يعد د. حسن البنداري مثلاً لتآلف الشخصية المبدعة والنقدية والأكاديمية في أنشطته المختلفة.. صدر له العديد من الأعمال الروائية والقصصية.. وكتب النقد. وأشرف علي عشرات الرسائل الجامعية. وخصص جوائز لشباب المبدعين والباحثين. يحدثنا عن الاتجاهات الحديثة في الرواية العربية. يري أن الروايات الآن تساير المتغيرات الحادثة. وبعد أن كنا أقصد الروائيين نلجأ إلي الرمز والغموض. صرنا نتجه إلي الوضوح. ولعلي أرجو أن يكون الوضوح الفني لا الغموض أو الإسفاف. وقد انعكس هذا في عملين هما "تحت الأحزان" و"فوق الأحزان". في الرواية الثانية تخلت عن التحفظ السبعيني. صار من الماضي. ثمة أجيال جديدة تتعامل مع الفن بجرأة ووضوح. حتي في استخدام أساليب اللغة نفسها. لم تعد العبارات موحية كما كان الوضع في السابق. أصبح التصريح والسرد علي قدر كبير من الوضوح. التواصل مع الحاضر الآني. وليس مع التاريخ. نحن نعني الآن بالتغيرات الحادثة. وهذا ما أعلنت عنه في رواية لي عن التغيرات التي ستشهدها منطقة قناة السويس. وعن السؤال: ما مدي اتفاقه أو اختلافه مع تأثيرات الوسائط التكنولوجية علي الفن الروائي.. يقول د. البنداري: أعتقد ان هذا يفيد الرواية. هناك بنيات تعزز الموقف الدرامي.. قصة. مقطع من فيلم. مقطوعة موسيقية. الخ. ذلك كله يدخل في باب التناص. أو التفاعل بين الأنواع الأدبية. وربما استعانت بجزء من رسالة. وأيضا تقنية الحلم. من المهم أن أغوص في عمق ووجدان الشخصية. عبر المونولوج وتيار الوعي. الصورة واللغة وسائط لا يمكن الاستغناء عنها. هذه الوسائط ضرورية في اقناع القاريء. قال: علينا أن نعرف الأسباب التي تقف خلف بعض الأدباء. وتروج لإبداعهم. أو بمعني أدق لكتاباتهم التي لا ترقي أن تكون إبداعاً من أصله: الميديا. والكتابة في الصحف ووسائل الإعلام. حشد مجموعة من الكتبة لا النقاد الحقيقيين للكتابة عنهم. كم من الروايات الممتازة مرت دون أن يلتفت إليها أحد.. لانها لم تعتمد علي هذا الضجيج الإعلامي. هناك ما يمكن أن نصفهم بالمروجين لهذه الأعمال. بداية من الناشر الذي يوهم البعض بأنه يطبع أكثر من عشر طبعات مختلفة. وان كتب مؤلفيه دخلت مسابقات دولية. وانها ترجمت إلي أكثر من 30 لغة. الزن علي الآذان أمر من السحر. وعندما يجد الشاب أو الفتاة ان هناك إلحاحاً علي رواية بعينها. فإنه يشتريها. وهكذا يحدث الرواج. وهو رواج زائف وزائل. وينتهي إلي لا شئ. أصبحنا نتقن فن صناعة الروائي كما هو حادث في صناعة النجم. أنا ناقد في الميدان. وأدرك هذه الأمور جيداً. هناك كتابات لناس ليس لديهم أي تاريخ نقدي. لكنهم يتصدون لأعمال روائية أو أدبية بعينها. فيتحدثون عن أعمال بكلام لا نفهم منه شيئاً. ولا يضيف إلي تلك الأعمال شيئاً. قلنا: أين الناقد الأكاديمي مما يحدث في الساحة الثقافية؟ قال: علي الناقد الأكاديمي مبدعاً فسنجده مختلفاً في كتاباته النقدية. لا يكتب وهو مقيد بالنظريات. بل يتحرر من ذلك كله ليعبر عن رؤيته بطريقة إبداعية. ورأيي ان الروائي والشاعر أكثر إحساساً بالنقد.. والرؤية النقدية لديهما ثاقبة. قلنا: ماذا عن الجوائز؟ قال: الجوائز مسألة حساسة جداً. هناك جوائز كثيرة تمليها الخواطر. وتمليها اعتبارات كثيرة ليس من بينها القيمة الفنية. أنا لم أحصل علي جائزة الدولة. وأدرك انني لن أحصل علي جائزة من جوائز الدولة. وأدرك انني لم أحصل علي جائزة من المجلس الأعلي للثقافة. وقد اعتذرت عن جائزة العويس. لأن الأولي بأن ينالها هم الشباب. أنا لا أزاحم الشباب في الجوائز.. فضلاً عن اني خصصت باسمي جائزة سنوية في الرواية والنقد عن اتحاد الكتاب. وجائزة في القصة القصيرة من جامعة عين شمس. وجائزة مماثلة في جامعة طنطا. أنا أمنح الجوائز. ولا أنتظرها!