وانا في طريقي للمنزل وتحديدا في منطقة نصر الدين بالجيزة.. استوقفني هذا الشاب بعبارات جذبت انتباهي "اتفضل يا باشا.. نفعنا بأي حاجة.. اكسب فينا ثواب.. خد لك قرطاس.. القرطاس بجنيه.. أبيع بالخسارة والعوض علي الله.. "فسألته بتبيع ايه؟ ببيع ترمس يعني هاكون ببيع ايه.. ومن هنا بدأ الحوار.. محمد أحمد يبلغ من العمر 20 عاماً جاء من اسيوط علي عربة الترمس من اجل لقمة العيش يقول: والله يا باشا احنا ذقنا الأمرين في اسيوط لأنه ليس لنا أرض ولا طين ونعيش علي باب الله.. فوالدي فقير ولا يملك الا قوت يومه.. واضطررت ان اترك التعليم منذ السادسة ابتدائي حتي أقوم بمساعدة والدي في المصاريف.. فقد امتهنت كل المهن التي ممكن ان تتخيلها. حتي مهنة البائع السريع وعلي استعداد ان اعمل اي شيء مادام بالحلال. أضاف محمد: الانسان مادام يتنفس ولديه قدمين يحملونه فيجب عليه أن يعمل ويجتهد ويكافح ومهما كانت الظروف صعبة فلا نيأس ولا نتوقف ولانستسلم لها.. فوالدي يعمل بائع للخضروات وانا اعينه بعربة الترمس التي اجوب بها الشوارع شرقا وغربا بلا تعب.. حتي أنني في بعض الاحيان تتشقق قدمي من السير وتتوقف ذراعي من دفع العربة إلي الامام طوال الوقت.. ولكن ما يحزنني هو عدم الرحمة من البعض سواء البلدية أو الحي أو بعض المواطنين الذين يسخرون مني. استطرد قائلاً: علي فكرة يا استاذ.. انا بحب الترمس جداً.. لذلك أنا أفطر واتغدي وأتعشي منه.. وفي نفس الوقت نوعاً من التوفير.. هنجيب منين يا استاذ.. الحياة بقت صعبة والغلاء واكل الناس.. حتي الليمون لا استطيع احضاره لأن الكيلو وصل 25 جنيها.. "طب اجيب منين؟" اضاف محمد: لنا عربة ترمس كنت اسرح بها ولكن قامت البلدية بأخذها وموقفه علي مبلغ 100 جنيه حتي أستعيدها.. وكل ما اتحصل عليه اعطيه لوالدي حتي يصرف علي اخواتي وأمي.. فلماذا يعاملوننا هكذا؟ عربة خشبية عليها ترمس كيف احضر لها رخصة أو اوراق.. هل هذا معقول؟