منذ نهاية الحرب العالمية الثانية والسينما الغربيةوالأمريكية لم تتوقف عن إنتاج الأفلام التي تتناول المأساة التي جرت لليهود إبان الحرب علي يد النازية الألمانية وداخل ما اصطلح علي تسميته "معسكرات الإبادة". أول الأفلام التي تناولت هذه المأساة فيلم للممثل والمخرج الأمريكي أورسون ويلز بعنوان "الغريب" عام 1946. تضمن الفيلم لأول مرة مشاهد لمعسكرات الاعتقال التي راح ضحيتها المئات من اليهود. ويقال الآلاف. علماً بأن هذه المعسكرات كانت تضم ضحايا من غير اليهود أيضاً ومن شرق وغرب ووسط أوروبا. ومنهم كاثوليك وبروتستانت ولكن آلة الإعلام الصهيونية الجبارة. ومن بينها السينما الأمريكيةوالغربية اختزلت جميع الجنسيات في "الديانة اليهودية". ومنذ عام 1947 ولم تخل حقبة زمنية من عدد من أفلام "الهولوكست" حتي أصبحت تشكل تياراً متصلاً وقوياً لأفلام من كل دول أوروبا وأمريكا وحتي اليابان والاتحاد السوفيتي وروسيا وتشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا وبولندا والمجر. وإلي جانب الأفلام التي تعد بالمئات وأغلبها روائية ومنها أفلام تسجيلية صدرت أعداد كبيرة من الكتب والدراسات وأقيمت المتاحف. ومنها المتحف الذي أعده المخرج اليهودي الأشهر "ستيفن سيلبرج" إلي جانب الأرشيف. أيضاً المحاكمات وقضايا التعويضات مازالت مستمرة ليس فقط للضحايا وإنما لأسرهم وللورثة الذين لديهم ما يؤكد وقوع مظالم وضحايا بين ذويهم إبان سنوات الحرب. وتضمن هذا التيار من أفلام "الهولوكست" أعمالاً قوية جداً علي المستوي الفني والموضوعي وكثير مناه حظي بجوائز المهرجانات الكبري وجوائز الأوسكار. آخر هذه الأعمال فيلم بعنوان "ابن سول" وقد عرض في العام الماضي 2015 من خلال مهرجان كان السينمائي وحصل علي جائزة السعفة الذهبية إلي جانب جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي. ومخرج الفيلم يهودي مجري اسمه لازلو نيمس 39 سنة وهذا هو أول أفلامه الروائية الطويلة. وتدور أحداث الفيلم عام 1944 داخل معسكر الإبادة "أوشفيتز" المكان الذي شكل خلفية للعديد من أفلام هذا التيار. وبطل الفيلم سول عضو في فرقة مكلفة بحرق الجثث بعد موتها داخل غرفة الغاز. وأعضاء هذه الفرق يتم اختيارهم بين النزلاء اليهود. وتكليفهم قصراً بحرق جثث زملائهم المساجين داخل الأفران الخاصة بذلك.. وهؤلاء يواجهون نفس المصير ولكن بعد انتهاء المهمة التي يكلفون بها وبعدها يتم التخلص منهم بنفس الطريقة واستبدالهم بآخرين سريعاً حتي لا يكونوا شهوداً علي ما يدور داخل المعسكر. ومن وسط الجثث يكتشف سول جثة ابنه ويصبح مهموماً بكيفية توفير عملية دفن علي الطريقة اليهودية وهو نفس الوقت عليه أن يختار بين إنجاز هذه المهمة وبين الاشتراك في الثورة التي يعد لها النزلاء اليهود ضد المعسكر وحراسه. موضوع الفيلم مروع بالفعل ويمثل بالنسبة للمتفرج تجربة صعبة ومثيرة للألم والغضب وهو رغم ذلك من الأفلام قليلة التكلفة نسبياً فقد تكلف حسب البيانات المنشورة مليوناً ونصف المليون دولار والفيلم تستمر أحداثه علي امتداد يوم ونصف اليوم من حياة البطل سول أوسلاندر أحد النزلاء اليهود في معسكر أوشفيتز الذي يجد نفسه ضمن الوحدة المكلفة بنقل آلاف اليهود إلي حجرات الغاز لمواجهة الموت. خادعاً إياهم بأنهم ذاهبون للاستحمام فقط. ثم بعد ا لموت يحمل جثثهم إلي المحرقة والتخلص من الرماد المتخلف من عملية الحرق. وذلك مقابل عدة أشهر يعيشها قبل أن يواجهون نفس المصير علي أيد فرقة أخري تتولي نفس المهمة من نفس النزلاء. مخرج الفيلم يهودي راح كثير من عائلته ضحية معسكر أوشفيتز وقد استوحي موضوع فيلمه من كتاب "أصوات من تحت الرماد" الذي يعتمد علي شهادة أعضاء من عملوا في هذه الفرق المسماة "سوندر كوماندو" والكتاب صدر عن متحف شوها shoa memorid لتخليد ضحايا الهولوكست والجدير بالاهتمام هذه القدرة غير المحدودة لاستثمار المأساة غير الإنسانية التي راح ضحيتها الآلاف اليهود. والتذكير الدائم بها من خلال عشرات الوسائط الإعلامية "كتاب. تذكرات. صور. متاحف. أفلام. جوائز عالمية. مهرجانات. مناهج دراسية. إلخ" وذلك حتي لا تنسي الأجيال المتعاقبة من اليهود وغير اليهود وحتي لا ترتاح ضمائر الدول الأوروبية وحتي تظل الهولوكست المأساة الإنسانية الدامية التي لا ولن يتوقف نزيفها حتي آخر الزمان. والمفارقة أن اليهود أنفسهم قد حولوا وطناً بأكمله إلي معسكر اعتقال كبير لا يقل شراسة ووحشية عن أوشفيتز وشوها منذ أكثر من 60 سنة.. الخ والفلسطينيون الضحايا أو نسبة علي الأقل صاروا أداة باطشة لتحقيق مآرب الصهيونية وليس لاستخلاص حقوقهم وتحرير بلادهم بينما الصهيونية باتت سرطاناً يفتك بسكان الأرض.