في نهاية صيف عام 1944 اقتربت قوات الحلفاء من مدينة باريس فقرر النازيون أن يدمروا البلاد عن آخرها إذا لم يتمكنوا من الاستيلاء عليها وحتي لا تتمكن أي قوي أخري من ذلك. وعلي طريقة "أنا ومن بعدي الطوفان". أمر هتلر قواته بتدمير باريس بالكامل.. الجسور وبرج ايفيل ومتحف اللوقر كان يقضوا علي عشرات الآلاف من البشر وسط الدمار الكامل.. أي أن يمحو قروناً من الفنون والعمارة والحضارة الإنسانية. ورفض الجنرال الألماني وكان محافظ باريس وكان مكلفاً بتنفيذ أوامر الفوهرر.. إنه الجنرال ديتريش فون شوليتينز بطل فيلم "دبلوماسية". ولكن كيف ولماذا فعل ذلك؟ هذا هو الموضوع المهم الذي يعالجه المخرج الألماني الأشهر فولكر شولندورف "1939 ......". الفيلم يعرض ضمن برنامج مهرجان المهرجانات غداً الاثنين الساعة 2 ظهراً في قاعة المسرح الكبير بالأوبرا. الفيلم مقتبس عن مسرحية ألمانية للأديب سيريل جيلي ويلعب دور الجنرال الألماني الممثل الفرنسي تيلر ارستروب الذي لعب الدور نفسه علي المسرح أمام الممثل أندريه دوسلييه من دور راؤول نوردلنج السفير السويدي لدي فرنسا في ذلك الوقت. لقد لعب السفير السويدي نوردلنج حينئذ دوراً مهماً في عملية انقاذ باريس من الدمار وهي حقيقة تاريخية أشار إليها من قبل المخرج الفرنسي رينيه كلسمانت في فيلم "باريس تحترق" 1966 ولعب الدور باقتدار كبير الممثل الأمريكي أورسون ويلز حيث أدي دور السفير السويدي العظيم بينما لعب دور الجنرال النازي الممثل جرت فروب. وتشير صحيفة نيويورك تايمز إلي أن فيلم "دبلوماسية" فيلم ساحر وأكثر دقة تاريخية ويتضمن مشاهد قليلة من الانفجارات التي يتم فيها تبادل إطلاق النار ولكنه يعتمد في الأساس علي علاقة شخصين دبلوماسي وعسكري يتفقان علي استحالة تنفيذ أوامر بهدم مدينة مثل باريس تجسد تراثاً حضارياً وفنياً وإنسانياً عظيماً. الحوار المتبادل بين الاثنين وهل من الشخصيات المسئولة رفيعة المستوي في زمن حرب عالمية شرسة ومع قائد مهووس مثل أدولف هتلر. بصور الاختيار البارع للجمل التي تعكس الحنكة الدبلوماسية وكذلك الفطنة وأيضاً الحب الخالص لمدينة تجسد قروناً من الحضارة الإنسانية والفنون الرفيعة. الفيلم أشبه بدراما تسجيلية أكثر منها حكاية رمزية. وهو محاولة لتقطير الجوهر الأخلاقي والسيكلوجي للحظة تاريخية مركبة وإلقاء الضوء علي هذه اللحظة من خلال التفاعل الحواري بين شخصين مختلفين تماماً إن اتفقا علي قيمة حضارية عظيمة. ويقدم المخرج الألماني بطله القائد العسكري فون شولتيتر كأحد النماذج البطولية النازية لعسكري خاض حربين عالميين ينتمي إلي أسرة ألمانية عسكرية عريقة إنه عسكري يتسم بالصرامة والوحشية.. ولكنه في نفس الوقت يعاني الاجهاد والهبوط المعنوي مثلما يعاني من أزمة رهيبة نفسية بسبب وعيه بأن القضية التي حارب من أجلها علي وشك الهزيمة.