أمضيت مع نفسي لحظات انتابني خلالها شجن عميق.. وسألت نفسي عن سر حزنها ورجوتها ايضا متسائلا لا كيف اعيد اليك فرحتك التي حرمتني منها في هذه السنوات الاخيرة بل لماذا تضاعف حرماني من سلام القلب في الشهور الاخيرة الماضية.. مرت لحظة صمت غاضبة لاجد سيلا من الاسئلة يحاصر فكري وقلبي ويطوق مشاعري باحاسيس التوتر والقلق والحاجة الي تخفيف كلمات المعاناة المنبعثة من قلب متألم وعدت بذاكرتي قليلا الي الوراء لاجد ان كل اسباب معاناتي هي الاسباب التي يعاني منها كل مثقف في مصر بل كل صاحب ضمير يريد لبلاده ان تتقدم وتنتصر علي الصعاب. لقد تدنت المعاملات الي درجات تثير الأسي في العديد من المواقع.. تعالوا معنا ايضا نتدارس امر هؤلاء الذين استباحوا لانفسهم نهب اموال الشعب في شكل قروض هربوا بها او هربوها.. واين هم المسئولين عن هذه البنوك.. ولماذا لم يتحروا عن طالبي القروض.. لكنها المصالح المشتركة وفساد النفس البشرية ثمة حزن يتجدد في نفسي فأعود بسرعة معتذرا وسائلا لها: لماذا هذا التعامل العشوائي والمفتقد للتخطيط في قضية أنفلونزا الطيور.. فقد كان من الممكن ان تكون هناك خطة مسبقة لمواجهة الموقف ولاسيما ان لسنا الدولة الاولي التي زارها الوباء.. فلا نحن خططنا ولا نحن انقذنا جزءا مهما من ثروة البلاد وقد حملت لنا الاخبار عن ذلك الفتي الذي اصبح بلا دخل بعد ان اغلق باب رزقه في المزرعة التي يعمل بها ولم يجد سوي الانتحار ونحن نعرف ان الاقدام علي الانتحار يغضب الله.. لكن تقاعسنا عن حلول مشاكل الناس يدفعهم لاشياء كثيرة تغضب الله والبشر.. وتتواصل النفس مع احزانها لتحدثني عن حادث العبارة.. الذي اصابنا بالحزن والالم وراح ضحيته المئات من أهلنا سوادهم الاعظم من البسطاء ومحدودي الدخول ورغم فداحة هذا الحدث الا انه لم يعالج العلاج المرضي لاهالي الضحايا وكأن الانسان المصري قد اصبح بلا كرامة أو قيمة تذكر.. ونجد ان صاحب العبارة طليقا وسمعنا انه خارج البلاد وهل ينبهنا ما حدث للعبارة ان يكون هناك تشريع جديد للنقل عبر البحار من حيث الامان وعمر العبارات فقد كانت عبارة السلام لا تعرف طرق السلامة التي تحافظ علي حياة راكبيها فهل التقديرات المالية والتعويضات التي أعلن عنها تتناسب مع جسامة الحدث؟ وعدت مع رحلة النفس الحزينة.. لمحت عيوني نفسي تذرف دمعات مترحمة علي روح العديد من الاقلام الصحفية التي انحدرت للسفح بحثا عن الخبر الرخيص ومقالات تمزق جسد الوطن مرة اخري.. اقلام تنخر في سيرة الناس وتنبش حياتهم معظمها من الصحف والمطبوعات التي دعت نفسها بالمستقلة.. مزقت الخطوط الحمراء والخضراء ودفعت بسلام الناس وافكار من يقرؤنها الي مستنقع الخرافة وكراهية الآخر ودغدغة مشاعر البسطاء الذي يقدد نسيج أبناء الوطن الواحد.. لماذا نجرح صاحبة الجلاله من خلال ما يحدث وفي اطار مانشيتات رخيصة مبتذلة ومبتورة في تدنيها اصابت حتي رجال الدين مسلمين ومسيحيين وهذا أمر لم نتعوده في بلادنا انه دخيل علينا واتساءل في أسي ما هو موقف نقيب الصحفيين وأين المجلس الأعلي للصحافة.. وأين الاصلاحيون في بلادي وأين صوت المثقفين.. هل فترت حرارة الحب للوطن هل من امل لانقاذنا من هذه الصحافة الصفراء لكن يبدو ان محبة المال لدي البعض تفوق حبهم للبلاد. وراجعتني نفسي وهي تسألني ماذا يقرأ غالبيتنا؟ آه انها قراءات الغالبية التي تتلخص في اخبار الرياضة وصحفات الحوادث واخبار الجريمة والدعارة والسحر والشعوذة ومما يثير الأسي ويرسخ انتشار الجهل تلك الصحف التي تخصصت في اخبار السحر وقدرات الشياطين والزواج من الجن والعفاريت.. ما هذا الذي صرنا اليه.. ويصيبنا الحزن عندما نجد ارتفاع مبيعات صحف التدني ونشر الخرافة اعلي عن مبيعات صحف الاستنارة والتي تعد علي عقلات اصبح واحد في مصرنا. وقالت لي النفس.. اود ان اتحدث هامسة إليك في كلمة اخيرة قالت.. ما الذي اصاب الخطاب الديني في مصر وهذا الزخم الذي اصاب بعض الفضائيات وتصريحات رجال الدين علي اختلاف عقائدهم بما يتنافي مع التدين الحقيقي واحترام عقائد الاخرين. قالت النفس ان عالمنا امسي سوقا رديئا لبضائع اكثر سوءا والبائعون في هذا السوق لفظتهم الحكمة وروح التسامح بحق نحن في حاجة عظيمة لان تصحيح مفاهيم ساهم الجهل والتخلف في فرضها علي البسطاء من المصريين.. بعد هذا الحوار الطويل رحت اهدهد من مشقة اصابت النفس وتحدث قلبي في اشفاق داعيا الي الله القدير ان نستيقظ من غفوتنا التي فرضناها علي انفسنا في لحظة ضعف ودعوة الي حكومتنا الرشيدة.. لا تتركي الحبال غاربة خشية ان تأكلها شمس المغيب!