منزلة المملكة العربية السعودية في قلوب المصريين لا تحتاج دليلاً. ومنزلة مصر في قلوب السعوديين لا تحتاج برهاناً. وماسأ قوله هنا لا ينتقص من منزلة المملكة ولكنها مجرد تساؤلات ومحاولة لفهم ما يحدث. العام الماضي تم الإعلان عن التحالف العربي العسكري لإعادة الشرعية في اليمن برئاسة السعودية وعضوية مصر والإمارات وغيرهما بهدف طرد الحوثيين وإعادة الرئيس الشرعي إلي اليمن. وهو التحالف الذي يعمل حتي الآن ويحقق نجاحات متتالية علي الأرض علي الرغم من بعض الخسائر في صفوفه بسبب السلاح الذي يتم تهريبه من إيران إلي الحوثيين وأنصار الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح. ومن أسبوعين أعلنت المملكة العربية السعودية عن إنشاء التحالف الإسلامي العسكري بقيادتها ويضم 34 دولة لمكافحة الإرهاب. هذا التحالف الذي ثارت بشأنه تساؤلات عديدة لم تظهر إجابات لها حتي الآن من جانب المملكة السعودية. ومنذ يومين أعلن عبدالله الجبير وزير الخارجية السعودي عن تدشين مجلس تعاون استراتيجي بين المملكة السعودية وتركيا. وتم الاتفاق علي إنشاء هذا المجلس خلال استضافة الملك سلمان بن عبدالعزيز للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الرياض. وأكد "الجبير" أن هذا التحالف سيكون هدفه عسكرياً وأمنياً واقتصادياً وتجارياً وفي كل المجالات تقريباً. معني ذلك أن المملكة السعودية تدخل الآن في ثلاثة تحالفات عسكرية لمحاربة الإرهاب. فإذا كان التحالف العربي لمواجهة الحوثيين في اليمن له مبرراته القوية فإنه لا يمكن فهم أهداف التحالفين الآخرين إلا إذا تمت الاجابة علي هذه التساؤلات: هل تري السعودية أن تواجد روسيا القوي في سوريا زاد من شوكة الرئيس السوري بشار الأسد وجعل موقفه التفاوضي الآن أفضل مما سبق وبالتالي سوف ينعكس ذلك علي جهود المملكة لإزاحته فاضطرت للتعاون مع تركيا التي تسعي للهدف نفسه؟ بعد ضرب الطائرات الروسية لقوافل الإعانة التركية المتجهة إلي سوريا والتي غالباً تحمل أسلحة للمعارضة السورية أصبح الطريق مغلقاً أمام تركيا في سوريا. فهل بعد هذا التحالف يمكن أن تقوم المملكة السعودية بالدور نفسه بشكل أقوي وهي متأكدة أن الطائرات الروسية لن تعترض قوافلها؟ ما الذي يجعل المملكة السعودية تلجأ للتعاون مع الرئيس التركي أردوغان الآن علي الرغم من علم المملكة بما قاله وفعله ويفعله أردوغان لإسقاط نظام الحكم في مصر. وعلي الرغم مما تم إعلانه عن سرقة تركيا للبترول السوري عن طريق تنظيم داعش؟ هل تريد السعودية استغلال الأزمة الحالية بين روسياوتركيا خاصة مع تردد أنباء عن احتمال تدخل روسيا عسكريا في المشكلة اليمنية عقب لجوء الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح لسفارة روسيا في صنعاء طالباً الدعم الروسي؟ إصرار السعودية علي إزاحة بشار من حكم سوريا هل أنساها أن ذلك إذا حدث سوف يقضي علي ثاني أهم الجيوش العربية في المنطقة؟ وإذا تمت إزاحة بشار فهل تنتهي التنظيمات الإرهابية من العالم أم أن الأزمة سوف تزداد اشتعالاً وربما تطول نارها المملكة ذاتها وهو مالا نتمناه طبعاً؟! الواضح حتي الآن أن المملكة السعودية مستعدة لدفع أي ثمن والتحالف مع "الجن الأزرق" مقابل اسقاط بشار الأسد. ولا يهم عواقب ذلك علي بقية الدول العربية ولا علي منطقة الشرق الأوسط. وأخشي أن تضطر المملكة للتحالف مع إسرائيل التي تسعي أيضاً للهدف نفسه بازاحة "بشار" من الوجود. وبعدها "يارب الدنيا تولع".