لم يستسلم الشباب البورسعيدي لطابور الوظيفة الميري ولم يرتكن لهذه الأفكار القديمة في تعاملهم مع قضية العمل حاربوا البطالة علي أرض الواقع. وتمسكوا بحلمهم في استثمار طاقتهم وخبراتهم التي اكتسبوها من العمل في التجارة وتحولهم إلي التصنيع. في ظل المعاناة من ارتفاع الدولار والقيود الشديدة علي الاستيراد وتكاليف الجمارك التي تعدت النصف مليون جنيه للحاوية الواحدة كانت البداية بدفعة قوية من المحافظة التي فاجئت 58 شاباً بتملكهم مصانع جاهزة للإنتاج بالمنطقة الصناعية جنوب بورسعيد وبالفعل سلمهم الرئيس عبدالفتاح السيسي أنثاء زيارته التاريخية للمحافظة مطلع العام الحالي عقود المصانع وسط فرحة حولت المستحيل إلي واقع وحقيقة. قال السيد شليل "صاحب مصنع بالمنطقة الصناعية" تقدمت منذ ست سنوات للحصول علي مصنع وقد نسيت الموضوع حتي فوجئت باستدعاء المحافظة لنا وذهبت للمقابلة في المحافظة وتحدثت مع اللجنة المكونة من الأساتذة فؤاد ثابت وشريف صالح والسعيد شلبي وحكيت تجربتي مع التصنيع وقدمت ما يفيد ذلك. ويحكي شليل حكايته مع الصناعة فيقول اعشق نشاط الملابس الجاهزة وأنا خريج كلية تجارة ومن الأوائل بها لكن للأسف لم أتعين واشتغلت في الاستثمار ولأني لم أحب أن أكون موظفاً بعد كل هذا التعليم لكي أحقق طموحي وبدأت بعد اكتساب الخبرة الطويلة ان أفتح محلاً أمام هيئة الاستثمار وأدمج التجارة بالصناعة وبدأت استثمر في تصنيع البنطلون الجينز وفي البداية عرضت الإنتاج علي محلات بورسعيد ثم بدأت أفتح أسواقاً جديدة للمولات التجارية الكبري بالقاهرة ولكن كانت أمامي عقبة التمويل لشراء ماكينات وتحدثت مع المسئولين عن أحد التوكيلات التجارية وحصلت علي صفقة لأول مرة مصنع صغير يحصل عليها وأخذت ماكينات ب 700 ألف جنيه دفعت 150 ألفاً فقط وكل شهر 40 ألفاً علي مدي سنة والدفع بعد شهرين كنوع من الدعاية. أوضح علي محمد أبوعياد "مصنع شنط جلود" تأزم الوضع مع الاستيراد بسبب القيود وسعر الدولار والجمارك التي رفعت بشكل رهيب فجمارك الحاوية 40 قدماً وصلت 520 ألفاً لذلك اتجهت للتصنيع ومنذ خمس سنوات قدمنا دراسة جدوي أنا وصديقي مينا هنداوي في نفس المجال ونجحنا بدون واسطة ولا محسوبية رغم أننا كنا مطالبين بدفع 6 شهور مقدم و3200 جنيه في الشهر ومصاريف الكهرباء 10 آلاف فضلاً عن مصاريف التشطيب وطالبنا أيضاً بتملك المصنع لانه ايجار بنظام حق الانتفاع والحمد لله يعمل بالمصنع الآن 15 عاملا أقل مرتب 1500 جنيه وحصلت علي قرض 500 ألف للوفاء بكل هذه الالتزامات. أشار مينا هنداوي "مصنع شنط" الحمد لله تم تركيب خط تليفون أرضي والخدمات ستدخل بالتدريج وشيء رائع ان توفر المحافظة مثل هذه المصانع للشباب وطبعاً وعدونا بالتصدير للخارج وتملك المصنع لكن أهم شيء الجدية ولقد طالبنا بضرورة انشاء معرض دائم لمنتجاتنا لانها ستكون بسعر مناسب وبتكلفة الإنتاج. فتيات يحاربن البطالة وتبدأ إسراء عادل في سرد حكايتها مع البطالة والتغلب عليها فتقول: أنا حاصلة علي معهد حاسب آلي ورفضت انتظار الوظيفة الميري فلقد تعملت من أمي التطريز والأشغال اليدوية حتي أصبحت خياطة ماهرة وأنا بنت وحيدة علي ولدين ورفضت فكرة أن أكون مدللة أو أتعرض لمضايقات من صاحب العمل وصممت ان أكون بمئة رجل لذا بدأت أفكر في عمل يناسبني فدمجت ما بين دراستي للتصميم علي الكمبيوتر وبين هوايتي في التطريز والمشغولات اليدوية. فصنعت من الخرز مختلف المشغولات منها الفازات والفوانيس والمفارش وعلب المناديل والميداليات وأطقم السراير وأعرض بضاعتي علي صفحتي بالفيس بوك مشيرة إلي انها في البداية فكرت بعرض منتجاتها علي المحلات لكنهم رفضوا لانهم يستسهلون المنتج الصيني ثم بدأ بعضهم يتقبل المنتج بعد انتشاره علي الفيس بوك رغم اعتراض بعضهم لارتفاع تكلفة المنتج عن الصيني. أما أمل عبدالرحيم تقول: فكرت في استغلال موهبتي بعمل الكورشيه والتريكو وخاصة أنني تجاوزت الأربعين وغير متزوجة ولا أجد وظيفة ولجأت لعمل مصنوعات من الصوف في ظل ارتفاع سعر الدولار وزيادة أسعار الملابس الشتوية وبدأت في عمل بلوفرات وطاقية وكوفية وعرضها علي الانترنت ولاقت قبولاً من المشترين. وهذه قصة أخري لفتاة قهرت ظروف البطالة وكانت نموذجاً طيباً هي هناء الدسوقي التي تقول أنا أحب الاكسسوارات واشترت خامات خاصة بها أثناء زيارتها للقاهرة. وبدأت في تصنيع عدد من السلاسل والحلقان والأساور والميداليات بمعادن وخرز مختلفة وبدأت تلفت انتباه صديقاتي وعرضت عليا صديقة أن أشارك معها في معرض للأسر المنتجة ثم زاد الطلب علي منتجاتي وأتواصل مع عدد من الورش بالقاهرة لتصنيع خامات خاصة بي من المعادن مختلفة الألوان. وتكمل قمت بعدها بتدشين صفحة علي الفيس بوك وتلقي إقبالاً من المشترين ونتمني ان يدعمنا المسئولون في شراء الخامات لبيعها بأسعار مناسبة خاصة أننا لم نحصل علي عمل حكومي. تقول ياسمين محمود "ربة منزل" أقوم بتصنيع منتجات الكوريشيه وتواجهنا صعوبات في عمل الحرف اليدوية وخاصة ان معظم اشغالنا علي الفيس بوك وبعض التجار بدأوا يتعاملون معنا لجودة الشغل ولكن عندما نحاول عمل معرض ليوم أو يومين نجد أسعاراً مبالغاً فيها بأضعاف مكسبنا. إذن لابد ان تساعدنا المحافظة واقترح ان يكون هناك مكان علي البحر في الصيف مخصص للشباب وعمل يوم للتسوق وعرض منتجاتنا قال مجدي كامل رئيس جمعية المستثمرين ببورسعيد أنا لا أري ان هناك بطالة في بورسعيد لأن فيه حوالي 16 ألف من خارج بورسعيد يعملون في منطقة الاستثمار ينقلهم 550 أتوبيساً فللاسف ان العمالة القادمة من الخارج هي خسارة علي المصنع فطاقة مصانع منطقة الاستثمار العامة بورسعيد 40 ألف تصوروا ان العامل البورسعيدي بعد القبض بأربعة أيام يحصل علي أجازة بحجة أنه تعبان؟!! وهذه ثقافة شعب لذا لابد من نشر ثقافة العمل بين طلاب المدارس وتحمل المسئولية من الصغر حيث ان الشباب والشابات يأتون من المنزلة والشرقية ودمياط والاسماعيلية من خمسة ونصف صباحاً للعمل والحقيقة ان المرتبات تبدأ من 1350 وحافز انتظام 150 جنيهاً يوصل للعامل 1700 وأنا علي استعداد ان نستبدل العمال من خارج بورسعيد بأبنائها فللاسف مدرسة الصنايع يتخرج منها حوالي 12 ألفاً من جميع التخصصات من دبلومات الصنايع والفندقة والتجارة سنوياً ولا أحد يأتي للعمل في الاستثمار.