فنانين كلا منهم يبدع بإسلوبه, مع مراعاه أن الفنان يجد صعوبة في الإبداع في غير أجواء المراسم الخاصة التي يعتاد الفنان أن يبدع فيها, مع ممارسة طقوسه الخاصة التي تساعده على الدخول في حالة الإبداع, مثل سماع الموسيقى أو إضاءة معينة أو وضع رائحة للبخور, فبهذا العرض نكسر كل هذه الطقوس ونضع الفنان في إختبار صعب, فكان الملتقى حالة إبداعية جماعية من مجموعة من نجوم الشباب كلا منهم في مجاله, ليصنعوا عملا فنيا, وحالة من الإبداع الراقي لجذب المتلقي لهذا الفن, وكسر الحالة التي تترسخ في ذهن الجمهور أن هذا الفن بعيدا عنه, وبهذا أصبح كل فرد من الجمهور الذي حضر افتتاح الملتقى قد حمل ذكريات جميلة مع لوحة رسمها الفنان وحضر كل خطواتها, في مشاركة وجدانية مع الفنان لم ينساها, وسيسعى بعد ذلك لزيارة المعارض التشكيلية لمتابعة هذا الفن الجميل. عرض النحات ناثان عمل نحتي, وقام برسم لوحة "لايف" بحجم كبير أمام المتذوقين, والفنانة مي رفقي التي قامت برسم لوحة عن موديل يجلس أمامها, والفنان طارق زايد الذي استفذة مشهد الفنانون امام اللوحات, فسرعان ما امسك بريشتة وبدأ يرسم لوحة عن احداث لبنان باسلوب تجريد تعبيري, وهي عبارة عن خطوط بسيطة ورموز نابعة من وجدانه تجاة الشعب البناني, حيث رسم في منتصف اللوحة شكل يشبة القلب, قاصدا قلب الامة العربية وهو ينزف الما من الاحداث الدامية مع وجود مساحات بألوان قاتمة وألوان قريبة من الابيض والاسود كدعوة للتفائل. ورسمت الفنانة ريهام السعدني بورتيريه لامرأة ذات نظرة حادة تتميز بخطوط جريئة, محافظة على نسب البورتيريه بالرغم من حجم اللوحة الكبير, وكانت القاعة تبث موسيقى خصيصا للفنان وائل درويش الفنانه ريهام السعدنى لتساعده على الدخول في الحالة المزاجية الخاصة به لكي يبدع, ورسم لوحته في إطار المذهب التجريد التعبيري, واستخدم فيها درجات اللون الأبيض والبني مع لمسات من اللون الأحمر. أما الفنان أمير الليثي قدم ثلاثة أعمال نحتية, وقام بنحت قطعة أخرى أمام المتلقيين, وقد استخدم خامة الحجر في التشكيل, تلك الخامة الصلبة الصعبة الاستخدام, وكانت اعماله هي حالة من التجريد التعبيري التكعيبي في تداخل ما بين الهندسي والعضوي مع التأكيد على كيان وخصوصية الخامة, وتمثلت إشكالية الاعمال في محاولة استنهاض الجسد, كأنه يحاول أن يطرح حالات الجسد المختلفة في تبسيط, فطرحه في محاولات للنهوض او الرفض او الإستكانة في رقي ونعومة المخالفة لكيان الحجر, فنجد الملمس قد تنوع ما بين الخشن والناعم مع المحافظة في بعض الأجزاء على ملمس الحجر الطبيعي الذي تكون على مدار السنين. ويقول الفنان أمير الليثي: أن فكرة الملتقى ما هي إلا طرح فكرة الورشة التي نفتقدها في جميع المحافل الفنية والثقافية, فهذه الورشة كسرت الحاجز بين المتلقي والفنان الذي أعتاد الجميع أن يراة في برجه العالي معزول عن المجتمع. كما قدم الفنان أسعد فرحات أربع أعمال تنتمي للنحت الفراغي "أي يصلح وضعها في المياديين" تعتمد على المنطق الرياضي الهندسي, وتحقيق الحركة الإيهامية متعددة الاتجاهات, وقد تحقق المفهوم الفراغي عن طريق الخامة, والابعاد الاحادية "من خلال الأجزاء السفلية للعمل", والثنائية, فيتكون الثقل في الجزء العلوي من الشريحة ذات البعدين, وأرتبط في اعماله الشكل بالقاعدة الشفافة المصنوعة من الأكليريك التي لها بعد وليس لها كتله فينتج عنها بعد فراغي, أو وجود قاعدة حقيقية وخطوط بها إستطالة لتحقق عنصر الحركة, وتأخد منحوتاته مضمون تعبيري يوحي بالفيجر "شكل الجسد". وفي الخزف نرى أعمال الفنانة مروة أبو الاسعاد القائمة على التشكيل الحر بالشريحة وحركتها في الفراغ, تميزت بالاتزان والصلابة رغم السمك الرقيق للشريحة, والوانها المتناسقة التي تضيفت للشكل قيمة تعبيرية, كما ابتعدت الفنانة عن الاشكال التقليدية, ومن بين اعمالها قطعة مزدوجة اعتمدت على إظهار الفراغ البيني بين الشكلين, واضافت إلى العمل ملامس تسير في حركة دوامية, وأوجدت علاقة باللون بين الشكلين حيث اعتمدت اعمالها على المرياج "استخدام اكثر من لون بالعمل". وقد لاقى هذا المعرض نجاحا واستجابة من المتلقيين غير متوقعة, حيث شارك في الورشة كثير من فنانين آخرين جاءوا لرؤية المعرض ولم يكونوا ضمن المشتركين لكن أجواء الملتقي حركت داخلهم شحنة فنية كبيرة وحثتهم على الإبداع, كما أن المتلقي العادي أدهشة جرأة هؤلاء الفنانون, واستمتع بمشاهدة العمل من بداية ابداعة إلى نهايتة, حتى الأطفال ارادوا مشاركة الفنانين وبالفعل أتيحت لهم القاعة الالوان والفرش وجميع الادوات اللازمة لممارسة ابداعاتهم الفنية. كما نتج عن الملتقى علاقة حميمة بين المتلقي والفنان , وكانت فكرة المعرض نقلة كبيرة للعلاقة بينهم حيث أن بعض المتلقيين العاديين لم يستطيعوا فهم الاعمال الفنية, فساعدهم الملتقى على رؤية العمل من بدايته والاحتكاك بالفنانين ومحاولة فهم الاعمال بسهولة, وانتهى المعرض بالنجاح وبالاجماع على ضرورة تكرار هذا المعرض مرات عديدة أخرى. أبجد هوز وفي جولتنا الثانية بساقية الصاوي التقينا بمعرض ثلاثة فنانات واعدات مكونين مجموعة "hea-art", وهم مجموعة مصممي حلي الزجاج والمعادن. استمدت لديهم فكرة الدمج بين الزجاج والمعادن فى صياغة الحلى من الحضارة الفرعونية حيث كانوا يستخدمون الزجاج مع الذهب والفضة كقيمة جمالية ولونية رائعة ، فالزجاج يتيح لهم حرية التصميم دون التقيد بشكل فصوص أو أحجار معينة ، لذا أرادوا " استعادة استخدام الزجاج مع الفضة لابتكار أشكال من الحلى المعاصرة مع التأكيد على فكرة العمل الجماعى وإيجاد رابطة متوافقة من مصممى الحلى، فإن نجاح العمل الجماعى دائما مايقوم على التوافق بين أفراده ، لذا وجدت مجموعة مصممى الحلى ( hea-art) المتمثلة فى "هبة سليم - إيمان منجود - أميرة فؤاد" طريق النجاح فى العمل الجماعى حيث امتزجت أهدافهم و أفكارهم معاً بجانب دراستهم المتخصصة ، فدرسن فى كلية الفنون التطبيقية - جامعة حلوان وتخرجنا عام 1999م من قسمى المنتجات المعادنية والحلى ، وقسم الزجاج ، وحصلت كلاً من هن على درجة الماجستير عام 2003-2004 م ، ويقمن الآن بتحضير الدكتوراة. ولهن العديد من المشاركات الفردية والجماعية فى المعارض والمهرجانات الفنية فى مصر وخارجها من بينها : معرض الهيئة المركزية - وزارة الدفاع, ومهرجان الحلى الأول عام 2001, 2004, ومعرض الجالية العربية بالمملكة المتحدة 2006. فكرة معرض " أبجدهوز" هي أن الحرف العربي جزء لا يتجزأ من تكوين الهوية العربية فارتبط بالإنسان منذ الأزل و هو يتميز عن الحروف الأجنبية بإمكانية تشكيله دون أن يطرأ على جوهره أي تغيير. وبالحديث عن الإنسان فهناك ثمة لغة مشتركة بين الحرف العربي والمرأة فكلاهما مفرداتهما الجمال، الحسن، والبهاء، ولذا كان من الطبيعي أن تتزين المرأة بحروف تتشكل منها أنواع الحلى المختلفة, ومن خلال معرض أبجد هوز تتناغم الحروف بخامتى المعدن والزجاج فى محاولة لتحقيق الشكل، واللون، والصوت، والمعنى. نرى أن هؤلاء الفنانات قاموا بعمل تصميمات متنوعة شديدة الدقة, كما استخدموا الالوان المتألقة والزاهية للزجاج, وظهر تناثق واضح في التصميم بين الحروف والمعدن المطعم بالزجاج .