يبدو ان "جسر الشغور".. تلك المدينة السورية القريبة من تركيا سوف تكون "حماة 2011" ففي عام 1982 ارتكبت الوحدات الخاصة من الجيش والشرطة المكونة من العلويين. مذبحة وحشية في مدينة حماة لتأديب سكانها الثائرين علي النظام العلوي. وتتراوح التقديرات لعدد القتلي بين 20 ألفاً إلي أربعين ألفاً من القتلي. واليوم باتت جسر الشغور مرشحة لمذبحة مرتقبة بعد ان صمدت في وجه هذه الوحدات وقتل مقاوموها - حسب الروايات الرسمية السورية - أكثر من 120 من أفراد هذه الوحدات التي يقودها هذه المرة "العميد مهندس الركن" ماهر الأسد الشقيق الأصغر للرئيس السوري بشار الأسد والذي يصغره بعامين. وتقول المعارضة ان هؤلاء القتلي سقطوا في صراع داخلي بين وحدات الجيش بعد ان بدأ أفرادها من المسلمين السنة يتمردون علي أوامر قادتهم العلويين بقتل اخوانهم. وتقول أيضاً ان النظام السوري يعمد إلي ترويج هذه الحجة تمهيداً لشن هجوم وحشي علي المدينة وللإيهام بأن المعارضة السورية العزلاء باتت مدججة بالسلاح وانه يصل إليها من جهات خارجية. وتشير الأنباء الواردة من هناك إلي ان قوات الجيش السوري تتجمع بقوة وكثافة حول "جسر الشغور" بشكل يعيد إلي الأذهان تجمعاتها حول حماة عام 1982 وذلك في محاولة لاقتحامها. ويستشعر سكان المدينة الخطر الذي يحيق بهم مما جعلهم يبدأون نزوحاً جماعياً خوفاً من هذا الاقتحام. ويثير الوضع الحالي في جسر الشغور بالذات تساؤلات عديدة لدي المتابعين لتطورات الوضع في سوريا. لكن يظل أهمها ما يدور حول حقيقة الدور الذي يقوم به "العميد مهندس الركن" ماهر الأسد في ذلك البلد. وتنتهي بعض هذه التساؤلات إلي إجابة مفادها ان ماهر الأسد بات الحاكم الحقيقي لسوريا وليس شقيقه الأكبر. وهذا ما توصلت إليه جريدة النيويورك تايمز في تحليلها الأخير. تقول الصحيفة ان الكثيرين كانوا يعتقدون ان وضع ماهر الأسد لا يزيد عن كونه مجرد قائد الحرس الجمهوري المعروف باسم الفرقة الرابعة من الجيش السوري المسئولة عن قمع الثورة والتي اندلعت في الحقيقة ضد نظام الحكم العلوي الطائفي وليس ضد بشار الأسد وحده لكن التطورات جعلت المراقبين يغيرون من آرائهم.. ففي مثل هذه الأحداث يصبح طبيعياً ان يبرز دور الشقيق صاحب الخبرة العسكرية في مواجهة شقيقه طبيب العيون الذي يفتقر إليها. ويبدو أن استمرار الثورة التي تمر بشهرها الرابع ضد نظام جعل دور الشقيق العسكري يطغي كثيراً علي دور الرئيس بل انه أصبح صاحب القرار الأخير. وهناك قصة يتداولها المواطنون في سوريا ونشرتها بعض المدونات تقول ان اسماء زوجة الرئيس بشار بعد ان شعرت بغياب الأمان واحتمالات سقوط زوجها قررت ان تسافر إلي بريطانيا التي ولدت فيها وتحمل جنسيتها وكان لابد للزوجة ان تستأذن من ماهر الأسد الذي رفض سفرها. وقامت مشادة بين الاثنين انتهت بأن صفعها ماهر علي وجهها بقوة أسالت الدماء من أنفها فشكت إلي زوجها. وتوسل زوجها إلي شقيقه الأصغر كي يتركها تسافر إلي بريطانيا لأنها بحاجة إلي اراحة أعصابها.. وأخيراً وافق العميد ماهر. وكما تقول النيويورك تايمز. فإن الأمر لم يكن بحاجة إلي تلك القصة التي تنطوي علي بعض المبالغات لاثبات ان ماهر الأسد بات الحاكم الفعلي لسوريا. فالعديد من أفراد النخبة العلوية الحاكمة غادروا سوريا بالفعل بلا مشاكل. كما ان هناك عدة محاولات قام بها بشار - ولا يزال يقوم بها - لتهدئة المعارضين. وكل هذه المحاولات كان الفشل من نصيبها بسبب ما كان يصاحبها ويتزامن معها من تصعيد في القمع الوحشي للمتظاهرين والذي لم ينج منه الأطفال والنساء. وكان هذا القمع يبدو مدبراً لنقل رسالة مفادها ان النظام الحاكم لن يقدم أي تنازلات وان الكلمة الأخيرة ليست لبشار. ولا يستبعد البعض ان يكون الأمر مجرد تقاسم أدوار. وتري جريدة النيويورك تايمز ان تعاظم دور ماهر الأسد امتد أيضاً إلي أجهزة المخابرات. ويمكن ان يتعاظم دوره في ضوء الانشقاقات التي بدأت تمزق الجيش السوري مع الاستمرار في الممارسات القمعية. وماهر الأسد هو ثالث الأبناء الذكور الأربعة لحافظ الأسد واللذان توفي اثنان منهم. وقد درس الهندسة الميكانيكية في جامعة دمشق. وبعد تخرجه التحق بالكلية الحربية وتخرج منها برتبة ملازم أول مهندس قيادي. ويعتقد انه من المستشارين المقربين لشقيقه الرئيس بشار الأسد.