الشعب الشيشاني يخرج في الشوارع محتفيًا بقدوم شيخ الإسلام والرئيس الشيشاني يصر علي قيادة سيارة الإمام الأكبر بنفسه بعد استقبال رسمي وشعبي بمطار العاصمة.. وفي ختام زيارة ناجحة يصر أيضًا علي توديع فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب حتي مقعده بالطائرة.. وبالأمس القريب يكسر الرئيس الفرنسي البروتوكول وينزل من سلالم "الإليزيه". تقديرًا لشيخ الأزهر.. إلي غير ذلك من مشاهد الإجلال الواجب لمشيخة "العلم والإسلام" في كل أصقاع الدنيا. تلك المؤسسة العريقة التي حفظت للأمة عقيدتها. وهويتها بما يجسد الفهم الحقيقي للدين الحنيف بمنهجه المعتدل. لكن للأسف يفاجئنا السفهاء ممن لا يعرفون الفرق حتي بين الدين والتدين.. ولا يمتلكون أدوات إدراك علوم الشرع بالهجوم الخبيث الجاهل علي مناهج الأزهر بوصفها سبب الإرهاب.. بينما الحقيقة الراسخة في أعماق التاريخ أنه ما حل التطرف والإرهاب إلا نتيجة للبعد عن المنهج الأزهري الذي يجسد عقيدة "أهل السُنة والجماعة" بالمذهب الأشعري الذي لا يُكفِّر أحدًا من أهل القبلة.. فكما قال فضيلة الإمام الأكبر خلال زيارته للشيشان: "التطرف الذي تشهده الأمة يرجع لانحراف التعليم الإسلامي عن صحيح مذهب أهل السُنة بتقديم نموذج مشوه تم اجتذاب قطاع عريض من الشباب له وإغراؤهم به.. ودواء هذه الظاهرة في العودة إلي التعليم الصحيح علي مذهب أهل السُنة والجماعة الذي كان عليه النبي صلي الله عليه وسلم وصحابته وسلفه الصالح".. ولا شك أن الأزهر نموذج متفرد في التعليم الصحيح بمنهج علمي رصين منذ ما يربو علي الألف عام. التكفير كما يصفه فضيلة شيخ الأزهر بريد الدماء. ومبرر إراقتها عند من يسفكون دماء المسلمين. ويزعمون أنهم يجاهدون الكفار.. ولم يعد أمامنا إلا لم شمل الأمة. وغسل العقول والقلوب من العقائد السوداء. والتأويلات التي ينكرها الإسلام وشريعته أشد الإنكار. الجماعات التكفيرية بتصرفاتها البشعة المنكرة لا تمت إلي "أهل السُنة والجماعة" بأدني سبب.. وأغلب الظن أن هذه الفئة قد اتخذت من هجومها علي مفهوم أهل السُنة والجماعة غطاءً لتحقيق أغراض سياسية ومكاسب طائفية وأطماع توسعية لإذكاء نوازع الفرقة بين المسلمين. وبعث لفتن طواها الزمن وأصبحت في ذمة التاريخ. ونشر لثقافة الحقد والكراهية. شيخ الإسلام يقدم كل يوم نموذجًا متفردًا لما ينبغي أن يكون عليه الخطاب الديني المتجدد الذي يفكك من خلاله الفكر المتطرف. ويفند المفاهيم الشاذة. ويكشف التأويلات المنحرفة بالحجة والبرهان والأدلة القاطعة.. وفي خطابه بالشيشان قد أزال الكثير من الشوائب العالقة بمفهوم "أهل السُنة والجماعة".. مرسخًا لحقائق ثابتة وفق منهج التعليم بالأزهر. ليتنا نقرأ وننصت لأهل الذكر. ونتعلم. ونفهم أولاً.. قبل أن نطعن في الأزهر: منهجًا وعقيدة. وشيوخًا.