أسندت لواحد من أهل الخير الطيبين أن يكتب إليك عن ظروفي فأنا غير متعلمة ولا أستطيع الإمساك بالورقة والقلم عسي أن أعبر عن كل ما أعاني منه والذي هو في الحقيقة حال كل امرأة معيلة رقيقة الحال مثلي.. في البداية أعرفك أنني تزوجت مرتين في المرة الأولي أوهمني أنه عامل كسيب وأنه سيضمن لي البيت السعيد والدخل الوفي.. في أول الزواج كان شعلة نشاط وعمل حرمة ورزقني الله منه بابنتين وبدلاً من أن يواصل الطريق ولو من أجلهما بنفس النشاط والحماس أخذ يتقاعس عن الخروج والسعي علي رزقهما ما دفعني إلي النزول للعمل باحد الأفران لعلني أشبع البطون الخاوية وليته تركني وحالي بل كان يتربص بي عند عودتي آخر النهار ليضع يده علي الجنيهات المعدودة التي أحصل عليها من إدارة الفرن.. وإذا رفضت يكون نصيبي علقة ساخنة.. ومع الوقت اكتشفت أن زوجي لم يعد مجرد عاطل يستحل العيش علي كدي وعرقي بل صار عجينة انحراف له سجل حافل بالسرقات والجرائم بمراكز الشرطة وكلما خرج من السجن عاد إليه مرة أخري ليصبح بقائي معه من رابع المستحيلات فطلبت الطلاق حرصاً علي مستقبل ابنتي حينما تشبا عن الطوق ويظل تاريخ والدهما غير المشرف يلاحقهما. لكن طلاقي منه جعلني أكثر عرضة لكلام الناس ومضايقاتهم خاصة الكل يعرف نظرة المجتمع للمطلقة باختصار وجدت أنه لا سبيل أمامي سوي الزواج للمرة الثانية و"هو ضل راجل" يحفظني من القيل والقال ويساعدني علي الانفاق علي البنتين وبالفعل وجدته رجلا أرزقياً عاهدني علي أن يضاعف من عمله وأنه سيضعني وبناتي في عينيه!! إلا أنه سرعان ما خالف كلامه فعلي الرغم أنني أنجبت له ولدين "توءم" وظننت أن ذلك سيربطه بي أكثر فوجئت به يفعل مثل سابقه ويتوقف عن العمل لتبدأ المشكلات بيننا ولم أجد مخرجا سوي النزول والوقوف في فرن العيش من جديد. ومن لطف الله بي أن صاحب المخبز قام بالتأمين علي وكأنه يستشعر ما أنا مقدمة عليه من عناء وشقاء حيث لم يدم زواجي الثاني طويلا بعدما سار أبو التوءم علي درب زوجي الأول وراح يستولي علي أجري من المخبز بلا وجه حق أو رحمة فطلبت منه الطلاق وبمنتهي البساطة طلقني..!! لم يعد لابنائي الأربعة بعد الله إلا أنا أسعي علي رزقهم وأهون عليهم ظروف العيش داخل حجرة غير أدمية خصصها لي أبي في منزله!.. نعم أمضيت سنوات وسنوات أقف أمام حرارة الأفران العالية لمواجهة نفقات المعيشة وجهاز ابنتي الكبيرة التي تم زفافها. وكان علي سداد الضريبة من صحتي فمع تعرضي الدائم للهيب الفرن أصبت بمرض مزمن حال دون استمراري في العمل مع اعطائي الحق فقط في معاش تأميني صغير لا يسد رمق أولادي لذا سعيت لتحسين الدخل فاتجهت لبيع الفاكهة وافترشت الطريق لكن سرعان ما تعرضت لأزمة صحية شديدة أنفقت عليها لكل إيرادي من بيع الفاكهة لاعود بخفي حنين لا أملك القدرة علي تجهيز ابنتي الثانية أو الانفاق علي التوءم فكرت في عمل اخر أكثر استقرارا وأقل ضرراً علي صحتي فسعيت إلي طلب ترخيص بكشك داخل موقف مدينة أجا حيث أقطن كما سعيت إلي تقديم طلب آخر للمحافظة لمنحي سكناً يليق بأدميتي وأولادي إلا أنني وجدت كل الأبواب موصودة في وجهي.. لجأت إلي الضمان الاجتماعي لمنحي اعانة مالية قالوا : "مفيش اعانات في قروض بس.. هاتي اتنين موظفين يضمنوكي وخدي قرض" خرجت من عندهم أسفة حزينة فمن يضمن سيدة فقيرة في هذه الأيام!! .. سيدتي.. لقد ضاقت بي في ظل تجاهل المسئولين لمطالبي في وقت ذهبت علي الصحة وثقلت الأعباء أما أولادي فقد عانوا من تجاهل أبائهم الذين بخلوا عليهم بالسؤال وشيء من النفقة. فأخبريني ماذا أفعل حتي انجو بهم من لهيب العيش؟؟ أسماء مأمون محمد الدقهلية المحررة: مر بحياتك اثنان لا يعرفان من الرجولة الحقة شيئاً فبمجرد أن لاحب في حياتهما امارات المسئولية بقدوم الأبناء ودخلاً الاختبار الفعلي في اثبات وجودهما كأباء ولن أقول كزوجين تسارعا إلي وأد الأحلام ونقض العهود فالأول تركك تنزلين للعمل أمام لهيب الأفران وركن للكسل والخنوع من لم يشغل نفسه بالحق شغلته بالباطل الذي حدثه بالطريق الأيسر طريق السرقة والجريمة ليحطم مستقبله بيده ويخسرك أنت وابنتيه للأبد.. وجاء الثاني ليعزف عليك نفس اللحن لكنك في هذه المرة كنت أكثر نضجا وواقعية فلم تنزعجي كثيراً عندما أخلد كسابقة للنوم والكسل غير مبال أنه أصبح أبا لتوءم ولانك تعلمت من الدرس رفضت تماماً الاستسلام لمحاولاته في استنزاف عرقك وكدك لتضعي نهاية لرحلتك معه بأبغض الحلال.. وفي دنيا "المرأة المعيلة" نموذجان.. نموذج المرأة التي تشجع زوجها علي استمراء حالة الكسل والخنوع التي تصيبه وما أكثره في قطاع الأرزقية والفقراء وتختصر عليه الطريق بنزولها هي للعمل بدلا منه ما يجعله يتمادي ويواصل استنزافها وكفاية "ظلة في البيت"! أما النموذج الثاني فهي للمرأة المعيلة التي تضطرها الظروف اضطرارا بأن تكون عائلة لأسرتها في حال مرض الزوج أو رحيله وأنت من النوع الأول الذي استسلم سريعاً لخنوع الزوج وأن كنت التمس لك من العذر بحكم انتمائك للطبقة الفقيرة التي تكابد مرارة العيش في كل الأحوال. تسألين ماذا تفعلين لتنجو بأولادك من لهيب الحاجة والفقر؟ وأري أنه لا بديل أمامك سوي بمواصلة طرق أبواب المسئولين بمحافظة الدقهلية لبحث حقك في الترخيص والشقة فما ضاع حق وراءه ومطالب وعلي الجانب الآخر لابد من فتح قناة تواصل مع "أبو التوءم" لعله يخفف عنك بعضا ممما تعانيه ويساهم في الانفاق علي ولديه.. وفي النهاية تظل الدعوة لأهل الخير لا تتخلوا عن الأم أسماء فعسي قاربكم ومساعدتكم لها بشراء بضاعة جديدة عوضا عما راح علي العلاج يكون الأسرع لها من انتظار قوارب المحافظة! وكافة البيانات الخاصة بها لدي المحررة.