هي عادة قديمة انتشرت في أقاليم مصر قراها ونجوعها.. قلت لدرجة الندرة في المدن باستثناء المناطق والأحياء الشعبية.. إنها تزويق بيت الحاج وتزيينه بالرسومات المعبرة عن الكعبة والحجاج أثناء طوافهم وكذلك كتابة بعض الآيات القرآنية الملائمة لتلك المناسبة ذات الطابع الخاص لدى المصريين مثل قوله تعالى "وأتموا الحج والعمرة لله".. وقوله سبحانه "ولله على الناسِ حج البيت من استطاع إليه سبيلا". عقبال عندكم يا حبايب كل هذه الأمور يتم تجهيزها قبل وصول الحاج إلى بلده بعد أداء مناسك الحج، من خلال أهله وأقربائه، الذين يذهب بعضهم لاستقباله بالفرقة الموسيقية إلى جانب دهن واجهة المنزل باللون الأبيض ورسم وسيلة المواصلات التى استخدمها الحاج فى رحلته سواء كانت الباخرة أو الطائرة والجمل أحيانا، كما اشتهرت عدة عبارات في هذا الشأن أهمها "حج مبرور وذنب مغفور"، و"عقبال عندكم يا حبايب". اعتاد المصريون على الاحتفال بموسم الحج هكذا وفقا لموروث ثقافي وفن توارثوه جيلا بعد جيل، عبر عدد من الفنانيين والخطاطيين المشهورين فى القرى والمناطق الشعبة. وترى غالبية الأسر في ريف مصر أن خير وسيلة لاستقبال الحاج بعد عودته سالما هي تزيين واجهة منزله بتلك الرسوم والكلمات، ولا تبخل في سبيل ذلك بتوفير كافة ما يحتاج إليه الخطاط من ألوان ومال وكذلك إعادة طلاء وترميم الحائط المستخدم كي يصبح بحالة جيدة. الرسومات والخط وفي هذا الشأن يقول على حسن، مدرس لغة عربية وخط عربي بمدرسة الحاج حسين الابتدائية بإحدى قرى محافظة أسيوط، إنه اعتاد على رسم الكعبة وجبل عرفات والحجاج وكتابة الأيات القرآنية لكل أصدقائه الذن يسافرون لأداء مناسك الحج أو ذويهم، مشيرا إلى أن هذا العمل تطوعي ويقوم به مجاملة لهم دون أن يتقاضى عليه أية أموال. ويشير علي حسن إلى أن هذه المهنة ليست بحاجة إلى ابتكار لآن الرسومات محفوظة ولا تتغير إلا أن الأمر كله يتطلب رؤية لحجم الجدار ومساحته وبالتالي حجم الرسومات ونوع الخط.ويضيف: أشعر بالفخر لقيامي بهذا العمل ولآنني أشارك في الفرحة التى تعم على الحاج وأهله"، موضحا أن أدواته بسيطة للغاية ومنها ألوان مائية يتم مزجها جيدا ثم الرسم بواسطة ريشة طائر أو عود من "البوص" ذي طرف مدبب أشبه بسن القلم إلى جانب سلم خشبي يستخدمه للوصول إلى الأماكن العليا من الجدار. واجهة العمارة باللون الأبيض من جانبه، يقول الحاج أحمد محمود من منطقة الطالبية بفيصل "فرحت كثيرا عندما عدت من رحلة الحج ووجدت أهل بيتي قد قاموا بتزيين واجهة العمارة برسوم الحج وشعرت بأن جميع أهل المنطقة علموا بأنني أديت الفريضة وذلك ليس نوعا من التفاخر وإنما يعكس أهمية تلك الفريضة في حياتنا". ويتذكر الحاج أحمد محمود أنه عندما ذهب إلى الحج هو وزوجته قبل عدة أعوام أوصى ابنه محمود بإعادة طلاء واجهة العمارة باللون الأبيض، واستقدام خطاط كي يقوم بكتابة الآيات القرآنية وإعلان الحج. وتقول الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق، أن تلك الرسوم فن فطري وامتداد للفن الفرعوني القديم كما أنها موروث شعبي خالص يتميز به الشعب المصري، خاصة في القرى والأحياء الشعبية ورغم تراجعه بعض الشيء في الأعوام الأخيرة، خاصة في المدن الكبرى كالقاهرة بدعوى الحداثة إلا أنه يظل حاضرا في بيوت القرى حيث يعكس الفرح والتفاخر برحلة الحج والحصول على لقب حاج وهو اللقب الذي له مكانة خاصة لدى المسلمين عامة والمصريين خاصة .