مثلما ندافع عن الأرض الزراعية وندعو لإنقاذها من التآكل المنتظم حتي تعود لتنتج وتثمر.. فإننا وبنفس القوة ندافع عن المصانع المغلقة والمعطلة عن الانتاج.. والتي تم تشريد العاملين فيها.. حتي تعود آلاتها إلي الدوران مرة أخري.. فالزراعة والصناعة هما أهم عمودين يقوم عليهما اقتصادنا القومي. قضية المصانع المعطلة أو المتعثرة سواء أكانت تابعة لقطاع الأعمال العام أو الخاص لا تقل أهمية عن قضية الأرض الزراعية التي يجري تبويرها والبناء عليها.. فكلاهما مجال حيوي للعمل والانتاج لسد احتياجاتنا الأساسية حتي لا نظل نمد أيدينا إلي الخارج.. ومجال حيوي أيضا لاستيعاب طوابير العاطلين أصحاب الجهد البشري الذي بات أزمة تتسع دوائرها كل يوم. وقد تضاربت الأرقام حول عدد المصانع المتعثرة.. البعض يقول إن المصانع التي تم اغلاقها منذ ثورة 25 ينايرحتي الآن بلغت 4500 مصنع في 74 منطقة صناعية.. ويذكر تقرير لاتحاد العمال ان عدد المصانع المتعثرة بلغ 8222 مصنعاً.. في حين أشارت دراسة أعدها اتحاد المستثمرين إلي وجود 1500 مصنع متعثر حتي عام ..2013 حوالي 40% منها في قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة. اتحاد الصناعات يقدر عدد المصانع المتعثرة في كل المحافظات بحوالي 7 آلاف مصنع كان يعمل بها قرابة مليوني عامل حياتهم توقفت تماماً.. وهذا أثر بالسلب علي الاقتصاد بالطبع.. وتوقفت استثمارات بنحو 35 مليار جنيه عن العمل.. وباتت هذه المصانع متوقفة يأكلها الصدأ. ويحدد اتحاد الصناعات 4 أسباب لهذ التعثر هي: الركود الاقتصادي الشديد خلال السنوات الماضية.. والاغراق المتعمد من الأسواق الخارجية بمنتجات منخفضة الأسعاررديئة المواصفات.. وارتفاع أسعار الخامات.. بالإضافة إلي الشروط المتعسفة التي تضعها البنوك لتمويل أصحاب هذه المصانع. رجال الاقتصاد من جانبهم يرون أن المشكلة مشكلة الدولة.. هي التي يجب أن تنظر بجدية لهذه المصانع وتشجعها علي العودة إلي الانتاج بتيسير الإجراءات والقروض وجدولة الديون حتي تدور آلاتها وتستوعب العمالة الماهرة التي ذابت الآن في طوابير البطالة.. ولابد أن يحدث هذا بسرعة قبل انعقاد المؤتمر الاقتصادي الدولي في مارس القادم.. فالمستثمر الأجنبي لن يغامر بالمجيء إلينا وهو يري المستثمر المحلي غير قادر علي أن يخرج من عثراته والمصانع القائمة فعلاً مغلقة الأبواب وغير قادرة علي الانتاج. أما وزارة الصناعة فتشكك صراحة في أعداد المصانع المتعثرة.. هي لا تعترف إلا بوجود 35 مصنعاً متعثراً فقط طبقاً للتعريف الذي وضعته لمفهوم المصنع المتعثر.. ربما يكون هناك آلاف المصانع المتعثرة ولكن الرقم الواقعي الوحيد المدقق هو ذلك المسجل لديها.. وفوق هذا فهي تلقي بالمسئولية علي أصحاب المصانع المغلقة وتتهمهم بأنهم ذهبوا خارج البلاد بعد أن انخفضت أرباحهم وتركوا المصانع دون مراعاة للعمالة أو الظروف التي تمر بها البلاد.. بينما هناك رجال أعمال وطنيون يعملون منذ ثلاث سنوات دون تحقيق أرباح ورفضوا التوقف أو الاستغناء عن العمالة التي لديهم مراعاة لظروف الوطن. والآن.. ما الحل؟! اتحاد الصناعات يري ضرورة إنشاء صندوق يتم تمويله ب 3 مليارات دولار من المنح والمساعدات الأجنبية لإقالة هذه المصانع من عثرتها.. ويدار هذا الصندوق تحت إشراف خبراء مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة.. ويتولي تقديم القروض الميسرة جداً للمصانع بأسلوب المشاركة وعن طريق ما يعرف بالقرض الدوار. وفي يقيني ان هذا لن يتحقق إلا إذا جعلت الدولة من قضية المصانع المغلقة والمعطلة قضية قومية.. وأعلنت عام 2015 لتشغيل هذ المصانع بكامل طاقتها.. اقتناعاً بأنها بذلك تحل مشكلات عديدة.. اقتصادية واجتماعية وأمنية.. وتعيد للوطن هدوءه واستقراره.