إذا ذهبت إلي إحدي الصيدليات لشراء بعض أدوية الضغط والأنسولين, والسكر, والجلطات, والقلب, وقطرات ومراهم العين, والكحة, وغيرها من الأدوية الرخيصة, فلن تجدها, الأمر الذي يؤكد وجود أزمة طاحنة في أدوية الغلابة والتي امتدت إلي أكثر من201 صنف من الدواء, ويبدو أن الأزمة سوف تتفاقم في ظل إرتفاع أسعار المواد الخام المستوردة اللازمة لتصنيع الدواء, بسبب زيادة سعر صرف الدولار, بينما لا تزال أسعار الدواء ثابتة كما هي دون تغيير. اكتشفت تحقيقات الأهرام خلال جولتها بالصيدليات, اختفاء العديد من الأدوية مثل بعض قطرات ومراهم العين, وأدوية خفض الحرارة للأطفال مثل ال اسيتال, وال اباراستيامولب بأنواعه وكثير من أدوية الجهاز الهضمي, وبعض أدوية الضغط والأنسولين ودواء الأتروبين المستخدم في حالات الطوارئ الي جانب انواع من أدوية البرد ووقف القيء لدي الأطفال, كما تشهد سوق الدواء حاليا نقصا حادا في عقار بروتامين اللازم لجراحات القلب المفتوح, وأدوية جلطات القلب, وأدوية علاج امراض الجهاز التنفسي, والدوري, والغدة الدرقية, والصرع, والأورام, والسيولة, وعضلة القلب, والبروستاتا, وغيرها من الأدوية. هناك نقص في الأدوية, فقد اختفي نحو201 عقار من الأسواق, ويقف وراء ذلك العديد من الاسباب كما يقول الدكتورمحسن عبدالعليم رئيس الإدارة المركزية للشئون الصيدلية بوزارة الصحة, منها ما هو عالمي بسبب نقص الخامات, بالإضافة إلي الإضرابات, والمظاهرات, والاعتصامات, التي تشهدها مصر حاليا, والتي تؤدي إلي تأثيرات سلبية علي استيراد المواد الخام, وصناعة الأدوية, بعد تخفيض التصنيف الائتماني لمصر, مشيرا إلي إن نواقص الأدوية تشمل بعض المضادات الحيوية, وأدوية الحساسية, وضغط العين المرتفع, والأمراض الصدرية ونزلات البرد, وقرحة المعدة, وجلطات الدم والقلب, من هنا تحاول وزارة الصحة اجتياز الأزمة من خلال تقديم الدعم والمساعدة والتنسيق بين المصانع والشركات وجميع الأطراف المعنية, لضمان توفير الأدوية البديلة بأسعار مناسبة, تلبي احتياجات المواطنين, فضلا عن إزالة جميع العقبات التي تواجه صناعة الدواء, باعتبارها من الصناعات الاستراتيجية في مصر. نقص الدواء ذ كما يقول الدكتور مكرم مهني رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات- ورئيس مجلس إدارة شركة جلوبال نابي للأدوية, يتعلق بسياسات تسعير الدواء, والتي لا تزال كما هي منذ سنوات, برغم ارتفاع سعر الخامات نتيجة ارتفاع سعر الدولار, فقبل الارتفاع الأخير لسعر صرف الدولار, كانت تكلفة22% من أصناف الأدوية أعلي من سعر بيعها للجمهور, والآن زادت تلك النسبة إلي33% تقريبا, وبالتالي, فإن الشركات لن تنتج أدوية لكي تبيعها بأقل من تكلفتها, مما يؤدي إلي وجود نقص في العديد من الأدوية,.. يضاف إلي ذلك تأثير الوضع الائتماني لمصرعلي عملية استيراد الخامات, أو الأدوية تامة الصنع, فقد كنا نستورد الخامات الداوئية, وكانت هناك طرق مختلفة للسداد, ومنذ فترة اختلفت الأمور, ولم تعد الشركات تبيع الخامات بالآجل كما كان متبعا من قبل, في المقابل لا تبيع شركات الدواء منتجاتها نقدا, وعليها مديونيات لدي العملاء من بينهم الجهات الحكومية والمستشفيات.. ومن ثم كانت عجلة التصنيع تدور باستمرار, نستورد بالأجل, ونبيع في الداخل بالآجل أيضا.. أما الآن فعجلة التصنيع تدور, ولكن بصورة غير منتظمة كما كان من قبل. وهناك أسباب أخري, من بينها تأثير عمليات التطوير التي تجريها الشركات والمصانع, فتنقص بعض الأنواع, خاصة تلك الأصناف التي تنفرد شركة معينة بإنتاجها, فحين توقف الشركة أو المصنع إنتاجه, لحين إجراء عمليات تطويرية, تحدث أزمة في أصناف الأدوية التي تنتجها, مشيرا إلي أن تلك الظروف أدت إلي نقص العديد من الأدوية بالصيدليات, ومن بينها بعض أنواع أدوية علاج ضغط الدم, والسكر, وبعض أنواع قطرات العين, وأدوية الكحة وغيرها من اصناف الأدوية الضرورية والتي كانت تباع بأسعار زهيدة قد لا تتناسب مع تكلفتها الحقيقية. ومن أجل التغلب علي المشكلات المتعلقة بصناعة الدواء, فالحل- كما يراه الدكتور مكرم مهني- يكمن في تشكيل لجنة لتسعير الدواء, وقد تم الاتفاق علي تشكيل هذه اللجنة بالفعل, بحيث تضم لجنة التسعير بالوزارة, واعضاء من غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات, ومندوب عن رابطة الموزعين, ونقابة الصيادلة, وكذلك الاستعانة بخبير في حساب التكاليف, علي أن تقوم هذه اللجنة بمراجعة كل القرارات الخاصة بتسعير الدواء, وكذلك كل المتغيرات المؤثرة علي سعر الدواء, وقد تم الاتفاق علي تشكيل هذه اللجنة بالفعل, لكي تقوم بدورها في اقتراح آليات شفافة وعادلة, لتقديمها إلي وزير الصحة لاعتمادها, مشيرا إلي أنه تم الاتفاق خلال الندوة الأخيرة لغرفة صناعة الدواء والتي عقدت بعنوانب منظومة الدواء في مصرب علي ضرورة عقد اجتماعات دورية كل تلاتة شهور بين غرفة الأدوية, والإدارة العامة للصيدلة, بحيث يتم خلالها مناقشة كافة القضايا المتعلقة بصناعة الدواء, والتي تهم جميع الأطراف, بحيث يتم دعوة الخبراء من كل المجالات للمشاركة في هذه الاجتماعات, وطرح رؤاهم حول مختلف القضايا التي ستتناولها هذه الاجتماعات, كما تمت التوصية بإعداد منظومة لتسجيل وتسعير المكملات الغذائية, وأدوية الOTC, علي أن يتم دراستها من قبل إدارة الصيدلة, وأن تتعاون الشركات المصنعة مع إدارة الصيدلة في توفير الأجهزة والمعدات, علي أن تقوم الإدارة العامة للصيدلة باتباع آليات واضحة لضمان الشفافية وحرية تداول البيانات الخاصة بالأصناف التي تحت التسجيل من خلال شبكة المعلومات, واستثناء المصانع الجديدة من شرط الحد الأقصي, وألا يقل تسعير تلك المستحضرات عن65% من سعر المستحضر الأصلي. يتفق معه الدكتور أحمد العزبي وكيل مجلس إدارة غرفة صناعة الدواء والمستلزمات الطبية ورئيس مجلس إدارة شركة مالتي فارم للأدوية, حيث يرجع نقص الأدوية في الصيدليات إلي ثبات أسعارها بالرغم من زيادة التكلفة, ولأن هذه الأنواع من الأدوية تحقق خسائر, فقد عزفت الشركات عن انتاجها, فالمنتج أو المستورد يمكن أن ينتج دواء, أو يستورده حتي لو لم تكن هناك مكاسب, كالتزام مهني واخلاقي, وحرصا علي توفير الدواء للمرضي, أما أن يستورد لكي يخسر, فهو لن يستطيع أن يستمر في الاستيراد أو التصنيع في ظل هذه الظروف, متوقعا حدوث أزمات في سوق الدواء ما لم يتم تحريك الأسعار بما يتناسب مع التكلفة, وليس من المعقول أن ترتفع اسعار الخامات أو الأدوية المستوردة نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار, بينما تظل أسعار الأدوية ثابتة كما هي. الأزمة في رأي الدكتور عبدالحي خلف صاحب إحدي الصدليات ذ ترجع إلي العديد من الأسباب, ومن بينها عدم وجود سياسة دوائية واضحة في مصر, فضلا عن المشاكل المتعلقة باستيراد المواد الخام اللازمة لتصنيع الدواء, بالإضافة إلي نقص الأدوية المستوردة نتيجة عدم توافر العملة الصعبة. والحال كذلك, فإن العديد من الشركات قد توقفت عن إنتاج بعض الأصناف لانعدام جدواها الاقتصادية.