كان يتحدث كثيرا عن محاربة الفساد.. ويقسم بأغلظ الإيمان انه وبقدر حبه للوطن واخلاصه لمبادئه لن يتستر أبدا علي فساد وعلي الرغم من ذلك كانت رائحة الفساد تفوح من كل ركن في وزارته وباعترافه هو حتي حانت الساعة التي جاءت فيها الأجهزة الأمنية وقامت بواجبها. كنت قد كتبت في هذه الزاوية يوم السبت الماضي ان وزير الزراعة فاجأنا بالاعلان الصريح عن ان الفساد "بيلف وييجي ينام في الوزارة" ثم اتبع هذا الاعتراف بالتأكيد علي انه لن يتستر علي فساد.. ثم علقت علي ذلك متسائلا: إذا كان الأمر علي هذا النحو وكنا جميعا نري الفساد الذي يلف وييجي ينام عندنا.. وكلنا نحارب الفساد ولا نتسر عليه فمن الفاسد إذن؟! من يا تري ذلك الشخص الذي ينغص علينا حياتنا ويشوه صورة بلدنا ويجعل رائحة الفساد تزكم أنف كل من تطأ قدمه موقعا حكوميا أو هيئة عامة أو مؤسسة خاصة؟! وزدت علي ذلك بأن كل مسئول يتحدث عن محاربة الفساد ثم بعد ان يغادر موقعه نسمع حكايات عن فساده يشيب لها الولدان.. والمصيبة ان الفاسدين هم الأعلي صوتا في كل المواقع والأكثر فجرا والأكثر حديثا عن الطهر والاستقامة.. عن الانتماء وحب الوطن وهم يعرفون جيدا ان عيون الناس تكشفهم وترصدهم. لم تكن هذه نبوءة بالطبع لأن هذا كتب في الواقع علي خلفية المعلومات التي تواترت في كثير من المواقع الالكترونية عن قضية فساد كبري في وزارة الزراعة تورطت فيها اسماء مشهورة.. وصدر أمر النائب العام بحظر النشر فيها ورغم هذا الحظر فاحت رائحة القضية وانكشفت اسماء كثيرة من المتهمين فيها. والفساد - كما نعرف - له رائحة مميزة نشمها عن بعد كما ان الفساد الفاجر في مصر له ناسه.. الذين عرفوا به وعرف بهم ليسوا من الذين تأتي أرجلهم في القضية عرضا أو الذين يتورطون مرة في ظروف خاصة ثم يعترفون ويتوبون وإنما هم من المتمرسين المدمنين الذين تشم رائحتهم إذا مروا بجوارك أو إذا رأيت صورهم في الصحف وعلي الشاشات. هؤلاء مثل الفيروسات التي تنشط بقوة عندما تجد البيئة المناسبة وقد كانت البيئة مناسبة في وزارة الزراعة.. فنشط ملك الرشاوي عندما وجد ضالته وبدأ يمارس هوايته المفضلة في الوساطة حتي أوقع بالوزير ومدير مكتبه حسبما جاء في بيان النائب العام. وانظر إلي نوعية الرشاوي لتعرف مدي الفجر الذي وصل إليه الراشي والمرتشي والوسيط.. عضوية النادي الأهلي ب 140 ألف جنيه وملابس ب 130 ألف جنيه وافطار في احد الفنادق الفاخرة في رمضان وتكاليف رحلة الحج السياحي الفاخر ل 16 من عائلات المتهمين ولا أدري كيف تصور هؤلاء ان الله جل شأنه سوف يقبل صيام أو حج المرتشين علي هذا النحو لكنه ملك الرشاوي - الوسيط - الذي فكر وقدر وابدع. وملك الرشاوي هذا سوابقه معروفة.. لكنه لم يستتر ولم يتب بالعكس كان نهما إلي المزيد حتي بلغ طموحه الترشح لعضوية مجلس النواب وانتحال صفة صحفي ليكتب مقالات في "اليوم السابع" أو تكتب له وليهاجم شيخ الأزهر ويجري حوارات صحفية مع عدد من الوزراء والمسئولين. والأهم من ذلك كله انه سطا علي اسم الكاتب الصحفي الكبير القدير الأستاذ محمد فودة صاحب التاريخ العريق في بلاط صاحبة الجلالة ورئيس تحرير المساء الأسبق وصاحب العمود الأشهر في هذه الجريدة "من الواقع" والمشهود له في كل المحافل بالكفاءة والخلق الرفيع وقد بح صوت الأستاذ محمد فودة في التنبيه إلي جريمة السطو هذه التي تسيء إليه وإلي تاريخه.. لكن - للأسف - لم ينصفه أحد ولم تتحرك نقابة الصحفيين إلا مؤخرا لمواجهة اغرب جريمة اغتصاب واستيطان في تاريخ الصحافة فهذا الدعي أراد ان يستوطن اسم الكاتب الكبير ويحتل سمعته الطيبة وسيرته الحسنة. ويشاء الله تعالي ان تتكشف قضية الفساد بكل ابعادها وينكشف أمر ملك الرشاوي ويشاء سبحانه ان ينصف الكاتب الكبير ويبريء اسمه من الشوائب ويطمئنه علي ذلك وهو مازال علي قيد الحياة أطال الله في عمره.