** احتفلت مصر أمس الأول بالذكري ال "28" لتحرير طابا وعودتها إلي حضن الوطن بعد معركة حامية الوطيس بين مصر والكيان الصهيوني الذي ظل يراوغ بكل الأساليب لعدم الانسحاب من مثلث طابا.. واستمرت مراوغات العدو الصهيوني لمدة "7" سنوات من أواخر عام 1981 إلي أن تم استردادها بالتحكيم الدولي في واحدة من أبرع المعارك الدبلوماسية والقانونية بفضل وبراعة وحنكة فريق الدفاع المصري الذي أثبت للعالم أجمع أن المصريين لا يفرطون في حبة رمل واحدة من تراب الوطن الغالي. وسيظل التاريخ يذكر بالفخر يوم 19 مارس عام 1989 حين ارتفع العلم المصري مرفرفا خفاقا علي أرض ¢طابا¢ معلنا عودتها لحضن الوطن. وربما لا يعرف بعض أبناء هذا الجيل أن الكيان الصهيوني أصر علي عدم الانسحاب من طابا تنفيذا لاتفاقية السلام التي وقعها الرئيس الراحل محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ¢بيجن¢ بفندق مينا هاوس بحضور الرئيس الأمريكي ¢آنذاك¢ جيمي كارتر.. وبالفعل انسحبت القوات الإسرائيلية من سيناء علي ثلاث مراحل.. كانت آخرها في يناير 1980.. وعادت سيناء شمالا وجنوبا عدا منطقة ¢طابا¢ التي تطل علي رأس خليج العقبة.. وظل الكيان الصهيوني يراوغ في الانسحاب من طابا معتمدا علي ما فعله بالمنطقة خلال فترة احتلاله لها بتغيير العلامات الحدودية التي تحدد الحدود الدولية بين مصر وفلسطين ¢تحت الانتداب¢ وعددها "91" علامة.. وتمسك الكيان الصهيوني بأن عدد العلامات الحدودية "90" علامة فقط. وأمام الإصرار المصري علي عدم التنازل عن طابا مهما طال الزمن والمفاوضات اضطر الكيان الصهيوني إلي القبول بمبدأ التحكيم الدولي.. وأعلن موافقته علي قبول التحكيم في 13 يناير 1986. وكانت مصر مستعدة جيدا لكل الاحتمالات والسيناريوهات.. لذا شكلت فريقا للدفاع ضم "24" خبيرا بينهم "9" من اقطاب الفكر القانوني من بينهم الدكاترة وحيد رأفت وحامد سليمان ومفيد شهاب و"2" من علماء وأساتذة الجغرافيا والتاريخ منهما يونان لبيب رزق و"5" من أكبر الدبلوماسيين بوزارة الخارجية و"8" من العسكريين وخبراء المساحة العسكرية.. وقدمت هيئة الدفاع المصرية آلاف الوثائق والخرائط والمذكرات والأسانيد القانونية والتاريخية والجغرافية التي تؤكد حق مصر التاريخي في منطقة طابا. وفي يوم 19 مارس 1989 استعادت مصر منطقة طابا الغالية العزيزة علينا جميعا وعادت إلي السيادة المصرية ووجهت قواتنا المسلحة الباسلة التحية إلي الشعب المصري الأبي معلنة السيادة الكاملة علي تراب الأم الرؤوم مصر الحبيبة وتحول هذا اليوم إلي عيد لمصر كلها وعيد قومي لمحافظة جنوبسيناء بعد كفاح ونضال وإرادة وتحد استمر لمدة "22" عاما لتعود أرض الفيروز كاملة متكاملة إلي التراب الوطني.. لقد اعطت مصر درسا في الشرف والكرامة لاسترداد آخر كيلو متر من أرض سيناء بكل بسالة وشجاعة. لقد هتف أعضاء الوفد المصري في مقر المحكمة الدولية في جنيف بالقاعة التاريخية أمام هيئة التحكيم بعد النطق بالحكم: ¢الله اكبر وتحيا مصر وطابا مصرية¢. لقد اثبتت مصر للعالم أجمع ان أبناءها المخلصين الأوفياء لا يفرطون في حبة رمل واحدة من تراب هذا الوطن الغالي.. وانهم مستعدون للتضحية بأرواحهم ودمائهم دفاعا عن ترابها المقدس.. وكما انتصر المصريون علي العدو الصهيوني في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973.. انتصروا أيضا في معركة الدبلوماسية والحق والعدل في 19 مارس 1989.. وأعادوا طابا التي احتلفنا بالذكري ال "28" لعودتها. واليوم يواصل رجال قواتنا المسلحة البواسل والشرطة الأبطال تطهير شمال سيناء من الإرهاب الأسود الدموي البغيض الذي زرعته الجماعة الإرهابية.. وبإذن الله انا لمنتصرون. وتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.