حذرت دراسة علمية بكلية الزراعة جامعة المنصورة من خطورة الزحف العمراني علي الأراضي الزراعية بمحافظة الدقهلية الذي جري خلال السنوات الثلاث الماضية إبان فترات الانفلات الأمني التي أعقبت الثورة وما تمخص عنها من نتائج مفزعة لتآكل أكثر من 34 ألف فدان أراض طينية خصبة لا يمكن تعويضها. يلتهم أجود الأراضي الزراعية.. ويهدد المستوي الثقافي والاجتماعي للسكان الدكتور عبدالحميد النجار مدرس الأراضي بجامعة المنصورة والمشرف علي الدراسة التي أعدها الباحث أحمد علي عزيز أشار إلي عملية التصوير بالاستشعار عن بعد والتي تتميز بدقة نتائجها بنسبة تتجاوز 90% أفادت بأن معدل الزحف العمراني بالدقهلية بلغ 3.69% سنوياً أي بما يعادل فقدان 11.428 ألف فدان سنوياً وأن الإحصائيات خلال عام 2014 أفادت بأن الأراضي الزراعية بالمحافظة تمثل نسبة 71% نحو 661 ألف فدان بالإضافة إلي الأراضي المضافة إلي هذه المساحة من جراء تجفيف بعض المساحات في بحيرة المنزلة وبالتالي فإن الزحف العمراني لو استمر بنفس المعدل سنوياً سيتم القضاء علي الأراضي الزراعية في الدقهلية خلال 58 عاماً. أضاف الدكتور النجار أن الدراسة كشفت عن مؤشر خطير جداً وهو أن الزحف العمراني قبل الثورة كان يتم حول المدن والقري وخلال السنوات الثلاث الماضية استمر الزحف في أماكن بعيدة نسبياً عن التجمعات السكانية للمدن والقري الأمر الذي ينذر بإضافة هذه التعديات إلي العشوائيات التي تمت بدون تخطيط أو الالتزام بقواعد البناء المطلوبة وهذا الأمر سوف يؤثر علي مد المرافق والشبكات لهذه التجمعات ويساهم في انخفاض المستوي الثقافي والاجتماعي للسكان. أشار أيضاً إلي أن أرض مصر في الأساس أرض صحراوية وقد تكونت أراضي الدلتا الحالية نتيجة للترسيبات النهرية عبر ملايين السنين بفعل نهر النيل وبالتالي فإن أراضي الدلتا لا يمكن تعويضها نظراً لأنها غنية بالعناصر الغذائية ولها القدرة علي الاحتفاظ بالماء والغذاء وبالتالي بجودتها في زراعات الأرز والقطن وخلافه علي العكس في الأراضي الرملية. الدكتور الشبراوي أمين وكيل أول وزارة الزراعة بالدقهلية أشار من جانبه إلي أن مساحة الأراضي الزراعية التي تم الاعتداء والبناء عليها خلال السنوات الثلاث الماضية خمسة آلاف فدان فقط تمثلت في 94 ألف حالة تقريباً وقد صدر لها 60 ألف قرار إزالة نفذ منها حوالي 12 ألف حالة وبالتالي فإن هناك حوالي 82 ألف حالة لم يتم تنفيذها إلي الآن وقد تصدر مركز السنبلاوين المقدمة في عدد حالات التعدي بمساحة 420 فداناً لعدد 12 ألف حالة ويأتي مركز تمي الأمديد في ذيل القائمة بمساحة 148 فدانا موزعة علي حوالي ألفي حالة تعد ومنذ أن تولي وكيل الوزارة الحالي المسئولية قبل أربعة أشهر تم إزالة 1021 حالة تعد علي مساحة 56 فداناً علي مستوي مراكز المحافظة وفي نفس الوقت فقد أصدر الدكتور الشبراوي أمين وكيل الوزارة قراراً بتعيين مدير وأعضاء جدد لقسم حماية الأراضي بمديرية الزراعة كما أوعز تفشي هذه الظاهرة بسبب غياب الوعي لدي المواطن والرغبة في تحقيق مكسب سريع ومن هنا فإنه لابد من مواجهة هذه الظاهرة بعدم التصريح بالبناء في القري إلا بعد صدور تصريح من الوحدة المحلية ومن يخالف ذلك يحرر له محرر تمهيداً لتحويلها إلي قضية أمن دولة. الأمر الثاني ضرورة إنشاء شرطة نوعية تسمي شرطة حماية الأراضي علي غرار شرطة الكهرباء والمسطحات ويتمحور دورها في التنسيق مع الزراعة والمحليات والعمد للتصدي للتعديات في المهد. المهندس أحمد عوض مدير عام الزراعة: ان هناك تركيزا شديدا علي تنفيذ قرارات الإزالة بالتنسيق مع الجهات الأمنية بداية من التعديات الواقعة علي الطرق الرئيسية التي تربط المحافظة بالمحافظات الأخري إلي جانب الطرق الواقعة داخل نطاق المراكز يلي ذلك إزالة الأسوار والمباني التي لم تكتمل بعد ثم المباني المستكملة المأهولة بالسكان من خلال الدراسات الأمنية لكل حالة علي حدة. سرور الحنفي رئيس الجمعية المشتركة بشربين وعضو الاتحاد التعاوني أشار إلي أنه لا توجد أية مساحات داخل الحيز العمراني لتلبية احتياجات الناس من الأراضي للبناء عليها وحينما تم الشروع في تنمية حيز عمراني للقري تم تحديده علي أساس ما هو قائم دون أية توسعات لمواجهة التوسعات المستقبلية وبالتالي لابد من وضع حيز عمراني جديد لكل قرية ومن يتجاوزه بعد ذلك يقدم للمحاكمة العاجلة. يقول عبدالخالق أحمد عبدالخالق رئيس الجمعية المركزية ان التراخي في مواجهة التعديات من المهد عن طريق الجمعية الزراعية هو الذي أدي إلي تفاقم المشكلة بالإضافة إلي عدم وجود آلية ردع لمن اعتدي بالفعل علي الأراضي الزراعية واقترح فرض غرامة تصل إلي 300 ألف جنيه لكل من يتسبب في تبوير فدان من الأرض أو القيام باستصلاح عشرة أفدنة صحراوية. نسيم البلاسي نقيب الفلاحين بالدقهلية أفاد ان الدقهلية من المحافظات التي لا تحظي بظهير صحراوي وهذا الأمر هو الذي يدفع البعض إلي التعدي علي الأراضي الزراعية خاصة في عدم وجود كردون حقيقي بالقري إلي جانب أننا تقدمنا باقتراح إنشاء الدقهلية الجديدة علي مساحة مائة ألف فدان بسيناء لشباب الخريجين وأسرهم وتناقشنا كثيراً مع المسئولين بهذا الخصوص في ظل الرغبة الشديدة للشباب ولكننا نصل في النهاية إلي طريق مسدود.