بالصور.. رئيس مدينة العياط يعقد الاجتماع الأسبوعي للاستماع لشكاوى المواطنين    د.حماد عبدالله يكتب: " عدم إنسانية " الطاقة الحيوية !!    صندوق الإسكان يوضح موقف المتقدمين خارج الأولوية في سكن لكل المصريين 5    ارتفاع الأسهم الأمريكية لتقترب من مستوياتها القياسية    عبر تطبيق "نسك"، السعودية تبدأ اليوم إصدار تأشيرات العمرة للقادمين من الخارج    ترامب: متظاهرو لوس أنجليس حيوانات وأعداء أجانب    المحكمة العليا الأرجنتينية تؤيد حكما بسجن الرئيسة السابقة كريستينا فيرنانديز 6 سنوات    الأمم المتحدة تحث بريطانيا على اتفاق يُعيد سكان تشاجوس    ريبيرو: هدفنا التأهل من دور المجموعات.. ولا نستعد لمواجهة ميسي فقط    ملخص أهداف مباراة هولندا ومالطا في تصفيات أوروبا لكأس العالم    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    بوسكيتس يشيد بالنادي الأهلي قبل المواجهة المرتقبة ويؤكد: مواجهة بطل إفريقيا شرف كبير وبداية قوية لمونديال الأندية    6 منتخبات آسيوية تتنافس في الملحق لخطف بطاقتي التأهل للمونديال    ضبط بلطجي مزق جسد موظف بسلاح أبيض في حلوان    المركز القومي للترجمة يصدر «في مواجهة الأدب العالمي»    النيابة العامة تحقق في فيديو زواج مصاب بمتلازمة داون من عروس قاصر بالشرقية    السنغال تلحق بإنجلترا أول هزيمة أمام منتخب إفريقي في التاريخ    قائمة العين الإماراتي لمونديال الأندية 2025.. رامي ربيعة يتصدرها    محافظ سوهاج يُتابع تنفيذ كوبري المشاة بمنطقة الثلاث كباري    أسر الشهداء لوزير الداخلية: «كنتم السند في أطهر بقاع الأرض»    فريق «هندسة القاهرة» الثالث عالميًا في «ماراثون شل البيئي» لعام 2025    يحيى الفخراني عن فيلم عودة مواطن: نافس على جوائز عالمية وفشل في مصر (فيديو)    محافظ الدقهلية يتحفظ على تروسيكل لأحد النباشين في جولة ليلية بالمنصورة    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    مرصد التعاون الإسلامي: الاحتلال يرتكب جرائم حرب بقصفه المستشفيات في غزة    "يمثل نفسه".. الخارجية الأمريكية تتبرأ من تصريحات سفيرها في تل أبيب    ماسكيرانو يعلق على مواجهة الأهلي وإنتر ميامي في افتتاح كأس العالم للأندية    الحوثيون: نحذر كافة الشركات والجهات المختلفة من التعامل مع ميناء حيفا    غدا.. 42 حزبا يجتمعون لتحديد مصيرهم بانتخابات 2025 (تفاصيل)    استعلام.. نتيجة الصف الخامس الابتدائي 2025 الترم الثاني برقم الجلوس بجميع المحافظات    تحرير 6 محاضر صحية في حملة رقابية ببني سويف    قبول دفعة ناجحين بالصف السادس الابتدائي للالتحاق بالمدارس الرياضية بالوادي الجديد    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات الإقليمية لمتابعة سير العمل    التعليم: عودة قوية لاختبار "SAT".. بمشاركة 100% دون شكاوى    "ليه وقفات نفتخر بيها".. ماذا قال يحيى الفخراني عن الزعيم عادل إمام؟    يحيى الفخراني عن اختياره شخصية العام الثقافية: شعرت باطمئنان بوجودي على الساحة    يحللون كل شيء.. 3 أبراج يفكرون في الأمور كثيرًا    فن إدارة الوقت بأنامل مصرية.. ندوة ومعرض فني بمكتبة القاهرة الكبرى تحت رعاية وزير الثقافة    يحيى الفخراني: مفاجآت بالجملة في العرض الثالث ل"الملك لير"    شيرين رضا تحتفل بعيد ميلاد ابنتها نور    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    إصابة شاب فلسطيني برصاص قوات خاصة إسرائيلية.. والاحتلال يقتحم عدة قرى وبلدات    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: لن نسمح بالتلاعب بمصير الشعب الفلسطيني    أستاذ اقتصاديات الصحة: نسبة تحور "كورونا" ارتفعت عالميًا إلى 10%    دهون الكبد، الأعراض والتشخيص وطرق العلاج والوقاية    رئيس الوزراء يطالب بتكثيف الجهود للقضاء على مرض الجذام    أسر الشهداء يشكرون وزارة الداخلية ومدير إدارة العلاقات الإنسانية على رعايتهم طوال موسم الحج (صور)    في أول اختبار رسمي.. انطلاقة ناجحة لاختبارات SAT في مصر مشاركة 100% للطلاب دون أي مشكلات تقنية    أمين " البحوث الإسلامية " يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهميَّة العمل الجماعي وتطوير الأداء    لطلاب الثانوية العامة.. مراجعات نهائية مجانية لكل المواد تبدأ فى سوهاج غدا    «ملحقش يلبس بدلة الفرح».. كيف أنهى عريس الغربية حياته قبل زفافه ب48 ساعة؟    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الجريدة الرسمية تنشر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    التقويم الهجري.. سبب التسمية وموعد اعتماده    الإجازات الرسمية المقبلة في 2025.. إليك القائمة الكاملة    وثائق بريطانية: إثيوبيا رفضت التفاوض مع نظام مبارك بشأن مياه النيل    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



..وماذا بعد ؟! موعد مع الفوضي
نشر في المساء يوم 02 - 11 - 2010


أنا فعلاً في حيرة.. وأسي.. وغم.. وحزن عميق.
هل ألعن نظام العلاج في مصر الذي يتعامل مع المرضي والمصابين في حوادث بسخرية ولا مبالاة ويخرج لهم لسانه ولا يعيرهم اهتماماً حتي أصبح هذا التدني في الإهمال من طبائع الأمور؟
هل أصرخ بأعلي صوت وأقول: حرام ما يحدث للناس الغلابة في مستشفيات الحكومة التي أصبحت سلخانات بكل ما تحمل الكلمة من معني؟
هل أشكو إلي الله ظلم حكومة ووزارة مسئولتين عن صحة 80 مليون مصري. وأطباء انتزعت من قلوبهم الرحمة ولم يعد بينهم وبين تعبير "ملائكة الرحمة" أي علاقة سوي الاسم والبالطو الأبيض؟
هل أبكي علي حالة سيدة ساقها القدر رغم أنفها إلي ثلاث من هذه السلخانات فلم تجد فيها سوي التردي. والظلم. وعدم الإنسانية.. حتي أصبحت الآن بين الحياة والموت؟
إن الصورة المنشورة أعلي المقال خير شاهد علي ما أقول.
***
محاسن محمد الدسوقي.. سيدة مصرية- أي والله مصرية- عمرها 62 عاماً.. تعاني مرضي السكر والضغط بمضاعفاتهما.
كانت يوم السبت الماضي علي "موعد مع الفوضي" وانعدام الإنسانية في الشوارع والمستشفيات.
في الواحدة ظهر هذا اليوم.. نزلت محاسن من منزلها لشراء أدوية لها من إحدي صيدليات باب الشعرية.. فجأة.. هجمت عليها سيارة نصف نقل وهي تسير فوق الرصيف وصدمتها وطرحتها أرضاً.. ولم يكتف السائق المتهور بذلك.. بل سد أذنيه عن صرخاتها وداس علي ساقيها أثناء محاولته الهروب خوفاً من بطش الأهالي فهشمها حتي انفصل اللحم عن العظام المهشمة.. لينتهي الفصل الأول من رحلة اللاإنسانية.
قام أحد المارة بسترها.. واتصل بأسرتها وبدأ الجميع الفصل الثاني من الرحلة داخل المستشفيات.
***
توجهوا أولاً إلي مستشفي سيد جلال القريب من ميدان باب الشعرية وهي تصرخ وتبكي وتتوجع.. وهناك رفضوا استقبالها بحجة أن الحالة خطيرة والمستشفي يفتقر لأي استعدادات لمثل هذه الحالات.. رغم أنه مستشفي جامعي وبه مبني مجهز بأحدث الأجهزة والأنظمة الطبية.
حملوها ثانية وأسرعوا بها لمستشفي دار الشفاء وصراخها يزداد وبكاؤها لا يتوقف وأوجاعها تتضاعف.. محاولين إنقاذ ما يمكن إنقاذه خاصة أن الدماء كانت تنزف من ساقيها بغزارة.. ولكن للأسف تكرر نفس السيناريو.. ورفض المستشفي استقبالها لنفس المبررات غير المنطقية وغير الحقيقية.
كانت الساعة قد قاربت علي الخامسة قبل المغرب.. فحملها أولادها إلي مستشفي الهلال.. وهناك تعرضت لفاصل من التعذيب واللاإنسانية.
***
في قسم الاستقبال ظلت محاسن كماً مهملاً مدة طويلة دون أن تجد الرحمة طريقاً لقلب أي طبيب لاسعافها أو نجدتها وهو ما جعل أولادها يثورون علي المسئولين بالمستشفي.. وكلما رأوا حالة أمهم تزداد سوءاً ازدادوا هم ثورة.
وسط هذه اللامبالاة.. جاءهم من يطالبهم بحمل أمهم والخروج بها من المستشفي..!! هكذا بمنتهي البساطة واللامسئولية وكأن السيدة التي تنزف وتكاد تموت ليست من البني آدمين رغم أن من أبسط حقوقها كإنسانة أن تعالج أولاً ودون قيد أو شرط.. وبالطبع رفض أولادها الانصراف بها وكادت تحدث كارثة.
في النهاية.. جاءهم طبيب لكنه اشترط عليهم في البداية سداد ألفي جنيه قبل الصعود بها إلي حجرة العمليات.. فجمعوا من بعض المبلغ ودفعوه!
ثم توالت الطلبات التعجيزية واللاإنسانية في ذات الوقت.
***
أثناء الجراحة.. جاءهم من يطلب منهم سداد 1500 جنيه أخري تحت الحساب.. وفي كل يوم يطلب المستشفي مبالغ كبيرة حتي وصلت جملة ما تم سداده خلال الأيام الثلاثة الماضية 20 ألف جنيه.. ولا يعلم سوي الله كيف دبروا هذا المبلغ الضخم خاصة أنهم جميعاً من محدودي الدخل.. وأقل.. ويكفي القول إنهم استدانوا من طوب الأرض كما باعت زوجة الابن ذهبها بالكامل.
الأدهي.. ان الطبيب المعالج فجر في وجههم قنبلة زنة ألف رطل عندما قال لهم إن أمهم تحتاج من 5 إلي 8 عمليات لانقاذ ساقها وترقيعها حيث فقدت الكثير من اللحم المحيط بعظمة الساق في الحادث وأن التكلفة الإجمالية سوف تصل إلي 120 ألف جنيه.
ولأن العملية الأولي أجراها طبيب صغير.. فقد ظلت الأم بعدها تنزف بغزارة حتي جاء طبيب آخر وطلب نقلها إلي حجرة العمليات من جديد ونقل لها 15 كيس دم.. وبالطبع علي حساب أولادها.
***
الآن.. ترقد الضحية المسكينة في الحجرة رقم 825 بمستشفي الهلال.. ومع طلعة كل شمس يدفع أولادها 150 جنيهاً قيمة الغرفة و40 جنيهاً للمرافق.. وهم يدبرون هذا المبلغ بشق الأنفس.
ولأن "العداد بيعد".. فالمستشفي ترك الضحية في الحجرة بلا رعاية أو اهتمام.. حتي صدرت رائحة كريهة من ساقها فاستغاث أولادها بالطبيب منذ الثانية بعد الظهر لكنه لم يحضر لهم سوي قبيل المغرب!!
الطامة الكبري.. أن أطباء المستشفي أخبروا أولادها أنه لن يكون هناك علاج لها علي نفقة الدولة.. وحجتهم في ذلك أنها دخلت المستشفي بمصاريف دفعت لها.. وبالتالي سوف يستمر التعامل معها بنفس النظام حتي آخر لحظة في رحلة العلاج التي من المنتظر أن تمتد إلي 6 شهور!!!
***
أعود وأكرر.. إنني فعلاً في حيرة. وأسي. وغم. وحزن عميق.
وأعود وأتساءل: هل ألعن. أم أصرخ. أم أشكو. أم أبكي؟!.
دلوني من فضلكم.. هل نحن في مجتمع التكافل والإنسانية والرحمة.. أم في كوكب آخر حياة الإنسان فيه لا قيمة لها؟!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.