لم يمنحنا محمد علي "صرة دنانير" ولا وهبنا جمال عبدالناصر خمسة أفدنة من أراضي الاقطاع الزراعي وعلي الرغم من ذلك فنحن نؤكد ما نقشه التاريخ في صفحاته. بأن كلاً منهما أرسي دعائم مصر الحديثة وحاول اقامة دولة كبري عمادها العلم والتحديث والاستنارة والتخلص من تبعية الغرب وبناء قوة عسكرية ضاربة وتبني حركة تصنيع وطنية. ويوثق التاريخ ونحن نشهد ان مشروع بناء مصر الحديثة من خلال مؤسسيها العظيمين: محمد علي وجمال عبدالناصر قد جوبه بالاعداء الذين ارادوا وطننا سوقا لاستهلاك سلعهم وممراً لعبور بضائعهم من الشرق إلي الغرب وخيمة من الخيال ينسج حولها كتابهم ومفكروهم حواديت التخلف والاساطير والأوهام والعبودية والاماء. وحينما رفض المؤسسان العظيمان هذه الاغلال التي نرسف فيها من اعدائنا وهذه الخانة التي ارادونا ان نحل فيها من الخنوع والتبعية حينها بدأ الصدام الكبير بسيناريو واحد متكرر في الزمنين إلا قليلا.. تحالف علينا الاعداء الاتراك والانجليز والفرنسيون والروس ليبتروا حلم محمد علي في مصر الكبري.. ثم تحالف ضدنا الانجليز والفرنسيون تحت راية الصهيونية العالمية ليقلموا أظافر عبدالناصر ويئدوا حلمه في الحرية والتطور والعدالة. وما اشبه الليلة بالبارحة فالاعداء أنفسهم يتحالفون لوأد مشروع مصر الكبري للمرة الثالثة في عصر عبدالفتاح السيسي .. نفس الحلم المصري يتكرر ونفس وجوه الاعداء تتكرر. هنالك الانجليز والأمريكان والاتراك ومؤامراتهم الدنيئة والخبيثة لتقزيم مصر ان لم يستطيعوا تحطيمها. لكن زمن السيسي ليس زمن سلفيه العظيمين محمد علي وعبدالناصر.. خريطة السياسة اختلفت وأصبحت روسيا معنا لا علينا.. واضحت تركيا مجرد كيان تابع للغرب وأمريكا وخرجت فرنسا من معسكر العداء لنا لتمدنا بالسلاح. وظهر العملاق الصيني الذي ينتمي للشرق المضطهد من الغرب. لن يلحق السيسي بسلفيه في الهزيمة وانكسار الحلم ولن تسقط مصر في عهده وإن عانت شديد المعاناة.. لكنه الميلاد الثالث لمصر الكبري التي ستظل كبري هذه المرة وسيسقط كل أعدائها: كما سقطت من قبل امبراطورية انجلتراوفرنساوتركيا.. وأري في الآفاق الآن ملامح مصر الكبري تتشكل.