وزير المالية: شركات الجهات السيادية تسدد ضرائب 16.4 مليار جنيه خلال 2024    175 شركة صينية وتركية تشارك فى معرض متخصص للملابس بمصر    هدف الشحات ينافس على الأفضل في الجولة التاسعة للدوري    شقيق عمرو زكي: أخويا معندوش أى أمراض وسنُقاضى مروّجي الشائعات    تعرف على نتائج الجولة السابعة من دورى المحترفين    22 لاعبا فى قائمة الإسماعيلى لمواجهة سموحة بالدورى    تموين الإسكندرية تضبط 1.5 طن دقيق بلدى وزيت وسكر تموينى بمخزن ببرج العرب    بالصور.. هند صبري ويسرا اللوزي تدعمان المسرح الخطير في موسمه الجديد    محمود حجاج مؤلفًا لمسلسل مصطفى شعبان فى رمضان 2026    عبد الله الهوارى نجل غادة عادل يكشف سبب عدم إجرائه عملية التكميم    أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية لمواجهة التنمر المدرسي    وزير الصحة يستقبل نائب رئيس البنك الدولي لتعزيز التعاون في مجالي الصحة والتنمية البشرية    وزير الخارجية: إذا رفضت حماس خطة ترمب سيكون الوضع صعبا وسيحدث تصعيد    «كلامك عننا غير مقبول».. قناة الأهلي تهاجم ميدو بسبب شيكابالا (فيديو)    انطلاق مباراة روما وليل بالدوري الأوروبي    قائمة ألمانيا لمواجهتي لوكسمبورج وأيرلندا الشمالية.. تواجد فيرتز وجنابري    الرسوم الجمركية الأمريكية تؤثر سلبًا على إنتاج الصلب الأوروبي (تفاصيل)    معلم يعتدى على زميله بمدرسة فى قليوب.. وتعليم القليوبية تحيل الواقعة للتحقيق    السكة الحديد: تعديل مواعيد بعض القطارات على بعض الخطوط بدءا من السبت    "الديموقراطي الأمريكي": الجمهوريون يسعون لفرض هيمنتهم عبر الإغلاق الحكومي    فيفا يعلن منح أذربيجان وأوزبكستان حق استضافة مونديال الشباب 2027    رئيس جامعة الأزهر يوجه بقبول جميع الطالبات المتقدمات للالتحاق بكلية البنات الأزهرية بمطروح    5 أفلام عربية تتألق في مهرجان ريو دي جانيرو السينمائي بالبرازيل    خيري الكمار يكتب: منة شلبي في حتة تانية    وزير المالية: قانون الحياد التنافسي ساعدنا في ترسيخ المنافسة وبناء "شراكة الثقة مع القطاع الخاص"    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    رئيس لجنة تحكيم مسابقة بورسعيد: الدكتور عبد الكريم صالح شخصية العالم القرآنية في جائزة ليبيا الدولية    ما حكم التنمر بالآخرين؟ أمين الفتوى يجيب أحد ذوى الهمم    موعد انتهاء العمل بالتوقيت الصيفي وبداية تطبيق التوقيت الشتوي 2025    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس    المنشاوي يعقد اجتماعًا لمتابعة المشروعات الإنشائية بجامعة أسيوط    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2أكتوبر 2025 في المنيا.... تعرف عليها    وظائف خالية اليوم.. فرص عمل جديدة في الأردن بمجال الصناعات الخرسانية    استشهاد 53 فلسطينيًا فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    رفع كفاءة وحدة الحضانات وعناية الأطفال بمستشفى شبين الكوم التعليمي    «الوزراء» يوافق على تحويل معهد بحوث السادات إلى كلية التكنولوجيا الحيوية    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    حزب العدل ينظم تدريبًا موسعًا لمسئولي العمل الميداني والجماهيري استعدادً لانتخابات النواب    تركيا.. زلزال بقوة 5 درجات يضرب بحر مرمرة    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    14 مخالفة مرورية لا يجوز التصالح فيها.. عقوبات رادعة لحماية الأرواح وضبط الشارع المصري    ما يعرفوش المستحيل.. 5 أبراج أكثر طموحًا من غيرهم    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    المصرف المتحد يشارك في مبادرة «كتابي هديتي»    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    ياسين منصور وعبدالحفيظ ونجل العامري وجوه جديدة.. الخطيب يكشف عن قائمته في انتخابات الأهلي    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل اللباد.. «مايسترو» الفن الصحفي.. و«صانع الكتب»
نشر في القاهرة يوم 07 - 09 - 2010

عن عمر يناهز 70 عامًا.. رحل الفنان محيي الدين اللباد بعد أن ترك مساحة عميقة.. فاضت بشتي فنون الصحافة والكتاب.. وهو فنان شامل. كاتب ومصمم جرافيكي ورسام كاريكاتير.. وصانع كتب ورسام أطفال.
كان أحد الفرسان الثلاثة في مدرسة روزاليوسف الصحفية مع الرائدين عبدالغني أبوالعينين وحسن فؤاد.. وكان علي الثلاثة تباعًا تحديث الفن الصحفي والانتقال بما يسمي «بالتوضيب» إلي التصميم الجرافيكي بما يعد انقلابًا كبيرًا وتطورًا في الصحافة المصرية.
وقد ظل اللباد منحازًا لفنون الصحافة مؤكدًا أن تلك الفنون من الممكن أن تقوم بنفس الدور الذي تقوم به اللوحة التشكيلية من حيث الارتقاء بثقافة العين أو الثقافة البصرية.
القلعة وحي النعام
في عام 1940 بقاهرة المعز.. ولد ونشأ اللباد بالقرب من شارع الغورية وحدود القلعة لأب من علماء الأزهر.. وتشكل وجدانه علي روح مصر الشعبية.. وعندما كان الترام يحمله إلي وسط المدينة بصحبة والده.. يمر من شارع فؤاد.. كان يرقب كل هذا البريق الذي يمثل القاهرة الحديثة والتي تعد قطعة من أوروبا.. فامتزج خياله بالقديم التاريخي والحديث المعاصر.
وتربي فناننا في أسرة لم ير أحد أفرادها يرسم.. كان هناك فقط مجرد لوحات خطية علي الحوائط.. بالكوفي الممنق والنسخ والثلث الجلي.. بالإضافة إلي صورة وحيدة مرسومة بالفحم للملك فاروق رسمها أحد أبناء زميل لوالده.
وكانت تأتيهم جريدة يومية تعد المصدر الأساسي بالنسبة له من ناحية الصور والرسوم.. كما فتح عينيه علي دنيا كبيرة.. عالم من الفن متمثلاً في تلك الرسوم والتصميمات علي علب الكبريت وبكر الخياطة وعلب الحلوي والملصقات من الماركات علي الصابون النابلسي والسجائر.. ويفط «ميشلان» الرجل الكاوتشوك وإعلانات السينما بطباعة الحجر.. وكلها رسوم علي قدر من السذاجة والطرافة.. بالإضافة إلي تلك اليفط التي تضم أسماء الشوارع وأرقام البيوت بخط الثلث.. ولكن ما كان يدهشه مع كل هذا باكو الكحل الأبيض ومرسوم عليه الديك المرعب الملون باللون الأحمر يكاد يقفز ويصيح!!
وقد بدأ اهتمام اللباد بثقافة الطفل بعد اكتشافه لمجلات الأطفال مثل «اللباد» و«الكتكوت» و«بابا شارو» ويعد كامل كيلاني من الكتاب الذين أثروا في حياته وأثاروا اهتمامه باللغة العربية.. خاصة كتبه التي رسمها الفنان بيكار في الأربعينات مثل علي بابا وأبو صير وأبوقير.
وعندما انتقلت الأسرة إلي حي النعام بالمطرية والذي أخذ اسمه في الماضي لكونه يضم مزارع لتربية طيور النعام.. كانت النقلة مذهلة بتلك البيوت ذات الحدائق الخضراء من أشجار المستكة والأكاسيا.. والكافور علي الأرصفة.. مع تغريد الكروان ونعيق الضفادع.. وكان بجوار منزل الأسرة قصر علي مساحة عدة أفدنة.. يبدو صغيرًا جدًا كعلبة ملبن مزخرفة.. وكان اللباد يفخر بأن صاحبه جارهم الأرميني صاحب شركة وابور الجاز «بريموس الأصلي».. أيضًا كان يقوم هناك قصر الأمير يوسف كمال الفخم.. ذلك الأمير الأعزب غريب الأطوار.. الذي اهتم بالرحلات والصيد.. وجمع الحيوانات والطيور والعينات الجيولوجية.. وهو الذي أنشأ مدرسة الفنون الجميلة من ماله الخاص عام 1908.
صانع الكتب
ومن البداية اكتشف اللباد أن هواه الأول في أن يشارك في صنع الكتاب.. لذا قبل أن يرسم عمل مصغرات لكتب علي ورق.. مخيطة بالإبرة.. وبدأ يرسم وهو في الثانوي بمجلة سندباد وعمره 16 سنة.. حيث ظهرت رسومه علي صفحاتها عام 1956 وفي عام 1957 التحق بكلية الفنون الجميلة وفور تخرجه عام 1962 التحق بمؤسسة روزاليوسف.. وفي نفس الفترة عندما أشرف بيكار علي سلسلة «الكتاب العجيب» للأطفال بدار المعارف وكانت تعتمد في تجربة غير مسبوقة علي نشر قصة يكتبها ويرسمها أحد الفنانين من تلاميذه.. رسم اللباد وكتب قصة «ذيل الفأر» وفي عام 1964 شارك في تأسيس مجلة «كروان» وعمل مديرًا لتحريرها.. وهي مجلة أطفال رفعت شعار «مجلة مصرية 100%» واستمرت أكثر من 12 عددًا برئاسة تحرير الكاتب نعمان عاشور ورسوم: مجدي نجيب وهبة عنايت وبهجت وحسن حاكم ومصطفي رمزي.
وفي عام 1958 شارك اللباد في مجلة سمير بلمسته الفنية وقدم شخصيات كرتونية تعد من أجمل الشخصيات المصرية في صحافة الطفل مثل: زغلول أفندي وأدهم.. وشارك في تأسيس دار الفتي العربي عام 1974 والتي كانت من أهم دور النشر العربية في ثقافة الطفل وقدم خلالها تجاربه العديدة في فن الكتاب والرسوم.
ولقد أضاف الكثير والكثير بتصميماته الجرافيكية من بينها تأسيسه فنيًا لسلسلة كتاب في جريدة.. هذا المشروع الذي أطلقته اليونسكو عام 1995 مصاحبًا للصحف العربية.. كما أضاف الكثير بلمسته الفنية إلي صحيفة السفير اللبنانية.
رسام أطفال
وقد تنوعت كتب محيي الدين اللباد للأطفال ما بين الرسوم والتأليف والرسوم معًا.. وفي كتابه «البيت» والذي صدر عن دار الفتي العربي عام 1974 عن نص قصير وبديع للكاتب السوري زكريا تامر.. وهو كتاب في حجم مفكرة الجيب.. تميز بتلك الدراما العالية في الفكرة والرسم.. وملخصه: «الأرنب له بيت.. بيت الأرنب يسمي الحجر.. والحصان له بيت.. بيت الحصان اسمه الاصطبل.. والسمكة لها بيت.. بيت السمكة هو النهر.. والعصفور له بيت.. وبيته اسمه العش.. كل إنسان له بيت.. أما الفلسطيني فليس له بيت!!»
وقد حصل الكتاب علي جائزة معرض ليبيزج الدولي للكتاب قبل انضمام الألمانيتين.
وللباد نصوص ورسوم في كتب للأطفال.. منها «كشكوك الرسام» الذي حصل علي جائزة الثقافة الذهبية عام 1989 من بينالي براتسلافا لكتب الأطفال في سلوفاكيا.. وترجم إلي عدة لغات.. و«ملاحظات» و«30 سؤالا» و«لغة بدون كلمات» وكتابه «تي شيرت» حول قمصان الشباب وتاريخ ال «تي شيرت» والذي أصبح حاليًا مجالاً واسعًا لطباعة الشعارات.. التي تعبر عن أفكار الشباب وأحلامهم.
وفي هذا الكتاب يقترح أن تكون لنا رسومات خاصة بنا علي تلك القمصان الفضفاضة تحمل حروفنا العربية وأعلامنا ومطربينا وتعبر عن وجوه وأسماء عربية قريبة من القلب مثل نجيب محفوظ والعقاد والخطيب وغيرها بديلاً عن تلك الشعارات من أعلام الدول الغربية والحروف الأجنبية وصور باتمان وسوبر مان ونجوم الطرب من عازفي موسيقي الجاز ومطربي أغاني الروك أندروك ونجوم موسيقي البوب من الفيس بريسلي ومايكل جاكسون.
ويمثل التصميم الجرافيكي عند اللباد حالة خاصة تعتمد علي الصدم.. فهو يفاجئ القارئ بأسلوب جديد ومختلف يخرج علي الإطار المألوف والمعتاد.. وهو يصيغ العناصر الجرافيكية في وحدة واحدة ولا يهمه إن كان قد وضع العنوان في بداية الصفحة أو أعلي الشمال أو في وسطها.. وربما من أسفل.. وكذلك المتون والصور والرسوم.. محققًا قدرًا كبيرًا من المتعة البصرية.. وقد يقدم النص بخطوط تلقائية تنتمي للمسته وربما بحروف تتبع التقاليد الرصينة للخط العربي.
نظر
وتمثل موسوعته «نظر» ذروة أعماله.. «صدرت في أربعة أجزاء» وهي تمثل دنيا من الثقافة الفنية في التصميم والرسوم والصور مع تلك الكتابات التي تضيء علي نجوم الرسامين والخطاطين والمصممين ورسامي الكاريكاتير ورسامي الأطفال.. كل هذا في مصر والوطن العربي والعالم.. بأسلوب يجمع بين السخرية والطرافة والطزاجة والبهجة والدهشة.. فنقرأ ونتأمل حكايات بيكاسو الكاريكاتير الحديث.. الأمريكي «ستينبرج» وشافال رائد الكاريكاتير في فرنسا.. وديك برونا الهولندي رسام أطفال ما قبل المدرسة الأشهر.. وسانت أكز وبيري صاحب كتاب «الأمير الصغير» والذي وضعته فرنسا علي عملة من فئة الخمسين فرنكا «قبل اليورو» مثلما ووضعت من قبل المفكر مونتيسكيو والرسام ديلاكروا.. مع الرسام السوري برهان كركوتي وعالم الفنان اليمني فؤاد الفتيح ورسام الجزائر للكاريكاتير قاسي.. ووالت ديزني وبيكار وصاروخان ورخا.. ورواد مدرسة الكاريكاتير المصري الحديث.. وغيرهم.. مع معارض الكتب والصحف والمجلات والدوريات والصحف النصفية «التابلويد» والعلامات والإشارات وفن المنمنمات والكتاب العربي في الحاضر والتاريخ.
رسام الكاريكاتير
وقد جاء كتاب محيي اللباد «100 رسم وأكثر» جزءًا من سيرته الذاتية كرسام كاريكاتير.. وهو كتاب من القطع الصغير يخاطب ذكاء القارئ بالكاريكاتير.. وهو يأخذنا بريشته المتحفزة دائمة التجريب من آفاق العالم إلي أعماق المجتمع في رموز تواكب العصر وتجابه العولمة وتتعدي للبطش والجهالة وتغني للحرية مع الجيل الطالع.. هذا الجيل الأكثر قدرة علي استيعاب التكنولوجيا.. جيل الكمبيوتر والسي دي والروبوت والإنترنت.
وإذا كان قد نقلنا في كتابه هذا إلي الحياة الاجتماعية العربية وناقش بالكاريكاتير موضوعات عديدة وحساسة مثل البيئة والعولمة والصراع السياسي في العالم الثالث والديمقراطية وعلاقة دول الشمال بدول الجنوب.. إلا أنه جسد هذا التناقض بين حياتنا العامة وكيفية التعامل مع الكمبيوتر والإنترنت.. وجعل للفقير المعدم والذي لا يملك شيئًا موقعًا!! رسومه هنا تتميز بالفكرة الذكية وجسارة الخطوط وحيوية المساحات وهي بلا تعليق تعتمد علي التأمل الذهني.
تحية إلي روح فناننا محيي الدين اللباد.. بعمق الحروف والكلمات والصور والرسوم التي شكلها في دنيا مدهشة من الثقافة البصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.