أحدث تقرير رسمي أصدرته وزارة الزراعة أكد فشل الحكومة في إزالة 83% من مخالفات البناء علي الأراضي الزراعية التي بلغت أكثر من 53 ألف فدان منذ ثورة 25 يناير وحتي الآن.. فقد بلغ إجمالي حالات التعدي خلال هذه الفترة مليونين و230 ألف حالة تم إزالة 160 ألف حالة منها فقط بمساحة لا تتجاوز 9 آلاف و400 فدان بينما فشلت الحكومة في إزالة مليون و170 ألف حالة علي مساحة 44 ألفاً و287 فداناً. هذه حقيقة صادمة لكل من يفكر بجدية في مستقبل هذا الوطن والشعب الذي يعيش علي أرضه.. فنحن تقريباً الدولة الوحيدة في العالم التي تبني علي الأرض الزراعية وفي الوقت ذاته تنفق ملايين الجنيهات علي استصلاح الأراضي الصحراوية. ويتضمن التقرير الرسمي العديد من الحقائق الكارثية الأخري.. ومنها: * تقارير التصوير الجوي ذكرت أن إجمالي ما فقدته مصر من الأراضي الزراعية خلال 3 سنوات بلغ أكثر من 150 ألف فدان بالإضافة إلي 103 آلاف فدان أخري قبل ثورة 25 يناير ليصل إجمالي ما فقدته الدولة خلال 30 عاماً إلي أكثر من 250 ألف فدان. * نصيب الفرد "المواطن" من الأراضي الزراعية انخفض من 1900 متر "نصف فدان تقريباً" قبل افتتاح السد العالي إلي أقل من 77 متراً حالياً. * المتوسط العام للمساحة الزراعية في مصر لا يتجاوز 8.6 مليون فدان.. ومعدل الزيادة السنوية في مساحة الأراضي لا يتجاوز 30 ألف فدان.. ومنذ ثورة 25 يناير وحتي الآن بلغ معدل الفقد سنوياً 50 ألف فدان بينما لم تزد المساحة المزروعة سنتيمتراً واحداً. وكان وزير الزراعة قد حذر من أن التعديات علي الأرض الزراعية بالبناء تلتهم أكثر من 50 ألف فدان سنوياً من أخصب أراضي الدلتا.. ولو استمر البناء بهذا المعدل لن تتبقي أرض زراعية للأجيال القادمة بعد 100 عام. وإلي جانب ذلك فإن التعديات علي الأراضي الخصبة تؤدي إلي زيادة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية علي أراضي الدلتا وترفع من معدلات التصحر.. ويقترح الوزير لعلاج هذا الخلل تطبيق المركزية في الاحتفاظ بخرائط التصوير الجوي للحيز العمراني وعدم توزيعها علي المحليات حتي لا يتم استغلالها بشكل غير قانوني في التلاعب والتحايل علي القانون للبناء علي الأراضي الزراعية التي يعمل بها 37% من السكان. لكن هذا في الواقع حل جزئي للمشكلة لن يفلح.. فقوانين الحظر والعقوبات لن تمنع الناس من بناء منازل يحتاجونها لمواجهة الزيادة السكانية وتمدد الأسر.. لذلك فإن الحل يبدأ من إتاحة الأراضي الرخيصة في مناطق صحراوية جديدة وجاذبة يتم تخطيطها بعناية لتكون البديل الأفضل والأرخص من الأراضي الزراعية. لابد من التركيز علي إيجاد مجتمعات عمرانية جديدة وصغيرة في الظهير الصحراوي للمحافظات.. وتطرح الأرض فيها بتكلفة المرافق فقط.. وتكون الأولوية لأبناء المحافظات القريبة.. وكل متر يباع في هذه الأرض سيحول دون التعدي علي أمتار في الأراضي الخصبة. أما إذا استمرت الحكومة تعمل بعقلية المقاول الذي لابد أن يكسب.. وإذا استمرت الأرض الصحراوية تباع بأغلي من الأرض الزراعية.. فسوف يستمر التآكل والضياع.