منذ أن وقع حادث الهجوم علي مقر صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية قامت الدنيا ولن تقعد تنديدا بالحادث الإرهابي الذي راح ضحيته 12 فرنسيا وإصابة آخرين. لقد شهدت الانتفاضة الفرنسية ضد الإرهاب التي دعا إليها الرئيس فرانسوا هولاند العديد من المتناقضات التي تجمع ما بين الطرافة وعلامات التعجب والاستفهام في آن واحد. فالطرافة التي تثير الضحك وشر البلية ما يضحك مشهد الجزار الاعظم في الإرهاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يتقدم مسيرة التنديد وأدلي بتصريحات أقل ما يقال عنها إنها استفزازية بأنه حذر من الإرهاب الإسلامي منذ سنوات ولم يستجب له أحد وتناسي أنه قتل آلاف الفلسطينيين بلا رحمة ولا هوادة عندما ألقي عليهم القنابل ودمر بيوتهم وشرد أطفالهم وحاصرهم ليعانوا الفقر والمرض والجوع.. ألا يعد ذلك إرهابا إن لم يكن قمة الإرهاب؟ وعلي غرار "وشهد شاهد من أهلها" قرأت تقريرا للبريطاني ليندس جيرمان منسق منظمة "أوقفوا ائتلاف الحرب البريطانية" قال فيه: عندما تقرأ تقارير الإعلام الغربي عن هجمات باريس تشعر وكأن الحرب التي شنتها القوي الغربية في الدول الإسلامية لم تحدث وأخذ يسرد ما يحدث للمسلمين في غزة والعراق والتعذيب في سجن أبوغريب أو معتقل جوانتانامو ونحن نتساءل أين وسائل الإعلام الغربية من هؤلاء القتلي ولماذا لم تسلط عليهم الضوء مثل ال 12 فرنسيا الذين لقوا مصرعهم في هجوم شارلي إيبدو.. ألا يعد ذلك إرهابا؟ ولماذا نذهب بعيدا وهناك 6 ملايين مسلم في فرنسا يعانون التمييز الاقتصادي والاجتماعي مما جعلهم يتركون العاصمة باريس ويهاجرون إلي أطراف المدن وفي مقاطعات نائية بحثا عن لقمة العيش لأنهم وجدوا انفسهم بلا وظائف وأن مؤسساتهم الدينية عرضة للهجوم بداية من المساجد حتي اللحوم الحلال.. الجميع يعلم أن فرنسا ليست وحدها من دول الغرب التي تضطهد المسلمين بل يمكن القول إنها أخف حدة من الدول الأخري.. فهناك بريطانيا وألمانيا والدنمارك والسويد وغيرها تتسابق في إعلان كراهيتها للمسلمين لأنها تعتبرهم أعداء يعيشون وسطهم ولولا مصالحهم في بلاد الإسلام لطردوهم وتخلصوا منهم بطريقة أو بأخري.. ألا تعد هذه العنصرية إرهابا؟ الغريب أن القادة الذين شاركوا مع 3 ملايين في تظاهرات فرنسا ضد الإرهاب نسوا أن أياديهم ملطخة بدماء المسلمين وذلك عندما وافقوا أمريكا وإسرائيل علي ضرب غزة والعراق وسوريا وأفغانستان ودول أخري طوال ال 14 عاما الماضية.. فالإرهاب صناعة صهيونية أمريكية أوروبية. إن التنديد بهجمات باريس وتجاهل ما يحدث للعالم الإسلامي لن يقضي علي الإرهاب بل بالعكس سوف تتكرر مأساة شارل إيبدو في بلاد أوروبية أخري طالما استمرت الإساءة لرسول الله والرموز الدينية للمسلمين وطالما ظلوا يتشدقون بشعارات "حرية التعبير". هذا ليس مبررا للهجمات الإرهابية التي حدثت ولكنها محاولة لإيقاظ العالم الغربي قبل أن تقوم حرب عالمية إذا ما استمر الصراع بين الغرب والإسلام.