د.محسن شلبي المفكر السياسي والاقتصادي صاحب تجارب وخبرة طويلة منها 37 عاماً قضاها علي المستوي الدولي نائباً لرئيس مجلس ادارة احدي كبري الشركات العالمية متعددة الجنسيات في صناعة الدواء وقام بتأسيس اعمال ناجحة جداً في اكثر من 22 دولة في اوربا والشرق الاوسط وافريقيا.. سألناه عما يحدث في سوق الدواء ونقص الادوية وشكوي المواطنين ومستقبل الصناعة وما هو المخرج.. فكان هذا الحوار الهام والخطير فإلي نص الحوار: * ماذا يحدث في سوق الدواء؟! ** باختصار شديد.. الحكومة تقوم بعملية قتل مع سبق الاصرار والترصد لصناعة الدواء وهي تمهد للقضاء تماماً علي هذه الصناعة التي بدأت بقوة في الخمسينات واستمرت حتي نجحت في تحقيق 97% من احتياجات المواطنين.. والنتيجة الحتمية اذا ما استمرت الحكومة في سياستها هذه اغلاق العديد من مصانع وشركات الادوية لابوابها وتشريد وتسريح العمالة التي لن تجد مجالاً آخر تعمل فيه لان كل خبرتها في مجال الدواء سواء تصنيعاً او تسويقاً مع ما يترتب علي هذا التسريح للعمالة من مخاطر البطالة واقلها الانتشار في الشوارع وربما الانخراط في الارهاب. * ولماذا كل هذا؟! ** القضية بدأت بقيام الحكومة بتعويم الجنيه والقرار في حد ذاته ليس مشكلة بل هو اجراء اقتصادي صحيح انا معه وتأخر طويلاً ولكن المشكلة ان الحكومة لم تتعامل مع توابع هذا التعويم بالشكل الصحيح والسليم فالمعروف ان بعد زيادة سعر الدولار ارتفعت الاسعار باكثر من ثلاثة اضعاف بالنسبة لشركات الدواء وهي اسعار المواد الخام التي يتم استيرادها بالكامل من الخارج علاوة علي اسعار مواد التعبئة.. ناهيك عن اسعار الالات التي اصبحت جنونية وتقف عائقاً امام احلال وتجديد الماكينات التي تنتج الادوية بما يجعل الاحلال والتجديد مستحيلاً ناهيك ايضاً عن زيادة اسعار الجمارك.. اضف إلي هذا التكلفة الفعلية لمندوبي المبيعات حيث تصل تكلفة المندوب الواحد حوالي 12 الف جنيه من مرتب إلي قسط سيارة يستعملها إلي حوافز بيع إلي مصاريف تليفون محمول وكل شركة لديها من 300 إلي 700 والمعروف ان كل شركة تعمل وفقاً لمبدأ الارباح والخسائر ويوجد لكل صنف او مستحضر حساب ارباح وخسائر وللعلم فإن هناك بعض الاصناف تم التوقف عن تصنيعها تماماً واصبحت غير متوفرة منذ زمن لانه كان يتم حسابها ايام كان سعر الدولار 3.75 جنيه وظلت تقام حتي وسعره 8.80 جنيه ولكنها لم تستطع الصمود بعد وخرجت من السوق وفي الطريق اصناف كثيرة مما يزيد من معاناة المريض المصري في الوقت الحاضر والمستقبل القريب جداً وللعلم هناك شركات كبيرة ترفض اخراج المواد الكيماوية من الجمارك وتبحث اعادة تصديرها للخارج مرة اخري لانها لاتتحمل الجمارك بسعر الدولار 18 جنيهاً كما ان هناك شركات عالمية تفكر جدياً في اغلاق مصانعها. * والحل؟! ** لا حل سوي الذي طرحه العاملون والعارفون بمجال صناعة الدواء سواء غرفة صناعة الدواء او نقابة الصيادلة وغيرهم وهو يتلخص في الزيادة الفورية لاسعار الدواء بنسبة من 10 إلي 15% مؤقتا علي ان يتم زيادة الاسعار مرة اخري كل ثلاثة شهور بنسبة 10% حتي نصل إلي زيادتها بنسبة 45% خلال عام حتي يمكن للشركات الاجنبية والمحلية العمل وتلبية احتياجات المريض المصري او اللجوء إلي اعطاء حوافز لشركات الادوية تتمثل في الاعفاء الضريبي التام لمدة ثلاث سنوات علي الاقل او الاعفاء من ضريبة المبيعات او القيمة المضافة او تخفيض الجمارك بشكل كبير مع ضرورة اعادة النظر في لجان تسعير وتسجيل الادوية.. هل تعلم ان هناك بعض الاصناف تدخل إلي البلاد تحت بند مستحضرات تجميل ولكنها تستعمل في اشياء في منتهي الخطورة والاهمية كأدوية واليوم تحول الجمارك العالية دون دخولها.. وهل تعلم ان لجان التسعير تعتمد الفهلوة اسلوب عمل حيث ترفض الاعتراف بالمستندات الحقيقية لتكلفة الدواء رغم اسعار المواد الخام سهل الحصول عليها عالمياً وهي منشورة علي المواقع والنت وتستمر في الفصال مع الشركة المنتجة التي تريد البيع مثلاً بسعر 30 جنيهاً للصنف وتقوم هي بالاعتراض وتقول 10 جنيهات لكي يتم الاخذ والرد حتي تصل إلي سعر 20 جنيهاً مثلاً وهي تقوم بحساب الارباح علي اساس سعر المصنع مما يجعل الارباح تتلاشي تماماً لذا يجب إلغاء اللجان الكثيرة علاوة علي صعوبة بل واستحالة تسجيل اصناف جديدة حيث تستغرق هذه العملية سنوات مما يعود بالضرر علي الشركات والمواطن. * ولكن وزير الصحة يقول ان هناك شركات تربح 2000%؟! ** للاسف هذا الكلام غير دقيق فلا توجد شركة محلية تربح 2000% علي الاطلاق وربما يقصد الوزير الشركات الدولية متعددة الجنسيات والذي لايعلم الكثيرون واعلمه انا بحكم خبرتي ومناصبي السابقة ان ال 2000% ليست ارباحاً لان المسألة ببساطة ان الشركات الدولية تصرف من 10 إلي 15% من حجم مبيعاتها علي الابحاث وقد يستغرق الامر الصرف سنوات علي ابحاث لانتاج مستحضر جديد وعندما تقوم الشركة بتسجيله وانتاجه وتسويقه فإنها تعرضه بسعر غال لتعويض ما تم صرفه من أبحاث تنتهي ان شركة تبيع صنف معين ب 40 مليار دولار فإنها تكون قد صرفت من 4 إلي 6 مليار أبحاثاً سنوية وبعد تعويض هذه الاموال تقوم ببيع المستحضر بسعر اقل فيعتقد البعض ان ما سبق كان ارباحاً. * ولكن الحكومة اعلنت التحدي وقررت استيراد الادوية؟! ** هل تعلم كم صنفاً قررت الحكومة استيرادها انها 146 صنفاً من اجمالي 15 الف صنف يستعملها المرضي في مصر والغريب ان الحكومة اعلنت ان الادوية المستوردة تباع بأسعار تصل الزيادة منها إلي حوالي 40% فهل هو حلال علي المستورد من الخارج حرام علي من يقوم بانتاج 97% من احتياجات المواطن والوطن؟! * ولماذا لانقوم نحن بتصنيع الدواء؟! ** نحن للاسف لاتوجد لدينا صناعة دواء حقيقية.. نحن لدينا صناعة تعبئة دواء.. لان الاستثمار في صناعة المواد الخام يشترط ان يكون هناك استهلاك في السوق المحلي يتحمل الانتاج الكبير ثم بعد ذلك يتم التصدير.. هي انك تريد انتاج صنف معين لعلاج القلب مثلاً يجب ان يكون السوق المحلي قادراً علي استيعاب انتاجك الذي يجب الا يقل عن الف طن وهذا ما لايتحمله السوق المصري نظراً لوجود اصناف متعددة.. لذا نجحت صناعة الدواء في الصين والهند حيث لايمكن منافستهما من حيث المواد الخام والتكلفة الرخيصة من عمالة وخلافه لذا يجب علينا وضع خطة نبدأ بانتاج مستحضر او 2 او ثلاثة والتوسع مستقبلاً. * واذا لم يستمع المسئولون؟! ** للاسف كما قلت الكارثة قادمة واغلاق الشركات والمصانع قادم فلا احد يستطيع تحمل الخسارة لمدة طويلة وللعلم ايضاً ستتأثر المؤتمرات والابحاث العلمية في مصر بالسالب حيث يتم الصرف علي هذه المؤتمرات الطبية والابحاث العلمية من شركات الادوية.. والمواطن سيدفع الثمن في كل الاحوال ولاعزاء للصناعة الوطنية للدواء!!