ذاك عنوان مؤلف قيم للمؤرخ والأثري وعالم البصريات الأمريكي. جيمس هنري بريستد "1856م - 1935م". أثبت فيه بالأدلة الأثرية والتاريخية المؤكدة. أن مصر مهد الحضارة والقيم والأخلاق. ومنها انتشرت إلي مختلف بقاع الأرض. وقد ترجمه للعربية وقدم له. د. حسن سليم. صاحب "موسوعة مصر القديمة". يقول المؤلف في مقدمة كتابه: إن اعظم ظاهرة أساسية في تقدم حياة الإنسان هو نشوء المبادئ الخلقية وظهور عنصر الأخلاق. وتحوله من التوحش والتجرد من الأخلاق. إلي الشعور بالوازع الخلقي والخضوع له. لذلك. فإن فكرة "الضمير" أو القانون الخلقي الذي يحكم الإنسان. في محاولة لكشف كنه هذا القانون وتحديد اتجاهاته. قد أرقت مضجع الكثير من المفكرين والفلاسفة. وقد بذل صاحب الكتاب الذي اصطدمت معاييره الخلقية بمبادئ الوحي. كل جهده للبحث عن نشأة ذلك الضمير ومنبعه وتطوره. فدرس حضارات الأممالشرقية القديمة كلها. وانتهي إلي أن مصر هي أصل الحضارة ومهد الضمير. وفيها شعر الإنسان لأول مرة بندائه. وظل - بريستد - يتتبع تطوره منذ أقدم العهود الإنسانية إلي أن انطفأ قبس الحضارة فيها حوالي عام 525 ق.م. وبذلك يكون قد هدم النظريات التي قالت إن الأوروببين قد اخذوا حضارتهم عن العبرانيين. إذ أنهم - أي العبرانيين - مجرد ناقلين فقط. يقول: إن الإنسان الذي صنع آلات الحرب الفتاكة. قد اكتشفها منذ مليون سنة. بينما اكتشف "الضمير" منذ 5 آلاف سنة فقط. وذلك في مصر باحدي المسرحيات التي كانت تتحدث عن مدينة "منف" تاريخها. وعظمتها وسيادتها. ويضيف. انه اكتشف ان المصريين كان لهم معيار خلقي اسمي بكثير من "الوصايا العشر". وقد ظهر قبل أن تكتب تلك الوصايا بألف سنة. ومن أمثلة ذلك: "قول بتاح حب الوزير الأكبر" يعترف بفضل الرجل الذي يتخذ من العدالة نبراسا له. فينهج نهجا" ق 27 ق.م. ونصيحة الفرعون للأمير مريكارع "إن فضيلة الرجل عند الإله. أفضل من ثور الرجل الظالم - أي قربانه -" ق 23 ق.م. يستطرد. أن أقدم فكرة عن النظام الخلقي الراسخ. كان يعبر عنها بكلمة واحدة جامعة بالهيروغليفية. وهي كلمة "ماعت" وتعني العدالة. أو الحق. أو الصدق. ومكث ذلك النظام حوالي قرن من الزمان. إذا كان المؤلف قد دعي جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية. للإشادة ب "الضمير" والأخذ به كسلوك اجتماعي. واحيائه كقيمة أخلاقية قديمة. بعدما كان يستهزئ به إيما استهزاء. فما أحرانا كمصريين ان نحافظ عليه. ونتمسك به. ونحن أول من اكتشفه وصدره للعالم أجمع. تري. ما كان سيقوله "بريستد" لون عاش حتي يومنا هذا. وشهد تداعي اخلاقنا وضمائرنا وانهيارها. فهل كان سيظل عند رأيه. ان مصر هي "فجر الضمير" ومشرقة. أم أصبحت هي مغربه وزواله؟!