تستعد الأممالمتحدة لاختيار سكرتير عام جديد لها في نهاية اجتماعات الدورة الحالية للجمعية العامة للمنظمة. حتي يتسلم مهام عمله في أول يناير من العام القادم. محل السكرتير العام الحالي "بان كي مون" الذي أمضي في منصبه فترتين وتنتهي خدمته بنهاية العام الحالي. الأممالمتحدة أنشئت في مثل هذا الشهر من العام 1945. وبالتحديد في 24 أكتوبر. وهو في مصر يوافق العيد القومي للسويس. تخليداً لبطولة المدينة وأهلها في حرب أكتوبر. والسكرتير العام للأمم المتحدة يتم انتخابه لمدة خمس سنوات تجدد لمرة واحدة. وجري العرف في المنظمة الدولية علي التجديد تلقائياً لكل من تولوا هذا المنصب ليستمروا فيه عشر سنوات. ما لم تستخدم إحدي الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الفيتو رسمياً أو تلوح به ضد استمراره. وقد حدث ذلك مرة واحدة في تاريخ الأممالمتحدة عام 1997. ضد الدكتور بطرس بطرس غالي السكرتير العام المصري للمنظمة الدولية. حين انتهت فترة عمله الأولي التي بدأها عام 1992. ورفضت أمريكا ووزيرة خارجيتها في ذلك الوقت مادلين أولبرايت الموافقة علي استمراره لفترة أخري. وكان أبرز أسباب هذا الرفض وقتها. اصرار الدكتور بطرس غالي علي إعلان تقرير المنظمة الدولية عن مذبحة "قانا" الإسرائيلية التي كان بطلها "شيمون بيريز". الذي أصبح في السنوات الأخيرة رئيساً لإسرائيل ومات في الأسبوع الماضي. كان التقرير الدولي يدين إسرائيل.. وكانت أمريكا ضده لهذا السبب. وضد التحقيق في هذه المذبحة من الأساس. ولذلك رفضته. وأزاحت السكرتير العام للأمم المتحدة من منصبه. صدفة مثيرة في اختيار السكرتير العام للأمم المتحدة هذا العام.. فسوف يكون السكرتير العام القادم هو "التاسع" في تاريخ المنظمة الدولية. بينما بلغ عدد المرشحين للمنصب الآن تسعة مرشحين وهو أكبر عدد من المرشحين للمنصب في تاريخ المنظمة. الثمانية الذين تولوا المنصب حتي الآن. كان ثلاثة منهم من أوروبا: تريجيف لي. أول من تولي المنصب عام 1946 وهو من النرويج. وداج همرشلد.. الثاني من السويد. والرابع كورت فالدهايم من النمسا وهو آخر أوروبي يتولي المنصب وكان ذلك في الفترة من 1972 إلي .1982 وكان هناك اثنان من آسيا: يوثانت. وهو ثالث سكرتير للمنظمة الدولية. وينتمي إلي بورما التي غيرت اسمها إلي ميانمار. وتولي من 1961 إلي 1971. ثم السكرتير العام الحالي بان كي مون وهو من كوريا الجنوبية. ثم اثنان من افريقيا.. بطرس غالي ثم كوفي عنان الغاني الذي تولي الفترة الثانية المستحقة للدكتور بطرس غالي. أي ان افريقيا لم تحصل عليها إلا علي ما حصل مدة كاملة لسكرتير عام واحد. وهو نفس الأمر الذي تم مع أمريكا الجنوبية. التي قدمت السكرتير العام الخامس من تاريخ المنظمة وهو خافير بيريز دي كويلار من بيرو "1982 1992". لابد ان أحدا سيلاحظ هنا انه لم يتول المنصب حتي الآن أحد من الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن: أمريكاروسياالصينبريطانيافرنسا.. ورغم انه لا يوجد نص في ميثاق الأممالمتحدة يمنع ذلك. إلا أن هذه الدول لا تحتاج إلي أن يكون السكرتير العام منها لكي تهيمن علي مجريات الأمور في المنظمة الدولية أو تؤثر في توجيهها. ويكفيها في ذلك تمتعها بحق الفيتو. ولذلك. يلاحظ أيضاً ان اختيارات السكرتير العام جاءت في معظمها من دول إما محدودة وإما متوسطة الدور السياسي في المجتمع الدولي. ليسهل علي الدول الكبري السيطرة علي المنصب وشاغله. ولذلك حين جاء الاختيار من مصر. خارج هذا السياق التقليدي. وبشخصية مستقلة مثل الدكتور بطرس غالي لم تستطع أمريكا احتمال استمراره. وغداً نستكمل الحديث بإذن الله.