ولا يفوتنا ونحن نحتفل بنصر أكتوبر العظيم أن نذكر الأمة بواحد من أهدافنا الكبري الذي لن نمل من التذكير به حتي يتحول إلي حقيقة.. ذلكم هو تنمية سيناء العزيزة التي بذلنا من أجلها الدم لتحريرها من العدو الصهيوني وندفع من أجلها الدم اليوم لتحريرها من الإرهاب الأسود. سيناء.. ذلك الجزء الغالي من الوطن الذي غنينا له كثيرا ثم تركناه علي مدي سنوات طوال فقيرا ضعيفا قاحلا بدون تنمية حقيقية.. يغري العدو الصهيوني بأن يحتله عندما يريد ويغري العدو الإرهابي بأن يتخذ منه مخبأ وملاذا.. هذا الجزء الغالي من الوطن يجب أن نوجه إليه الأنظار كي ينال نصيبه العادل من مشروعات التنمية. كانت سيناء ولا تزال تمثل الحلم الكبير لأولئك الذين يتطلعون إلي مستقبل أفضل في هذا البلد.. فهي الأرض البكر التي يمكن بشيء يسير من المال والجهد أن تستصلح وتستزرع وتنتج الخير الوفير لأهلها ولأهل مصر جميعا.. وهي المساحة الشاسعة التي يمكن أن تستوعب العديد من المشروعات والصناعات.. وتستوعب ملايين البشر من الذين ضاق بهم الوادي والدلتا.. فتساهم بذلك في حل مشكلة التكدس السكاني وحل مشكلة البطالة والعشوائيات من خلال إنشاء عشرات - بل مئات - من القري المنتجة الصغيرة التي تتلاءم مع طبيعة البيئة.. وإعادة توزيع السكان علي المناطق غير الآهلة. ورغم الحديث المتكرر في المناسبات الوطنية عن أهمية تعمير سيناء إلا أن هذه البقعة الغالية من أرضنا مازالت تعاني من عزوف المواطنين عن العيش فيها.. ومازالت هناك مشكلات عديدة تعترض جهود التنمية علي أرضها.. في مقدمتها بالطبع موجة الإرهاب التي تفشت والجماعات الإرهابية التي تكاثرت فيها.. ثم مشكلة عدم توافر الخدمات ووسائل النقل وفرص العمل.. وعدم الاهتمام بتقديم حوافز كافية للقطاع الخاص لدفعه إلي الاستثمار في المشروعات الصناعية والتعدينية والإنتاجية بدلا من التركيز علي المشروعات السياحية. وتؤكد التقارير ان الاستثمار في سيناء يمر بأزمة حقيقية.. وأنه خلال 23 عاما مضت منذ أن عادت سيناء كاملة لنا لم ينفذ علي أرض الواقع فيها سوي 30% فقط من المشروعات المستهدفة.. وهذا مؤشر خطير ينبغي أن يحرك الجهات المسئولة المنوط بها التخطيط والمتابعة للتنمية في سيناء.. ومما يؤسف له أن تكون هذه النسبة المذكورة محصورة فقط في المشروعات السياحية والفيلات والقصور والاستراحات وأماكن الترفيه.. وهي تنمية طفيلية لا تمس حياة القاعدة العريضة من الشعب. لقد صاحبت عودة سيناء وعود وأمنيات هائلة بأنها ستكون مستقبل مصر.. وستكون مشروعها القومي.. لكن الأيام مرت دون أن تأخذ سيناء حقها.. وكاد الحلم يتبدد من بين أيدينا بعد أن تحولت سيناء إلي جرح وطني كبير ينزف دما كل يوم.. ويستنزف الكثير والكثير من مقدراتنا.. وسوف نخسر المستقبل كله إذا استسلمنا للإحباط والركود.. ولم ننطلق إلي الأمل الكبير الذي ينتظرنا هناك. أمامنا هناك في سيناء مشروع زراعي كبير علي ترعة السلام.. ومشروع لتوطين 4.5مليون مواطن.. ومشروع خط السكة الحديد.. والمنطقة الصناعية في شمال سيناء ومزارع الأسماك.. وشبكة المشروعات الزراعية والصناعية والتعدينية في جنوبسيناء.. هذه المشروعات أعلن عنها من قبل ومازالت تنتظر التنفيذ.. وهي الآن معيار النجاح لحماية الأمن القومي المصري من بوابته الشرقية.. وهي الكفيلة بأن تحول سيناء من نقطة ضعف في جسد الوطن إلي نقطة قوة.. وأن تكون ثغرا حصينا يدافع عنا. نعم.. سيناء هي المستقبل.. وتعمير سيناء وزرعها بالبشر هو الرد العملي الوحيد علي كل من تسول له نفسه أن يعتدي عليها.. فسيناء مصرية ولن يعيش عليها إلا المصريون.. ولن يعمرها إلا المصريون.