عندما قامت الثورة في 23 يوليو سنة ..1952 كانت الصحف والمجلات كلها ملكاً لأشخاص.. ولم تكن هناك إلا صحيفة واحدة حكومية هي "الوقائع المصرية" التي أصدرها محمد علي باشا سنة 1827 وذلك لنشر أخبار الدولة والتعليمات والقرارات التي يصدرها الباشا وايضا اللوائح والقوانين التي يعدها مجلس شوري القوانين.. أما باقي الصحف والمجلات التي كانت قائمة في ذلك الوقت فهي صحيفة أخبار اليوم الأسبوعية وجريدة الأخبار اليومية التي أصدرها الأخوان علي ومصطفي أمين في بداية عام 1952 وصحيفة المصري التي كان يمتلكها الإخوة أبوالفتح وتصدر يومياً وكانت تعبر عن حزب الوفد وجريدة الأهرام التي أصدرها سليم وبشارة تقلا.. وايضا صحف الأساس والبلاغ والزمان والجمهور المصري.. ومن المجلات المصور والاثنين والدنيا وتصدر عن دار الهلال ومجلة روزاليوسف وآخر ساعة وتصدر عن دار أخبار اليوم وبعد الثورة توارت بعض الصحف وتوقف إصدارها.. ورأت الثورة أن هذه الصحف والمجلات تخضع لسطوة رأس المال وبعضها يخضع لنفوذ بعض السفارات الأجنبية وكذلك لجهات حكومية.. وفاجأت الثورة أصحاب هذه الصحف بنشر قوائم بأسماء من حصلوا علي مصروفات سرية خاصة من الجهات الحكومية.. وفي هذا قال حافظ محمود نقيب الصحفيين الأسبق في مذكراته.. إن رئيس تحرير إحدي الصحف كان يدفع مرتبات الصحفيين من خلال كروت يحملها الصحفي إلي وزارة الداخلية ليحصل علي مبلغ ما من هذه المصاريف وكارت آخر من رئيس التحرير إلي سكرتير مجلس الوزراء ليحصل علي جزء آخر من راتبه.. وكان يدلل بذلك علي مدي انتشار المصاريف السرية التي تتقاضاها الصحف في ذلك الوقت. وعندما رأي عبدالناصر أن هذه الصحف والمجلات التي كانت قائمة قد تعوق مسيرة الثورة قام بإصدار صحيفة الجمهورية في عام ..1953 وفي عام 1954 أغلق صحيفة المصري.. وأنشأ بدلاً منها صحيفة الشعب التي لم تستمر طويلاً. وفي 24 مايو سنة 1960 قرر عبدالناصر تأميم دار أخبار اليوم بجميع إصداراتها.. وايضا صحف الأهرام ودار الهلال وروزاليوسف.. وخضعت جميع الصحف والمجلات التي كانت تصدر للتأميم.. وتبع ذلك إجراء تعيينات لرؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير وكانوا عادة من الضباط الأحرار أو من الذين يتمتعون بصداقة الرئيس. وطبيعي أن تمر الصحف - تبعاً لذلك - ببعض الظروف والمتغيرات والتعثر ويروي سيد مرعي في كتابه مذكرات سياسية.. أن علي صبري قال مرة: إن إدارة الصحف ليست في حاجة إلي خبرة أو مهارة فنية ولكنها في حاجة إلي "شوية فهلوة" لا أكثر ولا أقل وكان بذلك يتندر علي الاخوين مصطفي وعلي أمين.. وفي عهد الرئيس الراحل أنور السادات تغيرت الصورة.. صحيح إن الحكاية تكررت وهذا ما نتناوله غداً بإذن الله.