يقدم كاتب أدب الخيال العلمي د. رءوف وصفي لهذا الكتاب الذي ألفه د. علي راشد. بأنه محاولة رائعة لتطويع الخيال في خدمة العلم. أو العكس. بداية. فإن الكتاب يقدم تعريفًا للعلم وعلاقته بالمجتمع المعاصر. ويتناول معايير المجتمعات المتقدمة والمتخلفة معلوماتيًا. الميول العلمية والاتجاهات العلمية. التفكير العلمي: طبيعته وتعريفه وخصائصه ووظائفه. أنماط التفكير العلمي. العلاقة بين التفكير الناقد والتفكير الابتكاري. الناشر: هيئة الكتاب. أرنست همنجواي في مكان نظيف ہ قد يقلل البعض من شأن الفكرة أو المضمون في العمل الأدبي. ويقلل أيضا من أهمية تناولها أو الحديث عنها عند نقد العمل. بدعوي ان الإطار أو الشكل الفني هو الأهم والأجدر بالتناول والبحث. ومع كامل احترامي لهذا الكلام أو ذلك الرأي. إلا انني أري ان فيه تحاملاً علي جدوي الأفكار أو المضامين ورميها بعدم الأهمية أو التقدير.. مما أدي بنا إلي ما نحن فيه الآن من انعدام القيم وانحدار الأخلاق والاستخفاف المشين بالمبادئ والمعاني السامية النبيلة.. بالإضافة إلي أن موهبة الأديب من الممكن أيضًا أن تتجلي وتبرز في أفكاره ومضامين أعماله والتي كلما كانت أكثر جدة وطرافة وابتعادًا عن المألوف والمطروح والمعتاد. وإضافة إلي الإنسانية والرصيد الفكري البشري علي مر التاريخ. كانت أكثر إشارة وتلميحًا إلي تميز الكاتب وتفرده إلي جانب الإطار أو الشكل الفني.. مثلما حدث مع الكاتب "أرنست همنجواي" في قصته "مكان نظيف.. مضاء جيدًا" والتي يصور فيها مشهدًا لرجل عجوز يجلس في مقهي وحيداً بعد أن خلا من زبائنه في وقت متأخر من الليل. ونري ونلمس من خلال المشهد القصصي والحوار الذي يجري فيه بين اثنين من العاملين في المقهي قدرت الظروف أن يبقيا وحدهما في هذا الوقت يراقبان العجوز الجالس بمفرده في الشرفة الأرضية منه. تضرر أحدهما منه حيث انه يريد أن يغلق المقهي ويذهب إلي بيته وفراشه وزوجته. بينما الثاني متعاطف مع الرجل العجوز ويريد أن يقدم له حسب رغبته كأسًا جديدًا وشرابًا آخر. حيث ان هذا النادل الثاني غير متزوج. ويعيش وحيدًا في بيته. ولذلك فهو ليس في عجلة من أمره مثل الأول. ومن خلال هذا التصوير للكاتب. يطرح لنا فكرة جديدة جديرة بالطرح والنقاش. يساعد علي ابرازها وتوهجها مهارته في إدارة الحدث الحوار بطريقة تعين علي اثارة الجدل النافع والاندهاش الفكري.. هي فكرة "اللا شئ" أو "اللا حدث" والتي يحتاجها كل منا أحيانا للخروج من دائرته المعتادة أو شرنقته. لكي يستمتع ويحس بالهدوء والسكينة والصفاء وقيمة التأمل عندما يتاح له بذلك الخروج المشار اليه. التواجد في جو أو حالة من النظافة والصمت والوضوح أو الخلو من الفعل والحدث. وهو ما كان يسعي اليه شخوص قصته سواء الرجل العجوز القابع وحده في المقهي أو النادل الثاني الذي يعيش بمفرده في بيته: "الأمر كله لا شيء والرجل هو أيضا لا شيء. انه فقط ذلك والضوء هو كل ما يحتاج اليه. وبعض النظافة والترتيب.. البعض يعيشون فيه ولا يشعرون به أبدًا. لكنه يعرف أن كله لا شيء في لا شئ في لا شئ". وإذا كان اللا شئ في القصة مفيدًا ومجديًا في التأمل والاكتشاف كما أراد له "هيمنجواي". فهو في قصته "أم الشاب الخليغ" شيء مخز وسيئ ومشين. فبصل هذه القصة يسعي إلي اللا شيء كنوع من الهروب من مسئولياته وواجباته. وأيضًا كسبيل مؤدي به إلي الانغماس في شهواته وغرائزه الحيوانية. مما يجعله في نظر المؤلف يقترب من الجماد أو العدم لفقده الشعور بالواجب والاحساس بالمسئولية. حتي وان كانت تلك المسئولية ممثلة في وجوب قيامه بدفن أمه. ومواراة جثتها التراب: "قلت له رأيي فيه. هناك في حي "جراند فيا" أمام ثلاثة من أصدقائه. لكنه يتحدث إليَّ الآن كلما التقيته. كما لو كنا صديقين.. ما نوع الدم الذي يصنع رجلاً مثله؟؟".