"شخصيات مصرية" هو عنوان المعرض الجماعي الذي افتتح الأحد بقاعة "جوجان" لنتاج ورشة فنية أقيمت في أكتوبر 2009 ضمن فعاليات "مهرجان شخصيات مصرية السنوي الثاني". الورشة التي استمرت ثلاثة أيام وأقيمت بمحمية "وادي الجمال" في مرسي علم، شارك فيها مجموعة من الفنانين، تنوعت أساليبهم الفنية بين الرسم والتصوير والنحت، مع اختلاف المدارس الفنية الواقعية والتعبيرية التجريدية وهم" "مني حسن - أحمد الجنايني- أحمد سميح - أسماء أحمد سعيد- ناثان دوس - أيمن قدري - بريهان أبو زيد - نادر السيد". المثال "ناثان دوس" طرح فكر نحتي تراثي، فنحت جملا من الجرانيت، في رؤية رمزية تمثل بقايا حضارة، أو إشارة تاريخية وتراثية، من خلال تفكيك أحد رموزه نحتياً، بشكل لا يحدث انفصالا عن المضمون، هذا الطرح النحتي قريب من فكر النحت في الفن المصري القديم، فقد نري في المصري القديم قطعة نحتية لقدم مرفوعة علي أحد الأعمدة، هذا الفكر التفكيكي للشكل لايقلل من قيمة العمل، بل يعطي فرصة للمتلقي أن يكمل الشكل بصريا ويراة كيانا واحدا. كما شاركت الفنانة التشكيلية أسماء أحمد سعيد بمجموعة من البورتريهات لشخصيات مصرية بدوية، قدمتها بواقعية تشكيلية، أكدت فيها علي الملامح السمراء البدوية عميقة المضمون، واستخدمت ألوان الباستيل الهادئة لإظهار خصوصية الشخصية البدوية من خلال المعادل البصري للون الخمري التعبيري في الشخصيات. الفنان التشكيلي أيمن قدري قدم جملة تشكيلية حوارية، فقد استهوته مفردات الحياة البدوية الموسيقية وإيقاعات النوبة فعبر في إحدي لوحاته عن عازف لآلة وترية، وأكد في ملامح العازف مدي اندماجه بالإيقاع والنغمة، مما جعل لملامح الشخصية صوتا شجياً. أما الفنانة التشكيلية بريهان ابوزيد فتنقلت بين القبائل في الصحراء بحثاً عن المرأة البدوية بزيها المميز بالنقوش والتصميمات الزخرفية الفطرية الجمالية وارتدائها للحلي المميزة مما يحمل مضمونًا طقسيا للتقاليد، كما استخدمت الفنانة الألوان الساخنة المبهرة الأصفر والأحمر معبرة عن سمات المرأة البدوية. الفنان أحمد سميح قدم مجموعة من الاسكتشات للشخصيات من أفراد القبائل المختلفة، اختار الفنان فيها لحظة انفعالية تعبيرية خاصة بكل شخصية، سجلها بأسلوب الرسم المباشر بخطوط صريحة، مؤكداً غوصه في أعماق الشخصيات، وعن مدي التفاعل الإنساني الذي تم بينه وبين الشخصية البدوية، كما نسج من عنصر الخط موسيقاه الجمالية. الفنانة مني حسن منظمة الورشة قالت: الورشة الفنية تمثل حالة تفاعل واستمرارية وتواصل بين الفنان والموروث الشعبي والحاضر، وتعمل علي تعميق الاتصال الزمني بين قبائل الصحراء، وأثناء إقامة الفنانين في وادي الجمال حدثت ردور فعل إيجابية بين الفنانين وافراد القبيلة، وظهر ذلك في إبداعات الفنانين، وقد خصصت القاعة نسبة من بيع أعمال الفنانين لصالح القبائل الصحراوية. كما أضافت: لاستمرار مثل هذه الورش في صحراء مصر لابد من تسليط الإعلام المصري علي هذه المحميات، والبحث عن راعاة للمهرجان من رجال الأعمال أو الجهات المعنية بالفن والفنانين، للمحافظة علي الأصالة والتراث من أي هجوم فكري مضاد، قد يمحو الموروث الشعبي، خاصة أنه كان من الملاحظ قلة أعداد المصرين المتواجدين في المهرجان. الفنان أحمد الجنايني أحد المشاركين أضاف: الاحتكاك المباشر بين الفنان ومجموعة القبائل المصرية الذي تم من خلال الورشة الفنية يعد إضافة للفن والموضوع الفني الثري، وإضافة إلي المخزون البصري لكل فنان، كما أن التعرف علي أيديولوجيات الأفراد القبليين من خلال عاداتهم وتقاليدهم وقوانينهم الخاصة في التعامل مع الحياة الصحراوية، يعتبر إثراء للغة البصرية التشكيلية، وتعميقًا للترابط بين الفنان المصري وهويته المحلية، وهذا الحراك التشكيلي للورشة الفنية يمكن من خلالها مقاومة الاستنساخ الفكري المسيطرة علي فكر بعض الفنانين، فنحن صناع حضارات وملاك ثروات إنسانية ولابد من التعمق في دراستها قبل ان نبحث العالمية في الفن.