مع قدوم موسم الحج في كل عام تتزين منازل المسافرين لاداء فريضة الحج داخل محافظة قنا بالرسوم الدينية. حتي تجد المنزل من الخارج صورة مصغرة للبيت الحرام اذ يحرص الحجاج علي رسم الكعبة المشرفة والطائفين حولها الي جانب الايات القرآنية والاحاديث النبوية التي تحث علي الحج. يقول الحاج محمد احمد سليم احد حجاج السبعينيات ان اول زيارة قام بها لمكة كانت في عام 1971 ظل قبلها مغتربا ثلاث سنوات يعمل بأحد مصانع مدينة المنصورة لكي يوفر نفقات الحج وفي نفس الوقت يرسل نفقات لاسرته وبعد عودته لبلدته مرضت زوجته وأنفق علي مرضها بعضا مما كان يدخر وبعد ان شفيت وعزم علي السفر لم يجد معه سوي 50 جنيها فباع ما يملك من رءوس ماشية ليدبر باقي المبلغ. كما وجد زوجته تقدم له مبلغا اخر كانت تحتفظ به.. اضاف رغم ان الرحلة كان مشوارها شاقا حيث كان يمتطي الجمال ليصل الي الباخرة التي تقله للمدينة المنورة الا انها كانت اجمل رحلات حياته مما جعل شعورا يراوده باستمرار للعودة مرة اخري لزيارة البيت الحرام. وهذا ما جعله يسافر مرتين بعد ذلك بعدما كبر اولاده وساعدوه في المصاريف. وقال ان كل ما يتمناه الان ان يكرمه المولي عز وجل بالزيارة الاخيرة ليختتم حياته هناك ويلقي ربه في اطهر البلدان. اما الحاجة سعاد يوسف فقالت انها سافرت في عام 1986 مع نجلها الاكبر وكانت المرة الاولي التي تغادر فيها خارج الحدود قريتها ومن يومها وهي تحافظ علي الصلوات حتي صلاة الفجر تستيقظ كل يوم لتؤديها في موعدها وتظل تذكر المولي عز وجل حتي تطلع الشمس الي جانب حرصها علي الصوم يومي الاثنين والخميس منذ 27 عاما. وأوضح الحاج عبدالحي موسي انه ادي فريضة الحج مرتين الاولي له والثانية كانت لوالده الذي ظل يتمني الزيارة حتي مماته ولكن ضيق ذات اليد حال دون ذلك وهذا ما جعله يسافر للعمل بالكويت ويعود بعدها ليؤدي فريضة الحج عنه ووالده. ويقول الحاج محمد مساعد ان ابرز العادات المنتشرة داخل محافظة قنا في توديع واستقبال الحجاج تشمل اقامة ليالي الذكر المتواصلة قبل السفر باسبوع ووضع مكبرات صوت اعلي المنزل تردد المديح النبوي للشيخ ياسين التهامي. وبعد العودة يستقبل اهل القرية للتهنئة ويقدم لهم هدايا مما احضر معه من ماء زمزم وبعض المسابح والهدايا الرمزية كما ان البعض يحرص علي توديعه ليحمله امانة الدعاء له لقضاء حاجة بعينها او الدعاء بان يلحق به ليؤدي الفريضة ثم قامت بعد ذلك احتفالية كبري بحضور احد المداحين او المقرئين لامتاع الناس بآيات الذكر الحكيم بعد ان يقيم لهم مأدبة عشاء. اما عطية محمد احمد مدير مدرسة وخطاط فيؤكد حرص الحاج علي توصيته بكتابة الايات القرآنية علي جدران المنازل من الخارج بعد ان يتم دهانها من جديد ويسجل علي الواجهة عبارة زار واعتمر بيت الله الحرام "الحاج ......" وتاريخ الزيارة وبجوارها رسم للكعبة المشرفة والحجاج يطوفون حولها واعلي الرسم دعاء "لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. ان الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك" وكذلك ترسم صورة الوسيلة التي سافر بها الحاج سواء الباخرة او الطائرة كما تكتب الاية القرآنية "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق" بالاضافة الي الحديث النبوي.. "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته امه" ويشير الي ان الحجاج يحرصون علي تجديد الكتابات والرسوم كلما بهتت الالوان ويقوم هو بذلك بطيب خاطر متبرعا عسي ان يكتب الله له الجزاء بزيارة البيت الحرام.