زرت هضبة الجولان في مطالع القرن. شاهدت - في وقفتي أسفل جبل الشيخ - أحدث المعدات الالكترونية والحربية التي أقامتها إسرائيل لفرض سيطرتها. ليس علي هضبة الجولان وحدها. وإنما علي كل المدن السورية. بل إن أجهزة التنصت - كما روي لي مرافقي الضابط السوري - تستطيع أن ترصد كل حركة داخل الحدود العراقية.. وتحدث الضابط السوري عن حتمية استعادة الجولان لضرورته في تماسك القطر السوري وأمنه. أن يعقد مجلس وزراء إسرائيل جلسة في هضبة الجولان. ويعلن نتنياهو أبدية ضم الهضبة إلي إسرائيل. فهي مبادرة صهيونية تدفع كل العقلاء. وحتي المغامرين. في وطننا العربي إلي مراجعة مواقفهم. وتأمل الأوضاع التي انتهت إليها صراعاتهم وحروبهم سواء في داخل كل قطر. أو درءا لقوي شريرة أدعت الإسلام. وأحالت الوطن العربي ساحات قتال ودمار. أعد الكيان الصهيوني خطواته جيدا. دبر. ومول. وأثار الخلافات والنعرات. صارت الأقطار العربية دول طوائف تعيد إلينا ما انتهت إليه إمارات الأندلس. بل وتذكرنا بالأمس القريب حين عجزت الأقطار العربية عن درء خطر جسم غريب في قلب الجسد العربي. وبدلا من تحجيمه. ومن ثم استئصاله. فقد تمدد وانتشر. وتحولت دولة إسرائيل المزعومة - كما كنا نتشدق بالصفة - إلي كيان إرهابي لا يقصر خطره علي الأرض الفلسطينية. بل يجاوزه إلي اتساع المنطقة العربية. ويتحدث عن ذراع إسرائيل الطويلة التي تستطيع أن تفرض قوتها علي أي منطقة في العالم. أبرز ما جاء في تصريحات المتحدث الرسمي الإسرائيلي إن المفاوضات مع الحكومة السورية قد انتهت. لأن سوريا لم تعد موجودة. مزقتها داعش والنصرة وجيش سوريا الحر. وغيرها من التنظيمات التي مولت وأعدت من خارج الحدود. دمرت القدرات العسكرية والاقتصادية والبشرية. وأحالت المدن أنقاضا. ودفعت الملايين من السوريين إلي الفرار بحثا عن النجاة في بلاد الغرب. أشار المتحدث الإسرائيلي إلي الاستقرار الذي تنعم به إسرائيل منفردة في قلب وطن عربي يموج بالصراعات والحروب الصغيرة. وأن الأمن الذي يتمتع به الجولان كمنطقة سياحية جميلة. يدعو إسرائيل للحفاظ عليه إلي الأبد باعتباره جزءا من الأرض الإسرائيلية التي يعود تاريخها إلي آلاف السنين.. والتعبير للمتحدث الإسرائيلي! لم نقم الدنيا ونقعدها حين أحرق الإسرائيليون المسجد الأقصي. وسكتنا عن ممارسات إسرائيل في الأقصي وغيره من المقدسات العربية. ولزمنا صمتا غير حكيم علي المؤامرات المعلنة والخفية للكيان الصهيوني ضد الوطن العربي.. التصرف الإسرائيلي الأخير. وما رافقه من تصريحات. تأكيد لسياسة القضم التي ينتهجها الكيان الصهيوني - بأكثر من وسيلة - سعيا لانجاز مطامعه التي فسرناها بالمستحيلة. لكن القضم يتوالي. والأطماع الصهيونية معلنة. وخلافاتنا متواصلة. والساحات الداخلية متاحة للعصابات الإرهابية. التي صنعها الغرب. بإعداد صهيوني. ثم ادعي حربه ضدها! الخطر في قلب البيت. يواصل القضم والقتل والتدمير.. طبيعي أن يكون لكل فعل رد فعل. ورد الفعل العربي - حتي الآن - إما بلاغة شعرية ونثرية. أو ضراوة في التعامل مع الذات. هذا الوطن العربي.. هل نستحقه؟!