رغم اصابة مبارك أمس بتعب وارهاق شديد استدعي خروجه من القاعة أثناء الجلسة. لكنه تحامل علي نفسه وعاد مرة أخري ليجلس بجوار نجليه رغم هذا الاصرار الا ان أثر الزمن وعلامات المرض بدت واضحة علي ملامح وجهه مما جعله يتابع ما يدور وهو في وضع الرقود وكان الشرود أكثر ما اتسم به مبارك في جلسة الأمس. وعلي النقيض تماما بدا الرضا والسرور علي وجه حبيب العادلي الذي تابع بسعاة مرافعة فريد الديب محامي مبارك. وبنفس الحالة من الثقة والسعادة جلس مساعدو العادلي الستة داخل قفص الاتهام.. أما جمال وعلاء مبارك فكانا بجوار والدهما في حالة من الهدوء والتركيز الشديد ومتابعة كل ما يدور في الجلسة. كانت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة باكاديمية الشرطة. برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي. وعضوية المستشارين إسماعيل عوض وجدي عبدالمنعم وسكرتارية محمد السنوسي وصبحي عبدالحميد قد قررت تأجيل نظر قضية إعادة محاكمة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ونجليه جمال وعلاء مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من مساعديه لاتهامهم بقتل المتظاهرين ابان ثورة 25 يناير في القضية المعروفة اعلاميا ب"محاكمة القرن" لجلسة اليوم الاثنين لاستكمال سماع مرافعة المحامي فريد الديب مع استمرار حبس المتهم حبيب العادلي. واصل فريد الديب مرافعته واستمر في هجومه علي ثورة 25 يناير المجيدة ووصفها بأنها كانت ثورة غير سلمية واجرامية بدءا من يوم 28 يناير "جمعة الغضب". كما هاجم الديب كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس وحزب الله الايراني وجماعة الاخوان المسلمين. ولم ينس أيضا مواصلة هجومه علي الصحفي مصطفي بكري. واستشهد الديب في مرافعته بشهادة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان ومدير المخابرات العامة واللواءين منصور العيسوي ومحمود وجدي. طالب دفاع مبارك ببراءة المتهمين من تهمة القتل لان اطلاق النيران كان من جانب كتائب القسام وحزب الله بغية توريط رجال الشرطة والجيش في الاحداث. وأن ما حدث علي الساحة هو جريمة بشعة بكل المقاييس وأنهم تفننوا في الاجرام بهدف اشعال الغضب وفوضي عارمة لا تؤدي فقط إلي سقوط النظام بحسب ولكن بسقوط الدولة. وأن ضباط الشرطة والجيش كانوا في حالة دفاع شرعي عن النفس والغير والمال. استعان فريد الديب بشهادة اللواء عمر سليمان الذي قال ان قوات الشرطة المدنية عجزت عن حفظ الأمن وان التظاهرات كانت سلمية في 25 و26 و27 ولكن المخابرات رصدت اتصالات بين حماس والاخوان وفهموا أنه سيشاركون في تظاهرات 28 وشوهدوا في تجمعات كبيرة جدا وانضم اليهم عناصر اجرامية بدأت في الاحتكاك بقوات الشرطة لحدوث اشتباك. وحدث بالفعل هذا الاشتباك وخرج الأمر عن السيطرة بعد ان قام البدو وحماس وحزب الله وخاصة في وادي النطرون باقتحام السجون واصبحت الشرطة عاجزة عن حفظ الأمن فاصدر مبارك امرا بنزول القوات المسلحة وان مبارك تجاوب مع المطالب وفعل كل ما طلب منه كتنازلات سياسية حتي وصل الأمر إلي التنحي. بدأت الجلسة في العاشرة والنصف باثبات حضور المتهمين جميعا ثم استمعت المحكمة علي مدي 4 ساعات لدفاع مبارك حيث قال فريد الديب انه صدرت احكام جنائية ببراءة جميع مديري الأمن التابعين للعادلي ومساعديه من تهمة قتل المتظاهرين. كما ان محكمة الزقازيق قامت بتحية المتهمين علي ما قاموا به ابان ثورة يناير. وطالب الديب بأن يحدث ذلك مع مبارك والعادلي ومساعديه. أكد دفاع المخلوع أن الكاتب الصحفي إبراهيم عيسي قال سابقا ان الشرطة لم تطلق النيران علي المتظاهرين. وانه يشير باصابع الاتهام إلي جماعة الاخوان المسلمين وحماس لانها جماعة خانت البلاد وكانوا يصعدون علي العمارات بميدان التحرير ويطلقون النيران علي المتظاهرين بغية اشعال البلاد.. واستشهد الدفاع بما جاء بشهادة اللواء محمود وجدي بأن ما حدث ابان ثورة يناير كان الهدف منه الاحتكاك بالشرطة من خلال الاعمال العدائية الموجهة لرجالها. ومن بينها رش زجاج سيارات الشرطة باسبراي أسود اللون حتي لا يتمكن سائقها من الرؤية. أضاف ان هناك عناصر من قطاع غزة دخلوا البلاد منذ يوم 27 يناير 2011. وقدم للمحكمة خطابا من السفيرة وفاء نسيم إلي مساعد أول وزير الداخلية. يفيد أن سفير مصر في رام الله محمد حجازي. أكد وجود عشرات السيرات المهربة من مصر والتي تحمل اللوحات الخاصة بالشرطة والحكومة. وأنه تم خطف عدد من ضباط الشرطة وأمناء الشرطة وحتي الآن لا يعرف عنهم أحد شيئا. أشار الدفاع إلي ان اللواء منصور عيسوي وزير الداخلية الأسبق. شهد بأن الحالة الأمنية كانت منفلتة. وأن ما حدث كان نتيجة هروب 23 ألفا و710 سجناء قاموا بحرق الاقسام. علاوة علي سرقة 15 ألفا و500 قطعة سلاح من الاقسام. وأوضح أن هؤلاء هم من أحدثوا القتل والفوضي والشغب والتخريب بالبلاد ابان ثورة يناير. أضاف الدفاع ان القوات المسلحة أعلنت أنها لم تطلق الرصاص علي ابناء الشعب وهو أمر صحيح. وأكد ذلك ما جاء بشهادة المشير طنطاوي بأن مبارك عندما أمر بنزول القوات المسلحة للشعب أصدر أوامره بعدم استخدام العنف. وبحفظ الأمن بدون استخدام السلاح. وأنه نفذ الأمر بالرغم من وقوع اعتداءات علي القوات المسلحة. وأيضا شهد اللواء حسن الرويني القائد الميداني. بأن أوامر المشير طنطاوي له كانت التعامل بالحسني وعدم اطلاق النار علي المتظاهرين. وانه نفذ هذه الأوامر علي الرغم من الاعتداءات الجسيمة التي وقعت علي القوات ومعداتها وسياراتها. أكد الديب أن هذا السبب ينفي التهمة عن مبارك والعادلي ومساعديه بشهادة القائد العام والقائد العسكري. كشف الديب أن المسئولية تنحسر عن جميع أفراد الشرطة اعتبارا من عصر يوم 28 يناير ولم يكن قد سقط أو اصيب أحد قبل هذا التوقيت والمادة 8 من المرسوم بقانون سنة 52 تنص علي أنه إذا تدخلت القوات المسلحة تنقل مسئولية حفظ الأمن فورا إلي هذه القوات ويعتبر القائد العسكري مسئولا عن اصدار التعليمات والأوامر الكفيلة بتحقيق هذا الأمر وتخضع قوات الشرطة إلي الحاكم العسكري وعليها تقديم ما يطلب اليها من معونة. أكد المحامي أن الرئيس الأسبق حسني مبارك عرض علي المشير حسين طنطاوي تولي منصب نائب رئيس الجمهورية. ولم يكن يقصد بذلك اقصاءه كما تردد في ذلك الوقت. بالعكس كان يريد أن يرقيه إلي منصب أعلي لكنه لم يوافق. لأن هذا المنصب لا يتناسب معه كرجل عسكري. وعرض المنصب بعدها علي زميل له فوافق وترك جهاز المخابرات. وهو اللواء عمر سليمان. وأصبح هو نائب رئيس الجمهورية. دفع فريد الديب بانعدام توافر نية القتل للرئيس الاسبق مبارك. حيث ان النيابة لم تثبت وجود نية القتل ولم تقدم الدليل عليها. ولم تتوافر النية اطلاقا لدي مبارك أو العادلي أو المساعدين.. حيث شهد اللواء عمر سليمان أمام المحكمة بأن التعليمات كانت صريحة بالفض بالطرق السلمية وليس القتل. ولما سئل حول القتلي في المحافظات فقال انه ممكن أن يكون خطأ في تنفيذ الأوامر أو دفاعا عن النفس. أكد الدفاع أن مبارك لم يكن يريد أن يستمر في الحكم رغم أنف الشعب. ولم تكن لديه رغبة في الاستمرار. وأنه لبي مطالب المتظاهرين وأصدر مجموعة من القرارات الاصلاحية وبعدما طالب المتظاهرون برحيله ترك الحكم ولم يستمر ويرتكب المذابح ويقتل شعبه مثل فعل رؤساء آخرون في دولهم. أضاف أن أمر احالة القضية المنظورة أكد أن مبارك لم يتدخل بصلاحيته لمنع اطلاق النار علي المتظاهرين ودهسهم وهذا الاتهام المنسوب إلي الرئيس الاسبق بدعم التدخل واتخاذ الاحتياطات الواجبة والذي جعل المحكمة السابقة تعاقبه بتهمة القتل العمد بطريق الاهمال. أي انه ارتكب فعلا سلبيا وهذا لا يصلح ان تتهمه النيابة باصدار أوامر بقتل المتظاهرين بالرغم من اتهامه بالاهمال عن اتخاذ قرار. علاوة علي عدم تقديمها الدليل علي الاشتراك باعمال ايجابية تثبت الجريمة في حقه أوضح الدفاع ان المحامي العام للاستئناف المنتدب للتصرف في القضية استبعد مبارك من القضية. وتمت احالة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ومساعده فقط في 23 مارس 2011 إلي المحاكمة. مشيرا إلي أن ذلك أكبر دليل علي دفعه أن هناك أمرا ضمنياً بألا وجه لإقامة الدعوي. ونوه إلي أن تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الانتهاكات التي حدثت من 25 حتي 11 فبراير 2011 انتهي إلي ان مبارك يتقاسم مع وزير الداخلية المسئولية السياسية والأمنية. وبالرغم من ذلك النيابة لم تتهم ولم تسأل مبارك ولم تدخله في الاتهام. وأشار إلي أن النيابة في المحاكمة السابقة ردت علي هذا الدفع بأنها لم تستطع سؤال مبارك بسبب الظروف الأمنية التي لم تسمح بسؤاله حتي أنهم اضطروا إلي سؤال العادلي ليلا وهذا لا يجوز. أضاف الديب أن محاكمة الاعادة لا تتقيد ابدا بما انتهي اليه الحكم المنقوض أو حكم النقض في تقديم الوقائع لأن القاضي لا يكون عقيدته الا بالأوراق ولا يدخل فيه أي شيء آخر.. مشيرا إلي أن الشهود أكدوا عدم اصدار أوامر بقتل المتظاهرين أو اصابتهم. ومن بينهم اللواء عمر سليمان والذي أكد أن فض المظاهرات كان بالطرق الاعتيادية بالمياه والغاز وأيضا المشير حسين طنطاوي. وشهد أيضا الفريق سامي عنان بأن مبارك أو العادلي لم يعطيا أوامر بقتل المتظاهرين وأيضا اللواء مراد موافي واللواء مصطفي عبدالنبي. وأنه لو صدرت أوامر بقتل المتظاهرين لكان بالآلاف وبنفس المعني شهد اللواء حسن الرويني والدكتور أحمد نظيف واللواء حمدي بدين واللواء خالد ثروت واللواء كمال الدالي مدير أمن الجيزة وأن تعليمات العادلي كانت بتأمين المظاهرات. وأيضا الكاتب إبراهيم عيسي شهد بأنه لا يعتقد أن مبارك أمر باطلاق النيران علي المتظاهرين. أكد الديب بأنه لا يوجد أي دليل علي ثبوت التهم في حق مبارك أو العادلي أو مساعديه. وأنه لابد أن يكون هناك دور ايجابي للمتهمين علي أنهم اشتركوا في ارتكاب الجريمة. وأن مبارك نفي تماما اصدار أمر باستخدام العنف. وأن نفس الأقوال أكدها حبيب العادلي في أقواله بالتحقيقات. كان من ابرز لقطات الجلسة تعرض مبارك لوعكة بسيطة وخرج من القفص وقالت المحكمة: انه سيتلقي العلاج من قبل الفريق الطبي المرافق وسيعود بعدها مباشرة وأنه لديه سماعة مكبرة للصوت يستطيع من خلالها سماع ما يدور بالجلسة وبالفعل عاد مبارك بعد قليل لمتابعة الجلسة بعد سماح الفريق الطبي له بذلك. أكد الديب انه لا يوجد أي دليل علي ثبوت التهم في حق مبارك والعادلي أو مساعديه. وأنه لابد أن يكون هناك دور ايجابي للمتهمين علي أنهم اشتركوا في ارتكاب الجريمة. أضاف أنه: حين استجوب مبارك في وقائع القتل نفي تماما الاتفاق أو اصدار أوامر باستخدام العنف. بل انه عندما علم بأن هناك مظاهرات ستحدث يوم 25 يناير. أعطي تعليمات لوزير الداخلية بالتعامل مع المتظاهرين سلميا دون عنف وعدم استخدام اسلحة وذخائر أو حمل اسلحة مع القوات التي ستقوم بفض المظاهرات. وأنه عندما علم بزيادة اعداد المظاهرات اعطي أوامره بعدم العنف مع المتظاهرين. وأنه لم يخطر بأي وفيات. أشار أنه يوم 28 يناير أخطر بأن قوات الأمن المركزي يتم الاعتداء عليهم وهم عزل بدون أسلحة. وبالرغم من ذلك يتم ضربهم بالاسلحة. ولذلك اصدر أمرا بنزول القوات المسلحة لحفظ الأمن بالبلاد وليس لقتل المتظاهرين. وأنه علم بأن قوات الأمن المركزي كانوا بدون أسلحة وأن المتظاهرين كانوا متسلحين. وأوضح الديب أنه ليس من حق المحقق- طبقا للقانون- إلغاء الأمر الصادر بألا وجه لإقامة الدعوي الجنائية ضد مبارك. وأنه طبقا للقانون والمادة 213 يحق للنائب العام فقط إلغاء هذا الأمر. وأن هذا لم يحدث. وخاصة بعد ان تصرفت النيابة وأحالت القضية للمحاكمة. علاوة علي عدم ظهور أدلة جديدة.