أبدي د. عصام شرف رئيس الوزراء اهتماماً مشكوراً بمشروع ممر التنمية والتقي أمس مع د. فاروق الباز صاحب فكرة المشروع والداعي له حتي يتعرف علي كافة الجوانب المتعلقة بمزايا المشروع وتمويله ومساره مما يعطي انطباعا بأن الموضوع دخل في الجد.. وأن البدء في تنفيذه قد أضحي قاب قوسين أو أدني. ومصر بلاشك في أمس الحاجة إلي أكثر من مشروع قومي يدفع دماء الحماسة في شرايين الوطن.. ويفتح الأفق أمام مزيد من الآمال والطموحات.. ويستوعب الشباب العاطل الذي يبحث عن فرصة جادة ليعمل وينتج ويعيش بكرامة في وطنه. مصر في أمس الحاجة إلي إحياء مشروع توشكي علي أسس صحيحة.. وفي أمس الحاجة إلي مشروع شرق التفريعة ومشروع ممر التنمية.. لكنه في حاجة ملحة جداً إلي مشروع تعمير سيناء وزراعتها بالشجر والنخيل.. وتحويل أرضها الصحراء القاحلة إلي أرض خضراء وفي حاجة ملحة إلي أن يكون مشروع سيناء هو صاحب الأولوية الأولي في هذه المشروعات القومية. سيناء كانت ولاتزال تمثل الحلم الكبير لاولئك الذين يتطلعون إلي مستقبل أفضل في هذا البلد.. فهي الارض البكر التي يمكنها بشيء قليل من الجهد أن تستصلح وتستزرع وتنتج الخير الوفير الذي تحتاج إليه مصر كلها.. وهي المساحة الشاسعة التي يمكنها أن تستوعب العديد من المشروعات والصناعات.. وتستوعب ملايين البشر من الذين ضاق بهم الوادي.. فتساهم بذلك في حل مشكلة التكدس السكاني من خلال اعادة توزيع السكان علي المناطق غير المأهولة.. وبالتالي تساهم في حل مشكلة السكان والإسكان. تبلغ مساحة سيناء60 ألف كيلو متر مربع.. منها 28 ألف كيلو متر بمحافظة شمال سيناء و22 ألف كيلو متر في جنوبها.. وهذه المساحة العملاقة مازالت في حاجة إلي العديد من برامج التنمية لكي تجذب المشروعات الصناعية والزراعية والسياحية.. وتساهم في توطين 5.4 مليون نسمة. ورغم الحديث المتواصل عن أهمية تعمير سيناء سياسياً واقتصادياً إلا أن هذه البقعة الطاهرة والغالية من أرض مصر مازالت تعاني من عزوف المواطنين عن العيش فيها.. ومازالت هناك مشكلات عديدة تعترض سبيل التنمية علي أرضها.. والأسباب في ذلك متنوعة.. لعل أهمها عدم توافر الخدمات ووسائل النقل وفرص العمل.. وعدم تقديم حوافز كافية للقطاع الخاص وأصحاب رءوس الأموال. وقد ذكر آخر تقرير صدر عن التنمية في سيناء أن الاستثمار في المحافظة العريقة يمر بأزمة حقيقية وأنه خلال 18 عاما مضت.. منذ عودة سيناء إلي احضان الوطن لم ينفذ علي أرض الواقع فيها سوي 30% فقط من المستهدف وهذا مؤشر خطير للأسف ينبغي أن يحرك الجهات المسئولة.. المنوط بها التخطيط والمتابعة.. وأولي هذه الجهات جهاز تعمير سيناء الذي أنشئ مؤخرا لتكون مهمته البحث عن أدوات فاعلة لزيادة معدلات التنمية في هذا الجزء العزيز من ارض مصر. لقد صاحبت عودة سيناء وعود وأمنيات هائلة بأنها ستكون مشروع مصر القومي.. مشروع المستقبل العظيم.. لكن الأعوام تمر دون أن تأخذ سيناء حقها.. والحلم يكاد يتبدد من بين أيدينا.. لكي يسلمنا إلي الاحباط والركود وظهرت مشكلات حقيقية تعترض تحقيق الوعود والأمنيات. من هذه المشكلات الحقيقية التي نلمسها جميعاً أن المشروع القومي لتنمية سيناء الذي بدأ عام 1994 ليستمر حتي 2017 قد تعطل وهذا المشروع الكبير يحمل رؤية مستقبلية تقضي بضرورة وجود 5.4 مليون مواطن مصري في سيناء وشبكة من المشروعات الزراعية والصناعية والسياحية ولعل أهم ملامح تعطيل هذا المشروع كما هو واضح أن ترعة السلام لم يتم استكمالها وخط السكة الحديدية ايضا معطل.. والمنطقة الصناعية في شمال سيناء لم توضع بعد علي خريطة المناطق الصناعية في مصر. وإذا كانت هناك تخوفات حقيقية يجب الانتباه إليها بخصوص تملك الأجانب لأراضي سيناء بطرق وأساليب ملتوية فإن هناك تخوفات أخري تتعلق بالتصور العام أن تعتمد التنمية في سيناء علي المشروعات السياحية وحدها.. فمهما كانت هذه المشروعات مربحة إلا أنها لا تحقق الهدف الذي ترمي إليه التنمية المتكاملة التي تتوخي في المقام الأول تعمير الأرض والدفاع عنها. إن تعمير سيناء وزرعها بالبشر هو الرد الوحيد علي كل من تحدثه نفسه أن يجعل من سيناء حلا لمشاكله.. فسيناء مصرية ولن يعيش فيها إلا المصريون.. ولن يعمرها إلا أبناء مصر.. أما الصهاينة الذين يحلمون بالعودة إليها عن طر يق المال فيجب ألا يأخذوا بالسلام ما لم يأخذوه بالحرب.