سطع مؤخراً فى سماء الإعلام واحد من نجوم المستقبل.. أراقب بقليل من الجهد حركة وتحركات مع تصريحات «علاء فهمى» وزير النقل والمواصلات.. شاهدت صورته فى كابينة واحدة من قطارات مترو الأنفاق مع تصريحات تثير الضحك قبل الحزن.. وقرأت عن خططه الرائعة حول تجديد عدد من محطات السكك الحديدية، بتكلفة مئات الملايين من الجنيهات.. ويبدو أن معاليه اصطفى نفرا من الذين قالوا له، عليك بالحضور الإعلامى حتى ولو لم تفعل شيئاً.. صرح.. ثم صرح.. انشر صورتك.. ثم كثف نشر الصورة.. وقع عقود الإعلانات مع الصحف، واصرف المكافآت للذين يتابعون تحركاتك فى الفضائيات.. فهذا هو السبيل للتأكيد على أنك وزير سياسى!! فالمعروف بالضرورة أن معالى وزير النقل لم تظهر عليه أعراض مرض السياسة.. كما لم نعرف عنه انشغاله بأمور النقل والمواصلات وقت أن كان مسؤولاً عن هيئة البريد.. اللهم إلا لو اعتبرنا أن عمل توصيل «الجوابات» وسيلة من وسائل النقل!! لا أقصد الوزير بشخصه ولا موقعه فهو نموذج.. الذين لا يعملون ويطاردون الإعلام بلطف وتوقيع على «أوامر» نشر الإعلانات ستجدهم مرموقين لدى الإعلام المستقل والقومى والمستغل والموضوعى، وحتى صحف «بير السلم».. أما الذين يعملون فهم هدف للقصف المكثف – ولا مانع من القذف والسب – من جانب كل ألوان طيف الإعلام.. فهذا الدكتور «أحمد زكى بدر» وزير التربية والتعليم.. يواجه حرباً ضروسا منذ أن أعلن نيته للإصلاح ومواجهة الفساد.. كتبنا آلاف المقالات حول سوء حالة الأبنية التعليمية.. نشرنا آلاف التحقيقات حول تدهور مبانى المدارس الحكومية.. جاء وزير ليقول إن ساعة الإصلاح تدق.. تجمهر ضده المسؤولون عن انهيار المبانى التعليمية وسوء حالة المدارس الحكومية، فإذا بالصحف التى رفضت الوضع الراهن تنبرى لتدافع عن المظلومين.. المسؤولين عن تدهور حال مدارسنا وأبنيتنا التعليمية.. أى مفارقة تلك.. ذهب الوزير لتحقيق الانضباط ومعاقبة الإهمال فى المدارس.. انقلبت الدنيا.. هاجمناه فى كل كتاب وصحيفة وقناة.. أهدرنا دمه.. تدخل وزير من الحكومة لينصحه بالهدوء وتحمل إنتاج مصانع الفساد الإعلامية الضخمة.. فرض على زميله الوزير التراجع قليلا.. ثم جاء من يطلب من وزير التربية والتعليم الاعتذار عن مسيرة والده – رحمه الله – وقت أن كان وزيرا للداخلية.. هذا كلام يدعونا لرثاء أنفسنا.. فلو افترضنا أن الوزير ساذج إلى حد الموافقة على ذلك.. هنا يمكن أن نمضى فى البلاهة ونطلب تحويله للتحقيق باعتباره مسؤولاً عما فعل والده – وله كل التقدير -.. على هذا النحو تمضى الأمور ونقلب الأبيض أسود والأسود أبيض!! يحدث هذا فى ظل مسؤولية كبير «عيلة نظيف أفندى» عن حكومة تدافع عنها الأغلبية.. ويكشف فسادها عدد من نواب الأغلبية!! فالمهندس «أحمد المغربى» وزير الإسكان الذى انطلق بسرعة الصاروخ لاعتناقه مبدأ الشفافية.. فرفع سعر الأراضى فى مصر إلى ما لا يمكن تخيله.. هو نفسه المتورط فى فضيحة أرض «ميدان التحرير».. ولما هضمتها معدة الفساد.. اكتشفنا أنه ذهب لالتهام جزيرة «آمون» فى أسوان.. «كل شىء انكشف وبان» عندما تقدم بالملف النائب «هشام مصطفى خليل» فى لحظة مثيرة للدهشة – صدقونى هو واحد من رموز الحزب الحاكم – ثم كان قرار رئيس الجمهورية بإلغاء الصفقة الفاسدة.. قمة الدراما تتجلى إذا علمنا أن الدكتور «هانى هلال» وزير التعليم العالى يضطهد رموز حزب الأغلبية.. هو الذى حرم عالما جليلا وأستاذا كبيرا اسمه «هانى الناظر» من جائزة الدولة التقديرية دون وجه حق.. وفضح الدكتور «محمد السعدنى» رئيس أكاديمية مبارك، بل عزله من منصبه، لمجرد أنه حاول المضى مسرعا نحو المستقبل. ولدينا أيضا وزير للصحة يواجه «نواب العلاج على نفقة الدولة» ويدخل فى معركة حامية.. دافع عنه الذين يرتدون ثوب الطهارة والشرف والأمانة.. صمتوا تماما عندما اكتشفنا فضيحة أرض مدينة نصر.. ولها علاقة بمعالى وزير الصحة.. غطى الجميع على الرائحة الكريهة وانصرفوا عنها.. فهذا موسم الانشغال بقضية الشاب «خالد سعيد» التى مازلت عاجزا عن فهمها.. وأشعلنا النيران ليتجمع الناس حول أزمة المحامين مع القضاء.. تركنا «سيدى محمد البرادعى» وانقلابه على رموز ونجوم حركة التغيير.. وتركنا الدروس التى يلقننا إياها من اكتشفوا أن «سيدى محمد البرادعى» أقل من أن يكون زعيما وقائدا للأمة.. لم نناقش أستاذ السياسة ولا الإعلامى ولا الروائى الذين بشروا به لحظة انقلابهم عليه. سترنا عوراتهم بالانصراف عن تصريحاتهم المتضاربة والمتناقضة.. بالقدر ذاته لم نحاسب وزير الزراعة عن صمته وعجزه فى أداء عمله.. لم نسأل وزير الرى عن خيبة أمله وعمله فيما ذهبنا إليه بكارثة الأزمة مع دول حوض النيل.. تركنا وزير المالية يفرض علينا المزيد من الضرائب دون حوار.. اعتبرنا أن قولة: «لعن الله الخصخصة وبتوع الخصخصة» جملة اعتراضية لا تستحق المناقشة.. انصرفنا حول «الحاوى» لحظة إشعاله النيران حول نفسه ثم المرور منها.. هذا مولد نجح فيه كل أفراد «عيلة نظيف أفندى» الذين يعزفون على آلاتهم.. كل منهم يقول ويفعل ما يشاء.. بينما المايسترو يلعب دور قائد الفرقة دون أن يدرى أنه لا يملك لحنا.. والفرقة لا تعزف موسيقى فى زمن يصرخ فيه من يعتقدون أنهم مطربون على إيقاعات من يزعمون أنهم موسيقيون.. فإذا كنا قد سقطنا من قمة «أم كلثوم» إلى سفح من يقال عنه إنه مطرب الجيل ويحمل اسم «تامر حسنى». فنحن إذن نعيش زمن الإنجاز وعكسه، ونسمع لحنا لا يفهمه أحد منا ولا غيرنا.. بارك الله فى «عيلة نظيف أفندى» وفى الذين يعارضونها حسب المزاج والمصلحة فى الأسواق الشعبية الأسبوعية! [email protected]