جاءت زيارة الرئيس الامريكي باراك أوباما للهند وأندونيسيا وكوريا الجنوبية كدليل جديد علي أن الغرب وفي مقدمته الولاياتالمتحدة يتجه شرقاً ضمن العديد من المؤشرات علي أن القرن الحالي سيكون آسيويا بامتياز بينما تصر بعض الدول كما هو الأمر بالنسبة لدول الشرق الأوسط علي أن القمة يجب أن تكون غربا !! ولا شك أن المستهدف من رحلة اوباما الي آسيا هو دعم العلاقات الاقتصادية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول الاقتصاديات النامية باطراد في وقت تأخذ فيه الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية الغرب عموماً وأمريكا خصوصاً حيث تعتبر واشنطن وكافة العواصمالغربية هذه الاقتصاديات طوق النجاة الوحيد المتاح أمامها للخروج من أزمتها الراهنة التي ألقت بظلال كثيفة من الشك علي النظامين المالي والاقتصادي العالميين بل علي أسس الفلسفة الرأسمالية ذاتها بعدما ظن الجميع أنها انتصرت علي ما عداها من فلسفات وستبقي منتصرة حتي النهاية. مع ذلك فإن أجهزة الإعلام الشرق أوسطية وخاصة العربية منها تجاهلت تقريباًَ هذه الدلالة الواضحة التي اعترف بها أوباما وقادت الغرب جميعاً وركزوا كالعادة علي عدة مقولات إنشائية عرضت لها تصريحات الرئيس الأمريكي وخطاباته أثناء الزيارة وخاصة ما يتعلق منها بموقف أمريكا من الإسلام والمسلمين حيث أكد مجدداً علي أن بلاده لا تخوض ولن تخوض حرباً ضد الإسلام والمسلمين ولكن ضد من وصفهم بالمتطرفين منهم كالقاعدة وأخواتها مشيراً إلي أن ترميم العلاقة بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامي يعد من أولويات إداراته الحالية وهو الأمر الذي يعتبر بشكل أو آخر امتداد للغة الخطاب الذي ألقاه في جامعة القاهرة في الرابع من يونيو عام 2009. الذي لا شك فيه بمقياس الأفعال وليس الأقوال أن إدارة أوباما فشلت فشلاً ذريعاً في تحويل هذه التصريحات التي تدغدغ مشاعر السذج من المسلمين إلي واقع ملموس حيث لا تزال قوات أمريكا المسلحة تحتل العراق وأفغانستان بينما تعبث أجهزة مخابراتها فساداً في السودان والصومال ولبنان وتعمل ضد سوريا وإيران غيرها من الدول الإسلامية دون مواربة ويضاف إلي ذلك موقف واشنطن المخزي من القضية الفلسطينية التي يكاد يتم تصفيتها لحساب إسرائيل بدعم ومساندة واشنطن عسكرياً وسياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً وليراجع من يشاء مواقف أمريكا الرسمية من الاعتداءات والمجازر اللاإنسانية علي الشعب الفلسطيني ومؤيديه والمتعاطفين معه في المحافل الدولية وسيكتشف بغير مجهود يذكر أن إدارة أوباما لا تختلف بالمرة عن بقية الإدارات الأمريكية السابقة فأين هو هذا التغيير الذي صدع أوباما رأسنا به منذ ان جاء للحكم منذ سنتين حتي الآن ..؟؟ لا شك أن إدارة أوباما الذي يتحدث عن علاقات جيدة مع العالم الإسلامي ستواجه خلال العامين المتبقيين علي انتهاء ولايته الحالية صعوبات وعقبات أكبر وذلك بعد نجاح الجمهوريين في الحصول علي الأغلبية في مجلس النواب من خلال انتخابات التجديد النصفي التي جرت في الثاني من الشهر الحالي حيث يعرف الجميع أن توجهات الجمهوريين تتناقض تماماً مع هذا التوجه الذي يحاول أوباما اقناعنا به كلاماً بينما يخالفه هو نفسه أفعالا ومواقف واضحة لا تقبل التأويل. وواضح أن هؤلاء الذين يطبلون ويزمرون ويضخمون مثل هذه التصريحات المخادعة التي لا تستند إلي أي شواهد من الواقع اما أنهم عملاء للولايات المتحدةالأمريكية أو من المخدوعين فيها وإما من العالمين بحقيقة الوضع ولكنهم يتشبثون بها استهلاكا للوقت وهروباً من المسئولية حيث لا يملكون أي بديل للفعل حتي لو كان في ذلك خطر داهم علي دولهم وشعوبهم وربما هم أنفسهم باعتبار أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لا صديق لها. إن التعليقات والتحليلات التي صدرت وستصدر حول تصريحات أوباما القديمة والجديدة علي السواء يجب أن تركز أساساً علي المقارنة بين الأقوال والأفعال إذ ان الأفعال أهم وما أسوأ ما تفعله أمريكا بالعرب والمسلمين حتي الآن وهو مسجل بالصوت والصورة. لقد كانت إدارة جورج بوش الصغير التي توصف حتي من قبل الأمريكين أنفسهم بأنها أسوأ إداره في تاريخ أمريكا وربما العالم كانت أكثر صراحة وشفافية من إدارة أوباما حيث أعلنت مراراً وبوضوح شديد مخططها ضد الإسلام والمسلمين وكل من تظن أنه يعارض أو ربما سيعارض أمريكا الطامحة للهيمنة علي العالم ولو بالقوة العسكرية. من ثم يمكننا ان نسجل هاهنا ان إدارة أوباما أسوأ بكثير من سابقتها حيث تقول أشياء مناقضة لما تفعله وما تفعله هو بالتأكيد ما كانت تسعي اليه ادارة بوش غير المأسوف عليه وخاصة في الشرق الاوسط. إنها تنفذ بدقة مخطط الشرق الأوسط الجديد بنداً بنداً وتعمل علي تفتيت وتقسيم الدول العربية والإسلامية الكبيرة بكل الطرق الممكنة وإن أنكرت ذلك وربما يكون ما يحدث في السودان الآن هو خير دليل وتلك هي الخطورة التي تمثلها هذه الإدارة الخادعة.