عبدالحليم طه.. زميلي في "المساء".. عرفته وزاملته أكثر من ثلاثين عاماً.. هو سكرتير تحرير الجريدة.. وواحد من أفضل من يخرجون الصفحات.. يقدر المادة بحرفية متناهية. يعرف كيف يختار العنوان.. ووضع الصورة ومساحتها.. أضف إلي ذلك أنه رسام ماهر وكثيراً ما قدم لوحات في فن الكاريكاتير السياسي والفني والأدبي الممزوج بالتعليق الفكاهي النادر والحكمة الرائعة. طوال هذه السنين وأنا أظن أن هذا الفن الذي اكتسبه عبدالحليم طه من الإخراج الصحفي.. وفن الرسم هو من خريجي كلية الفنون الجميلة لإبداعه في عمله. اعترف أنني لم أعرف حقيقة دراسته إلا من خلال ما قرأته عن سيرته الذاتية في كتابه الأول الذي أخرجه أخيراً وأنه من خريجي كلية العلوم جامعة عين شمس عام .1970 أيقنت يعد أن هذه الشخصية هي متعددة المواهب الفنية والأدبية والشعرية والتي وضحت في تعليقات رسوماته التي ينشرها في المساء من كل حين وآخر إلي أن تأكدت لي حقيقة عبدالحليم طه عندما أهداني كتابه الأول الذي أصدره أخيراً وشرح فيه أحداث ثورة 25 يناير من البداية وعنونه بعنوان غريب لا يفهم معناه ومغزاه إلا كل باحث ومتأمل للأحداث حيث جاء عنوان الكتاب "زلزال 25 يناير وتوابعه" وقدم فيه صورة * كاريكاتير. جاء الكتاب في حجم مناسب لا يتكرر كثيراً ولا يصدر إلا من فنان مبدع.. وقبل أن اتحدث عن الكتاب أحب أن يكون لمضمونه الأولوية في الكلام عنه. أولاً فهو أول كتاب يشرح حكاية ثورة شعب قلبت الأوضاع في مصر علي طريقة الزلزال الذي يقلب الأشياء رأساً علي عقب إذا انطلق من أي مكان.. زلزال عبدالحليم طه اتسم بكل ألوان الفن والخبرة والأدب والشعر حيث حكي قصة الثورة عن طريق بعض الصور والرسومات أخرجها بالتعليق الأدبي الشعري المقفي أحياناً وبالزجل الخفيف حتي إن القارئ لا يستطيع أن يتركه إذا بدأ في تصفحه. لم يترك عبدالحليم طه مكاناً في مصر انطلقت منه ثورة الشباب إلا وتناوله بالصورة والرسم كما ذكرت وكشف عن أمور كثيرة ربما تكون خافية عن أي متابع للأحداث عندما قسم كتابه إلي أجزاء متنوعة اتسمت بخفة الدم مما يجعلك لا تبتسم فقط ولكن تصدر منك ضحكة مسموعة في أحيان كثيرة. هذا فضلاً عن الطباعة الأنيقة جداً أما الإخراج فحدِّث ولا حرج حيث جاء علي طريقة إخراج المعلم لنفسه كما يقولون وعلي ورق كوشيه مصقول ليبدو في النهاية أن ما بين يديك هو عمل صحفي فني أدبي سياسي كما يجب وكما يقول الكتاب في فن الإخراج والإبداع والتقديم. تحية تقدير من زميل العمر وعشرة السنين علي هذا العمل الذي يضم كل صفحة منه لوحة لا تقدر بثمن في سوق العرض والطلب حتي قلت في نفسي وعلي طريقة كتاباتي في عناوين الموضوعات والتي أخرجها بالسجع أحياناً "يا فتاح يا عليم من زلزال عبدالحليم".