خلقت الحكومة أزمة لم تنته بعد بقرارها المفاجئ إعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك.. ثم جاء تعاملها مع الأزمة ليكشف أنها تتبع سياسة عجيبة تعتمد علي اتخاذ القرار أولاً. ثم دراسة آثاره بعد ذلك. أي أنها تتعامل مع الأمور الحيوية بالمقلوب في حين أن أبسط قواعد اتخاذ أي قرار هي دراسته من كل الجوانب أولاً. وعلي قاعدة من المعلومات والأرقام والنسب.. ثم وضع تصور لكل الاحتمالات. وردود الأفعال المتوقعة. وكيفية التعامل معها. أولاً الحكومة اتخذت القرار ليتم تنفيذه بأثر رجعي دون أن تقدم أسباباً أو تفسيراً للقرار أو للتطبيق بأثر رجعي!!.. أثار القرار ضجة شديدة. واعتراضاً من منتجي الدواجن وتأكيدهم أن القرار يمثل تهديداً صريحاً لصناعة الدواجن وبدأت كل وسائل الإعلام في مناقشة القرار. بينما الحكومة غائبة تماماً ولا حس ولا خبر. كما يقول المثل الشعبي!!.. بعد ذلك بثلاثة أيام جاء صوت المتحدث الرسمي لمجلس الوزراء عبر إحدي الفضائيات الخاصة ليوضح أن الأسباب ترجع لرغبة الحكومة في الحفاظ علي أسعار الدواجن المستوردة دون زيادة بعد تعويم الجنيه عن طريق تعويض الزيادة الناتجة عن ارتفاع الدولار بإلغاء الجمارك. كلام المتحدث الرسمي جاء متأخراً. وهو وإن حمل منطقاً إلا أنه طرح العديد من الأسئلة تبين أن إجابتها ليست عند الحكومة للأسف. والأهم أن إجابتها تجرد القرار من المنطق!!.. فهل تعلم الحكومة أن صناعة الدواجن من الصناعات الراسخة والناجحة التي يعمل بها ما يقرب من ثلاثة ملايين عامل. وأن ثلثي المستثمرين في هذا المجال من الصغار والمتوسطين. أي أنها في غالبها صناعات صغيرة ومتوسطة تنتظر التشجيع مع الحكومة لا المحاربة بتشجيع المستورد؟!.. هل تعلم الحكومة أن هذه الصناعة تغطي حوالي 90% من احتياجات السوق المحلي وبالتالي فإن المطلوب استيراده فقط هو ال10% الباقية. وبالتالي يكون الإعفاء من الجمارك دون تحديد حصص للمستوردين يعني إغراق السوق بالمستورد وقتلاً متعمداً للصناعة المحلية!! هل تعلم الحكومة أيضاً أن مدخلات الإنتاج من أعلاف وأدوية بيطرية وغيرهما مستوردة وزادت أسعارها بعد تعويم الجنيه وأن إعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك دون معاملة مستلزمات الإنتاج المحلي بالمثل. يعني خلق منافسة غير عادلة ولصالح المستورد؟!.. كذلك هل تعلم الحكومة أن معظم الدواجن المستوردة تكون من المعروفة بغسيل الثلاجات. أي الإنتاج الراكد الذي لم يتم بيعه في بلاده. وبالتالي يكون له عائده السلبي علي الصحة وله فاتورته أيضاً علي الدولة. وإن كانت علي المدي البعيد؟!! من الواضح أن هذه المعلومات كانت غائبة عن الحكومة وهي تتخذ القرار المتسرع بإعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك دون ضوابط.. الدليل علي ذلك أنها بعد أربعة أيام كاملة من القرار وبعد اعتراض المنتجين عقدت اجتماعاً مع اتحاد المنتجين وطلبت من المهندسة مني محرز. مدير عام الاتحاد قاعدة بيانات كاملة عن صناعة الدواجن التي أسرعت بإعدادها وعادت بنفسها إلي مقر الحكومة لتقديمها.. هذا ما قالته مني محرز في أحد البرامج!! معني ذلك أن الحكومة تتخذ القرارات دون أن تبنيها علي معلومات ودون أن تتوقع آثارها بشكل علمي.. والنتيجة ما نراه من آثار للقرارات قد تصل إلي حد الكارثة.. تصريحات المتحدث الرسمي لمجلس الوزراء كانت يجب أن تكون مصاحبة للقرار والاجتماع مع اتحاد منتجي الدواجن. كان يجب أن يسبق اتخاذ القرار.. لكن الحكومة تتعامل بالمقلوب!!