بعد صمت طويل.. تجدد هذا الأسبوع الحديث عن أموالنا المنهوبة المهربة إلي الخارج وإمكانية استردادها.. والسبب في ذلك يرجع لحدثين مهمين: الأول صدور قرار رئيس الوزراء بتشكيل لجنة جديدة تتولي ملف الاموال المهربة والعمل علي استردادها.. والثاني سفر وفد رفيع المستوي علي رأسه وزير العدل والنائب العام إلي سويسرا للمشاركة في مؤتمر حول استرداد الاموال المنهوبة. ومع تجدد الحديث تجدد الأمل والألم.. تجدد الأمل في أن تعود الاموال التي قام بتهريبها- كما قيل- مبارك وأفراد أسرته ورموز نظامه إلي بنوك أوروبا وأمريكا.. وهي أموال اغتصبت من قوت الشعب وعرقه ودمه وكان المقابل لها تفشي الفقر والجهل والمرض بين المصريين الذين مازالوا يحلمون باسترداد هذه الاموال لكي يحصل كل منهم علي نصيب معلوم منها يعوضه عما عاناه. وتجدد الألم أيضا لأن اللجان التي شكلت منذ الثورة وإلي الآن- ما يقارب 4 سنوات- والوفود التي سافرت إلي الخارج وتكلفت ملايين الجنيهات.. لم تسفر عن أي بادرة إيجابية في اتجاه استرداد الاموال.. ولم تقترب من مليم واحد في أي من بنوك الخارج.. بينما هناك دول مثل تونس بدأت تجني ثمار جهودها وتسترد أموالها. وقد سمعنا وقرأنا تحليلاً متناقضة حول الأسباب الحقيقية لعدم إحراز أي تقدم علي طريق استرداد الأموال.. البعض أشار إلي غياب الإرادة السياسية.. والبعض الآخر أكد ان الدول التي أودعت فيها أموال مصر المسروقة قالت صراحة إنه لم يجر أي اتصال رسمي وأن هناك شروطاً رسمية لم يتم الوفاء بها وتتطلب تحركاً علي أعلي مستوي.. وقد قال الرئيس السويسري: إننا نرغب في إعادة الاموال المصرية ولكن الامر يحتاج إلي وقت وإلي اجراءات. ومنذ ثورة 25 يناير وإلي الآن فشلنا في أن نعرف قيمة هذه الاموال المنهوبة علي وجه التحديد.. كل ما سمعناه لايخرج عن دائرة التخمينات.. هناك من يتحدث عن مليار ونصف المليار دولار.. وهناك من ذكر أن رصيد مبارك وعائلته فقط يربو علي 70 مليار دولار. أيضا ما سمعناه عن الشروط المطلوبة لاستعادة الاموال من أوروبا وأمريكا ليس فيه قول محدد.. الشرط الوحيد المتداول منذ 25 يناير 2011 هو ضرورة أن يصدر حكم قضائي بات ونهائي ضد مبارك ورموزه يدينهم بالفساد وتهريب الاموال.. ولابد أن تطمئن دول أوروبا وأمريكا إلي صحة الاجراءات القضائية وعدالة الحكم. والواضح أن الوفاء بهذا الشرط صعب.. فمبارك ورموزه لم يحاكموا حتي الآن بتهمة الفساد السياسي والمالي.. وإنما يحاكمون في قضية قتل الثوار لا غير.. وإذا تصورنا أن تبدأ اجراءات محاكمة مبارك ورموزه بالفساد فلابد أن تستغرق ثلاثة أو أربعة أعوام علي الاقل.. ولاندري علي أي وجه سيصدر الحكم.. ناهيك عن أن تطمئن دول أوروبا وأمريكا له. لقد حوكم حسين سالم وأدين في الفساد.. لكن اسبانيا رفضت تسليمه لسببين الاول أنه يحمل جنسيتها.. والثاني أنها لا تطمئن بالكامل لصحة اجراءات التقاضي وعدالة الحكم. وهكذا فإن الاجراءات معقدة والطريق صعب وطويل.. ومبارك ورجاله لديهم أياد قادرة علي أن تتلاعب وتتوغل وتلقي بالاموال المنهوبة في سابع أرض حتي يستحيل علي مصر استردادها للأبد.