بهدوئه المعروف وعباراته الساحرة والساخرة في نفس الوقت.. كلماته تحمل الكثير من المعاني لكنها تجذب القارئ وتجعله يتابع الخبايا والعديد من الأسرار التي يزيح الأستاذ الكبير محمد العزبي الستار عنها وهو الذي عاش فترة طويلة في رحاب صاحبة الجلالة وعرف خبايا كثيرة مما كان يجري وراء الكواليس حواديت وقصص وأخبار ربما لا يعرفها عدد كبير من الأوساط الصحفية.. لكن بنك الأسرار لدي عمنا العزبي يحتوي علي العديد من الخبايا وما يدور في بلاط صاحبة الجلالة كما يطلق عليها وما يثير حيرتي وارتباكي كيف في رحاب هذه المملكة صحفيون غلابة يحصلون علي رواتبهم بالكاد بينما المتربعون علي عرش صاحبة الجلالة يحصدون الأموال والمناصب "لمن يبوس ركبة الأمير" كما يقول الشاعر نزار قباني الحواديت متعددة الجوانب.. طوف وشوف ما يتعرض له الغلابة ابتداء من العمل لدي أصحاب الصحف وحتي الصحف القومية.. فقد تحول كاتب لا يخشي في الحق لومة لائم إلي صحفي يسعي لرضا الوزير وعفو الأمير وهبة الحاكم ولن ينسي الوسط الصحفي ما دار بين صحفي ورئيس تحرير حول مهاجمة الوزراء. حيث إن رضا الوزير هو الأهم!! إنه سرد جميل وعبارات مليئة بالكثير من الحكايات الممتعة وحينما يقع في يدك هذا الكتاب لا تتركه حتي النهاية. في مقدمة حكايات الكاتب محمد العزبي أنه في أول ليلة يوم أعلنت فيه حالة الطوارئ كانت جريدة الأهرام العريقة مهددة بعدم الصدور لخلاف قديم بين أحمد النجار رئيس مجلس الإدارة ومحمد عبدالهادي رئيس التحرير حول مقال محمد عبدالتواب مع أنه يكتب كل يوم منذ أزمة أسامة الغزالي حرب وغضبه وامتناعه عن الكتابة في الأهرام ولجوئه إلي المصري اليوم فلما عاد كان عبدالتواب قد احتل مكانه ورحل أسامة لمكان آخر. وادي اللي حصل وادي اللي صار.. وتثير حكاية الغزالي حرب قضية: هل من حق رئيس التحرير أن يغير كلمات كاتب المقال خصوصاً لو كان يقدر المسئولية ويتحمل نتيجتها؟ والجواب نعم فهو المسئول قانوناً وسياسياً عن كل ما ينشر في الجريدة. هذه المعركة وما أسفرت عنه من تطورات ذكرت عمنا العزبي بمداخلة علي الهواء مع جابر القرموطي منذ سنوات قليلة عندما توقف عن الكتابة بعض الوقت فيما أسماه "استراحة نهاية الطريق" وقال: إن تكميم الأفواه علي الأبواب وحرية الصحافة في خطر. ومضت الأعوام وتم تشكيل المجالس العليا الجديدة للصحافة.. وإذا كان المجلس الأعلي هو الذي يقرر أو خلافه فإن قضية الصحف القومية ويسمونها بالحكومية وأخيراً الوطنية لكنها في حاجة لإصلاح مهني طويل الأجل وإصلاح إداري بعد أن فاحت رائحة الفساد وقلة الكفاءة مع تدخل الجهلاء والمنافقين وفلان وفلان وآه وألف آه من المنافقين!! أما محسن محمد وسمير وبينهما محفوظ فيسطر عمنا العزبي ملخصاً لما حدث في دار التحرير عندما صدر قرار تعيين محفوظ الأنصاري رئيساً لتحرير الجمهورية ليبقي محسن محمد رئيساً لمجلس الإدارة بعد أن كان يجمع بين الرئاستين. ودارت مشاحنات عندما رفض "محفوظ" نشر مقال في الجمهورية لسمير رجب رئيس تحرير المساء وقتها ونائب رئيس مجلس الإدارة مما أدي إلي تدخل محسن وأصدر أوامره بوقف طبع الجريدة بصفته رئيساً لمجلس الإدارة وجرت مناورات وتهديدات ومؤامرات كان من بينها إطفاء النور وقطع الكهرباء حتي تتوقف المطبعة وفي النهاية تم احتواء الموقف. لكن الألاعيب لم تتوقف.