أطلقت غرفة صناعة الأدوية صيحة تحذير من وجود نقص شديد في 600 صنف من الأدوية نتيجة توقف الشركات عن طرح هذه الأدوية لرخص أسعارها في محاولة للضغط من أجل زيادة الثمن. في الوقت نفسه أعلنت نقابة الصيادلة أن عدد الأدوية التي تشهد نقصا في السوق لا يتجاوز 100 صنف وأرجعت ذلك لأسباب إدارية وتنظيمية المسئول عنها وزارة الصحة أن الدواء هو السلعة الوحيدة الثابت سعرها رغم ارتفاع أسعار الخامات ومستلزمات الإنتاج. "المساء" بحثت القضية مع الأطراف المختلفة فكان هذا التحقيق. في البداية تحدث د.مكرم مهنا رئيس غرفة صناعة الأدوية مؤكدا أن سياسة التسعير التي تتبناها وزارة الصحة ورفض رفع أسعار منتجات بعض الشركات أدي إلي توقف البعض عن طرح أدوية بعينها. أشار إلي أن هناك 2011 صنفا من الدواء يتم بيعه بأسعار أقل من تكلفته ومعظمها تباع بأقل من جنيه واحد. وأوضح أن هناك عدة أسباب وراء نقص الأدوية علي رأسها الاضرابات الفئوية للعاملين في هذا القطاع والانفلات الأمني داخل المصانع.. مشيرا إلي أن الشركات تغطي 90% من احتياجات السوق المحلي أما الأنواع التي يتم استيرادها فمعظمها أدوية أورام وأنسولين وأمراض أخري مزمنة. أضاف أن التسعير غير العادل للدواء يزيد العبء علي الشركات معربا عن أمله في إصدار قرار وزاري بتحريك أسعار الدواء يطبق في أقرب وقت ممكن لأن نقص الأدوية بلغ الآن أكثر من 600 صنف. أما د.محمود عبدالمقصود أمين عام نقابة الصيادلة سابقا فيري أن الجميع شركاء في الأزمة التي يواجهها سوق الدواء في مصر حاليا موضحا أن اعتصامات العمال بشركات الأدوية وراء توقف الإنتاج بكثير من الشركات.. كما أن وزارة الصحة فتتعامل بأيد مرتعشة مع الأزمة حيث تتعارض فيه المصالح وتبحث كل جهة عن مصلحتها بغض النظر عن مصالح الغلابة. من جانبه أعلن د.سيف الله أمام وكيل النقابة العامة للصيادلة أن النقابة لن تسمح بممارسة بعض الشركات الضغط لرفع الأسعار. وأكد أن النقص في 100 صنف فقط وليس 600 معلقا الأمر برقبة وزارة الصحة. ضرب مثلا بقطرة العين "بروزيلين" التي شهد السوق نقصا شديدا فيها منذ 6 أشهر والسبب أن وزارة الصحة طلبت إجراء دراسات علي الدواء الذي أكمل عشر سنوات علي تداوله في السوق. وقال: كان من الأولي أن تعطي الوزارة فترة سماح عاما لتداول الدواء في السوق وبالتوازي تجري عليه الأبحاث حتي لا يشعر المواطن بالنقص. ضرب مثالا آخراً بدواء بروتامين سلفات أمبول وهو دواء يتم استيراد خاماته من اليابان ولما حدث القرب الاشعاعي الأخير من المفاعل النووي أصبحت الخامات ملوثة بالاشعاع مما يهدد بتوقف عمليات القلب المفتوح. انتقد اسلوب الضغط الذي تمارسه كبري شركات الأدوية بحجة أنها تتحمل خسائر وهذا غير صحيح فإذا حققت بعض الاصناف خسارة فإن مئات الاصناف تحقق أرباحا طائلة وضرب ودلل علي ذلك بالفياجرا التي تنتجها إحدي الشركات كانت تبيع الشريط ب 27 جنيها في وقت استوردته إحدي الشركات وباعته ب 4 جنيهات فقط مما جعل الشركة المنتجة تخفض السعر إلي 10 جنيهات. أضاف أننا كنقابة لن نسمح بأي محاولة لابتزاز المرضي حيث لا توجد أسباب حقيقية لرفع الأسعار وكفانا نار الأسعار في السلع الأخري. وقال إن هناك نقصا في العديد من الأدوية نتيجة الأسعار المرتفعة للتخليص الجمركي علي بعض الخامات أو اتخاذ إجراءات إدارية دون إعطاء فترات زمنية لتوفيق الأوضاع. كما أن هناك مشكلات تكمن في عدم توفير أكثر من بديل لمستحضرات حيوية واحتكار شركة أو اثنتين علي الأكثر لصنف معين. ويجب أن تتفهم الشركات أن إعادة النظر في أعباء تصنيع بعض الاصناف لا يعني السماح برفع أسعار مئات الاصناف الأخري من الأدوية. * د.محسن عبدالعليم رئيس الإدارة المركزية لشئون الصيدلة بوزارة الصحة أكد أن الوزارة اتخذت عدة إجراءات وحلول لمواجهة مشكلة نقص الدواء حيث تم إنشاء إدارة لنواقص الأدوية تشمل ممثلين عن كل من قطاع الصيدلة بالوزارة والنقابة وشركات التوزيع بالتعاون مع شركات برمجة لحصر قائمة الأدوية الأساسية ومتابعة بدائل كل مستحضر. أوضح أنه في حالة العلم بنقص أي من الأدوية بالسوق يتم مخاطبة جميع الشركات لتوفير المستحضر. وقال إن مشكلة نقص مستحضر بروتامين سلفات أمبول والذي يستخدم في جراحات القلب المفتوح تم حلها وتوفير كميات كبيرة منه بالمستشفيات. أضاف أن هناك أسباباً أخري وراء نقص بعض أدوية الطوارئ في المستشفيات العامة والجامعية لا بسبب نقص المستحضرات بالسوق وإنما لامتناع بعض الشركات عن توريد تلك المستحضرات لوجود مديونيات لها لدي المستشفيات ومن جانبها تقوم الوزارة بمخاطبة تلك الشركات لتوفير الأدوية. أما الدكتور ثروت باسيلي رئيس مجلس إدارة شركة "ألفامون" لصناعة الدواء بمدينة بدر فقال إن خطوط الإنتاج بالشركة تعمل بكامل طاقتها وكفاءتها ولم يتأثر الإنتاج فترة ما بعد الثورة كالذي حدث في شركات أخري عانت من الاعتصامات والاحتجاجات وامتناع العاملين فيها عن الإنتاج وهذا سبب في حد ذاته كفيل بتعطل الإنتاج ونقص المنتج. د.طارق أحمد شفيق صاحب صيدلية بشبرا: هناك بدائل للأدوية مثلا بمادة الباراستيمول موجودة في أكثر من دواء منها.. البنادول والباراستيمول. والمفروض أننا كأطباء وصيادلة نتعامل بالاسم العلمي وليس بالتجاري وذلك لخدمة المريض. استنكر التحذيرات التي اطلقتها نقابة الصيادلة من نقص بعض الأنواع مشيرا إلي أن ذلك ليس من مهام النقابة بل من مهام وزارة الصحة والشركات المنتجة. طالب النقابة بأن توجه اهتمامها لحل مشاكل أخري كالأدوية المرتجعة لأن بعض الشركات ترفض قبولها فيما عدا قطاع الأعمال لأنه في حالة رفض الشركات استرداد هذه الأدوية تصبح الخسائر علي أصحاب الصيدليات. د.مدحت الفونس مدير التسويق بشركة "ميفا" للصناعات الدوائية: للأسف نحن البلد الوحيد الذي لا يعترف بارتفاع أسعار الدواء ولا يقبل ذلك ونتجاهل أن أسعار المواد الخام ومستلزمات المنتجات الدوائية قابلة للزيادة في وقت تسعي الشركات لتحقيق المعادلة بين عدم حرمان المريض من الدواء الآمن وفي نفس الوقت تحقيق مكسب لشركات الدواء ويجب أن يعي المواطن أن جودة المنتج خاصة في مجال الدواء أهم عنصر فعند شراء خامات من سويسرا يختلف الأمر بالطبع في الجودة والسعر عما إذا تم شراؤها من الصين أو الهند والمهم في النهاية استفادة للمريض. استنكر ما يردده البعض بأن هناك نقصا في 600 نوع من الأدوية مشيرا إلي أن ذلك أمر غير منطقي وان كان هناك نقص ففي عدد محدود من الأنواع ولأسباب منها حالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد مما جعل بعض كبري شركات الأدوية في العالم والتي تورد لنا الخامات تطالب بتحصيل مستحقاتها نقدا وهو أمر لا يستطيع تحمله سوي الشركات الكبري وربما تتأخر الشحنات لهذا السبب. أضاف اتفق مع الرأي القائل بأن صناعة الأدوية تحتل المرتبة الثانية في العالم بعد صناعة الأسلحة وأنها تحقق أرباحا طائلة ويقتصر ذلك علي الشركات متعددة الجنسيات التي تنتج 300 نوع من الأدوية وإذا ما حققت خسائر في بعض الأنواع.. فأنواع أخري تحقق هذه الخسائر أما نحن في مصر فمعظم الشركات تنتج أعداداً محدودة من الدواء وبالتالي لا تحتمل أن تحقق خسارة في أي منها. أضاف: للأسف بعض شركات الأدوية في مصر عانت بعد الثورة من اعتصامات واحتجاجات عمال مصانعها وتمردهم ومطالبتهم بمساواة أجورهم بأجور رؤساء الشركات وهو ما أحدث ارتباكا في الانتاج. أكد أن مسألة تسعير الدواء هي مهمة لجان وزارة الصحة ولا أحد من أصحاب الشركات يستطيع التلاعب في أسعاره.