في الوقت الذي يبحث فيه المواطنون عن رغيف العيش, نجد المريض في واد آخر باحثا عن الدواء, فهي رحلة أمل يتمني أن يصل إلي نهايتها وهي الحياه6 أحرف تعني له الكثير فهو لم يتخيل يوما أن ينصرف من البحث عن رغيف العيش إلي البحث عن الدواء فإلي أين ستأخذنا تلك الأزمة الجديدة التي تفجرت دون سابق انذار. أرجع الدكتور محمود فتوح نقيب الصيادلة الحكوميين مشكلة نقص الدواء التي تأخذ اجراءات الاستيراد وانهاء تراخيص تسلم المواد الخام المستوردة من الجمارك حيث تستغرق وقتا كبير جدا مما يترتب عليه فساد بعضها, وتأخير تسليم الحصص للمصانع, وبالتالي تأخير صناعة الدواء وتوزيعه. بالاضافة إلي مشكلة أخري وهي أن هناك عدة أصناف من الدواء التي تحتاج إلي تحليلها عقب صناعتها, وقبل توزيعها علي الشركات الا أنها تفقد صلاحيتها نتيجة بقائها لفترات طويلة بالمخازن نظرا لعدم توافر الأدوات, والأجهزة اللازمة لتحليلها. وأوضح أن هناك العديد من المصانع التي توقفت عن انتاج العديد من اصناف الدواء وخاصة ذات الأسعار الرخيصة نتيجة لارتفاع أسعار المواد الخام التي تستوردها من الخارج بسبب ارتفاع سعر الدولار الذي يؤثر بشكل مباشر علي عملية صناعة الدواء. فمعظم أنواع الدواء مسعرة جبريا منذ25 عاما تقريبا وتتراوح أسعارها من60 قرشا لحد أقصي5 جنيهات علما بأن المادة الخام التي تصنع منها هذه الأدوية ارتفعت أسعارها بنسبة20% عالميا. واتهمت النقابة الشركات متعددة الجنسيات بأنها سبب أزمة نقص الأدوية في الأسواق المصرية نتيجة وجود صعوبات في استيراد الدواء ورفض الشركات الأجنبية التوريد لمصر الا بشروط مجحفة إلي جانب رفع اسعار المادة الخام المستوردة, وأضاف انه يتم الان عمل حصر للأدوية الناقصة في السوق المصرية لمعالجة الأزمة. ويشير الدكتور وجدي أبو المعاطي وكيل شعبة الدواء بالقاهرة أن الأزمة أزمة عملة فاذا تم تشغيلها فسوف تتوافر الأدوية لأننا سنتمكن من استيرادها واستيراد المواد الخام لتصنيعها, حيث نعاني من قيود الاستيراد نتيجة قفز سعر الدولار غير المسبوق.. الجنيه المصري موجود ولكن ليس له قيمة. مشيرا إلي أن المصانع من حقها أن تتوقف فكيف تعمل بدون المواد الخام التي عجزت عن استيرادها, كنا نبحث عن رغيف العيش أمس وأصبحنا الان نبحث عن الدواء ويجب أن ننادي الان علاج, حرية, عدالة اجتماعية فالدواء أهم من العيش فالناس عندما لا تجد الخبز سوف تجد بديلا تأكله وانما في الوقت الذي يختفي فيه الدواء ترتفع أسعار بدائله فلا يتمكن المواطن البسيط من شرائه ليتمكن المرض من جسده النحيف ويقضي عليه قبل أن تصل الحكومة إلي الحل. واستكمل قائلا أن الحل الوحيد هو تعاون الحكومة مع وزارة الصحة لرفع أسعار الدواء بما يتناسب مع جميع الطبقات بشكل يحقق عائدا وربحا للمصانع حتي تتمكن من تغطية تكلفة صناعته واستيراد المواد الخام اللازمة, بالاضافة إلي توفير جميع المستحضرات الطبية اللازمة والضرورية, مثل أدوية الكبد, والكلي, والسرطان, والسكر, والحمي الروماتيزمية سواء عن طريق التصنيع في الداخل أو الاستيراد من الخارج. وذكر الدكتور كريم نعمان صيدلي أن المشكلة الرئيسية ترجع من البداية إلي عدم وجود تفتيش علي الصيدليات, وبالتالي يمكن أن يتسلم كمية محددة من الدواء لبيعها للمرضي بنسب معينة وفقا لما هو مدون بكل روشتة علاجية ثم يقوم بتسجيل ما قد تم بيعه, الا أن هناك من يبيع الأدوية وكأنها سلعة وبأي كمية وبالتالي يحدث العجز وتظهر الأزمة, وهذا ما ساعد أيضا علي انتشار تداول اقراص الترامادول التي يستخدمها بعض ملاك الصيدليات كتجارة لتحقيق ربح وفير علما بأن ذلك النوع من الدواء لا يصرف الا بمعرفة الطبيب ويترتب علي ذلك عدم معرفة الهيئة المسئولة بأنواع الأدوية التي أوشكت علي الانتهاد لصناعة كميات اخري. وأوضح ايهاب اسحاق دكتور صيدلي انهم يتأثرون بشكل كبير جدا عندما يحضر لهم مريض طالبا للعلاج ويخبرونه بأنه غير موجود والأزمة ان الصنف الذي ينقص يحتاج إلي وقت كبير لاعادة انتاجه, وتوفيره وتداوله مرة أخري, والأسوأ من ذلك أنهم عندما يطالبون الشركات التي توزع البدائل المستوردة بالأنواع الناقصة تستغل ذلك, وترفع الأسعار بشكل خيالي فالأصناف التي كانت تباع ب150 قرشا نجد بديلها يتجاوز45 جنيها, لتزيد معاناة الناس وخاصة ذوي الدخل المحدود. وقالت ايمان فهمي صيدلانية أن من أهم الأدوية التي نقصت بشكل ملحوظ الأدوية الخاصة بسيولة الدم وجلطات القلب وهذا خطر جدا, فاذا لم يتم الوصول لحل جذري, وسريع سوف تظهر لنا قريبا أزمة جديدة, وهي وفاة العشرات من المرضي بالمستشفيات لعدم التمكن من انقاذهم لافتقار المستشفي للدواء اللازم, وخاصة الذين يتعرضون لجلطات مفاجئة بالقلب, خاصة وأن هناك نقصا واضحا لدواء الفولتارين. فجميع عمليات القلب لابد ان يؤخذ بعدها الفولتارين لمساعدة عمل سيولة في الدم, فعلي الوزارة أن توفره, وهناك من يعانون من أمراض سيولة الدم, بالاضافة إلي فقد العديد من الأطفال الذين يتغذون علي الألبان المدعمة, وغير المتوفرة الآن وليس لها أي بدائل. بينما يري الدكتور محسن عبدالعليم نقيب الصيادلة بالقاهرة ورئيس الادارة المركزية للدواء ان الاصناف الناقصة لا تتعدي40 صنفا ومن أهم اسباب هذا النقص العالمي في المواد الخام وارتفاع اسعارها نتيجة ارتفاع سعر الدولار. وأوضح أن بعض خطوط الإنتاج اغلقت لتعديل خطوات انتاجها للأدوية, وهناك حوار مع المصانع الأخري لزيادة انتاجها لتعويض النقص, وهناك من المصانع التي أغلقت بسبب عدم قدرتها علي تحمل أعباء التكلفة والتغليف والتعبئة علما بأننا لا نمتلك مصانع لإنتاج المواد الخام بمصر ويتم استيراد مواد جاهزة مصنعة, وهنا تمر بعملية الخلط فقط. رابط دائم :