وجهت الإعلامية الشهيرة السؤال لعدد من وزراء الحكومة في إطار يبدو أنه توجيهي من جانب الدولة لبث بعض الأمل في نفوس الناس التي يلفها اليأس والإحباط. علي خلفية اشتعال الأسعار في كافة نواحي الحياة. إجابات متنوعة أدلي بها وزراء المالية والاستثمار والبترول والتضامن الاجتماعي والنقل ولم يكن من بينها إجابة واحدة يمكن أن تشفي غليل المواطن أو تترك في نفسه أي أثر إيجابي من أي نوع يمكن أن يحمل له بعض التفاؤل في العام الجديد. كلام الوزراء المعاد والمكرر لم يتغير. مشروع قانون الاستثمار الجديد والذي تعتبره الحكومة المفتاح السحري لتدفق الاستثمارات. برامج تكافل وكرامة والتي تراهن عليها الحكومة لحماية الفقراء في الوقت الذي زاد فيه عدد الفقراء وتعمق خط الفقر بعد تعويم الجنيه بما يتجاوز بكثير قيمة معاش تكافل وكرامة. مشروعات الطرق التي يجري تنفيذها وتركز علي العواصم والمدن من دون القري والنجوع. حقول الغاز التي يتم التنقيب عنها لكنها أبداً لم تسهم في فرملة أسعار الوقود. السندات التي تنوي وزارة المالية طرحها في يناير ثم أجلت الموعد للمرة الثانية ليصبح في فبراير المقبل وعلي الرغم من أنها قد تزيد موارد النقد الأجنبي إلا أنها في ذات الوقت تسهم في زيادة أعباء المديونية الخارجية. لم يتحدث أي من الوزراء الخمسة من قريب أو بعيد عن مشاكل المواطنين وهل يحمل العام الجديد أملاً للناس في تخفيف الأعباء المعيشية الجسيمة التي يواجهونها منذ تعويم سعر الصرف. أو عن أية حدود أو آفاق متوقعة لسعر صرف الجنيه بعد أن اقترب من سقف ال 20 جنيهاً.. ولم يبشرنا أحد منهم بقرب انتهاء موجات الغلاء المتلاحقة. للأسف الأخبار التي تتواتر عن الحكومة خلال العام الجديد تحمل رسالة واضحة ومحددة وهي أن الغلاء مستمر. ففي قطاع الدواء وافقت الحكومة مؤخراً علي رفع أسعار نسب من الدواء المحلي والمستورد بنسب تتراوح بين 50% و30%. وفي مجال الغذاء قامت الحكومة برفع أسعار اللحوم السودانية من 60 إلي 75 جنيهاً بنسبة 25% لتتلقف الرسالة منافذ القطاع الخاص لترفع أسعار اللحوم إلي 120 جنيهاً للكيلو كما رفعت الحكومة أسعار السكر إلي 10.50 جنيه دون أن توفره سواء في التموين أو في السوق الحر كما بدأت غالبية شركات القطاع الخاص الإعلان عن أسعار العام الجديد بزيادات جديدة تتراوح بين 20% و30% ومنها شركات منتجات الألبان التي أعلنت جداول الزيادة للمرة الثانية وربما الثالثة منذ التعويم. حتي المنتجات المحلية التي تكفي الاستهلاك المحلي مثل الأرز الذي يحقق فائضاً بنحو مليون طن فرغم أننا في عز موسم إنتاج الأرز بدت في الأفق أزمة أرز أدت إلي رفع أسعاره لنحو 10 جنيهات. أما بديل الأرز وهو المكرونة فقد ارتفعت هي الأخري. لتر الزيت تجاوز ال 22 جنيهاً ورغيف الخبز غير المدعوم أبو 25 قرشاً كاد يختفي من الأسواق بعد أن انخفض وزنه لأقل من النصف. وبعيداً عن السلع الغذائية نجد الصورة حالكة السواد في كافة الأسواق الأخري سواء السلع أو الخدمات وأخطرها قطاع التعليم الخاص الذي لجأت إليه شرائح من الطبقة الوسطي بعد أن أهملت الدولة قطاع التعليم وتجاهلت الاستثمار في البشر وقامت هذه الطبقة بالدور الذي كان يجب أن تقوم به الدولة لكن الأخيرة لم "ترحم ولا تسيب رحمة ربنا تنزل" فجاء تعويم الجنيه لتقوم المدارس الخاصة بزيادة مصروفاتها في غياب تام لرقابة الدولة. ولم يعد أمام هذه الأسر سوي حرمان أبنائها من التعليم الجيد إلي تعليم أقل جودة وأقل تكلفة. لا نريد أخباراً سعيدة.. فقط "ابعدوا عن جيوبنا" في العام الجديد.