علي الرغم من أن كل المشتغلين بالسياسة. أو حتي المتابعين لأحوالها. يدركون أن التطورات الخطيرة التي يعيشها الوطن العربي في السنوات الأخيرة تصب في صالح الكيان الصهيوني. فإن الجميع يشخصون ما حدث. وينتقدونه. دون محاولة جادة للتنبه إلي طبيعة المؤامرات التي تتسلل إلي قلب الحياة العربية. تزرع الفتن والصراعات. والمعارك العبثية التي تنشر الإرهاب. وتحصد أرواح المواطنين. وتدمر الاقتصاد. وتحبس حاضر المنطقة في توقعات تشي لو ظلت الأوضاع علي حالها بما يرفض تصوره غلاة المتشائمين. بينما الميليشيات المسلحة تقتل وتبيد وتدمير في العديد من المدن العربية. حتي تحول المشهد إلي ساحة حرب فعلية بين أبناء القطر الواحد. فإن إسرائيل تضيف إلي رقعتها السكانية. بالطرد والنفي والتشريد. ما يبدل جغرافية الأراضي المحتلة. حتي المساحة القليلة التي يلح قادة الكيان الصهيوني في إجراء مفاوضات حولها. يفرضون التغير علي وضعها الجغرافي والديموغرافي بما ينتهي إلي عبرية كل فلسطين. حتي لا يجد المفاوض الفلسطيني ما يتفاوض عليه. سوسيا. قرية جنوبي الخليل. عدد سكانها 450 شخصا. أصر أهلها علي عدم التخلي عن أرضهم رغم منع الحكومة الإسرائيلية مقومات الحياة عنها من مياه وكهرباء وطرق وتراخيص بناء. ولجأت الحكومة بعد أن استنفدت مؤامراتها إلي استصدار حكم من المحكمة الإسرائيلية بإخلاء الأرض من مواطنيها العرب. وترحيلهم إلي مناطق أخري. بدعوة افتقار القرية إلي البني التحتية. أغرب ما في هذا الحكم أنه أغفل كل المحاولات التي سبقته بمنع حصول مواطني القرية علي تراخيص البني التحتية. وعلي أبسط حقوق العيش. وكما أعلن أهل القرية فلو أن الهواء يصلح للمصادرة. فإن ذلك ما كانت ستفعله إسرائيل لطردهم من القرية. المصادرة الأخيرة كما نعلم حلقة في سلسلة تهويد كل الأرض الفلسطينية. تجد حكومة إسرائيل فرصة في حرب الوطن العربي ضد الإرهاب. وفي تمسك القيادة الفلسطينية بمفاوضات ظلت منذ أوسلو في الوضع محلك سر. بينما تقضم إسرائيل قطعة فأخري مما تبقي من الأرض. وأضافت تل أبيب إلي تلك الخطوة بدء إنشاء 900 وحدة سكنية جديدة في القدسالشرقية. من الخطأ قصر خطورة ما يحدث علي فلسطين. الأهداف الصهيونية معلنة من قبل إنشاء دولة إسرائيل. وإذا كانت تل أبيب قد لجأت إلي سياسة القضم باحتلال الأرض العربية الفلسطينية. إلي حد انتزاع موافقة العرب علي الاعتراف بأرض فلسطين التي اغتصبت في 1967. فإن الاستراتيجية الصهيونية قائمة في مئات الكتب والدراسات. حررها قادة عسكريون ومفكرون ينتمون إلي آخر مستوطنة استعمارية في عالمنا الحديث. متي ننتبه إلي خطورة ما يحيق بنا. ونتذكر قصة الثور الأبيض الذي كان التهامه مقدمة لالتهام الثيران الأخري؟!