للحج في التراث الشعبي طقوس وعادات بدءا من استخراج جواز السفر ثم التقدم للقرعة واعلان النتيجة والاستعداد للسفر. ثم السفر الي الاراضي الحجازية واخيرا العودة بعد اداء الفريضة سواء بطلاء منزل الحاج وتزيينه بالانوار والرسومات المعبرة عليه. أو بالاغاني والاناشيد الدينية. او بالقصص عن تلك الرحلة المباركة التي يتمناها كل مسلم ومسلمة طوال حياته. في البداية تقول د. زينب عفيفي استاذ العلوم الانسانية بآداب المنوفية ان مظاهر الحج تغيرت عما كانت في الماضي. فالكثير من الاشخاص قد يذهبون الي الاراضي الحجازية ليس في الحقيقة لاداء الفريضة. بل كنوع من التظاهر والمفاخرة والحصول علي لقب "حاج" رغم ان تكلفة الحج مرتفعة وقد يحرم الانسان نفسه من اشياء كثيرة من اجل توفير رسوم ونفقات تلك الرحلة. اشارت الي ان الناس في المجتمعات الريفية التقليدية مازالوا يحرصون علي الاتيان بمظاهر الحج القديمة. ومنها اقامة الاحتفالات عند سفر الحاج وكذا حال عودته من اداء تلك الفريضة. وايضا بوضع الاعلام والرايات البيضاء والخضراء أعلي وسائل نقل الحجيج. علي الميهي لايقتصر الحج فقط علي القرية. بل علي مستوي مصر كلها. حيث كانت منطقة الخيامية بالقاهرة تقوم بتصنيع كسوة الكعبة. ويتم توديعها بحضور ملك مصر علي رأس مودعي "المحمل" ثم تتجه الي ارض الحجاز. اوضح ان الحج قديما كان عن طريق الجمال والبواخر. وكان السفر قبل اشهر من بداية الموسم لافتا الي ان مصر كانت معبرا لحجاج دول شمال افريقيا الي السعودية حيث كانت تستقبل حجاج المغرب وتونس والجزائر وموريتانيا وليبيا عن طريق قوافل من السيارات وكانت المضايف والاستراحات منتشرة علي طول الطريق. اضاف ان الحاج كان يرتدي الملابس البيضاء ويتم تزويده بكميات من الطعام والشراب والمخبوزات اللازمة التي تكفيه طوال مدة الرحلة فيما يسمي ب "الزوادة" وانه عندما يعود من أداء الفريضة يجد ان اسرته واهله قد قاموا بدهان منزله ورسموا علي جدرانه الرسوم الفلكلورية الخاصة بتلك الشعيرة ومنها رسم الجمل والباخرة وحديثا الطائرة. والكعبة المشرفة. ومسجد الرسول صلي الله عليه وسلم. ويستعد الاهل والجيران والاحباب لاستقبال الحاج بالمثلجات والسكر و"الشربات" ومظاهر الفرحة غير العادية ومنها الاغاني والتواشيح وغيرها واحضار المقرئين والمنشدين والمداحين لاقامة الليالي. بالاضافة الي نحر الذبائح واطعام الاهالي والفقراء وذلك من قبل العوائل الموسرة لافتا الي ان الحاج كان يأتي بماء زمزم لتوزيعه علي اهله ومهنئيه واهدائهم السجاجيد والمسابح والطواقي والعطور والملابس والكحل والبخور والتفاح والتمور المشتراة من مكة والمدينة كنوع من البركة ومظهر من مظاهر الفرح. اشار علاء داود "مدرس" الي ان الاغاني الدينية والمدائح كانت تغني بمنزل الحاج قبل سفره ومن اشهرها اغنية ليلي مراد "يارايحين للنبي الغالي" ترغيبا في الحج وطمعا في الهداية واملا في نيل الشفاعة وكذا اثناء وداعه وذهاب الاهل لاستقباله. كما كان يأتي احد اهالي القرية ممن سبق له اداء تلك الفريضة الي منزل الحاج يجالسه ليرشده ويقدم له النصائح عن تلك الرحلة وما يلزمه من ادوات ومتعلقات شخصية وادوية وخلافه من واقع خبرته. واثناء سفره تقام له زفة كبيرة بالخيل والزغاريد ويصافحه المهنئون بالاحضان ويقبلونه للتبرك. معتقدين انه سيتذكرهم بالدعاء فور وصوله الي بيت الله الحرام. بينما عند العودة يستقبلونه ويحتضنوه أملا في الحصول علي البركة التي تظهر في صورة اشراقة ونور بوجهه. معتقدين انها جاءت نتيجة غسله من ذنوبه وحصوله علي البركات بسبب رؤيته للاماكن المقدسة طوال فترة اقامته بها.