في سابقة ليست الأولي من نوعها. فقد تكررت علي مدي عشرات السنين دون الالتفات للاستفادة منها أو تلافي الأخطار الناجمة عنها. ففي فصل الربيع ومع تغيرات أحوال الطقس تتعرض بلادنا لأمطار غزيرة وسيول تتدفق مياهها عبر الصحراء وتحدد لها مسرات تنطلق نحو المنحدرات وإلي البحر الأحمر. فقد جرفت السيول التي وقعت أحداثها منذ أكثر من 20 يوماً بعض المنازل ودمرت الطرق مما أدي إلي قطع الاتصال بين المدن وأغرقت العديد من السيارات وامتدت آثارها المدمرة إلي بعض المنشآت والفنادق وما جري في سيناء ونفق الشهيد أحمد حمدي وفي الصعيد وقائع تسترعي الانتباه وتعتبر بمثابة ناقوس خطر ينذر بضرورة تدارك الأمر واتخاذ التدابير التي تساعد في وضع حد لحماية البلاد والعباد من تلك الأخطار وضرورة الاستفادة من مياه هذه السيول. حقيقة لقد تجاهلنا هذه الظاهرة التي تتكرر أمام أعيننا وكذلك الأجهزة المحلية وغيرها واكتفينا كالعادة بتضميد الجراح دون بحث عملي ودقيق علي أرض الواقع يتضمن متابعة لمجريات هذه السيول وحلولا عملية لتلافي أي أخطار تهدد المساكن التي تقع في مجري هذه السيول وكذلك صيانة الطرق وحمايتها من تلك المخاطر. بالاضافة إلي اتخاذ اجراءات حاسمة وحازمة لتحقيق أقصي استفادة من مياه هذه السيول التي تقدر وفق احصائيات الخبراء بالمليارات خاصة هذا العام. هذه الحلول تحتاج إلي نوايا صادقة واخلاص وعمل دائم للحماية والاستفادة من هذه المياه بدلا من اهدارها رغم أننا في أشد الحاجة لأي كمية من المياه. مع الأسف الشديد لقد تجاهلنا السيول هذا العام واكتفينا مع شديد الأسف بالعلاج البسيط والمسكنات التي لا تجدي نفعاً ولا تحقق غرضا. وأهملنا مصدراً للمياه يمكن الاستفادة منه في زراعة الصحراء التي انهمرت السيول بداخلها لم نتخذ التدابير اللازمة لحفظ هذه المياه بإعداد مساحات علي أعلي مستوي علمي لكي تكون في مستوي منحدر فجمع هذه المياه والسعي بكل جهد علمي لكي تظل صالحة للزراعة وغيرها من الأغراض. ولدينا الخبراء في هذه المجالات ولا ينقصنا سوي الاستفادة بجهودهم والجميع علي أتم استعداد للبذل والعطاء من أجل خدمة الوطن إذ ليس أهم من المياه شريان الحياة. ولدينا المساحات الكبيرة التي هي في أشد الحاجة كي يمتد اليها التعمير وتصبح مناطق خضراء تسر العيون وتبعث الأمل في الحياة وتجدد النشاط في اضافة مصادر جديدة للمياه ترتوي بها أرضنا الطيبة. لقد تابعت علي مدي سنوات سابقة أحداث هذه السيول ولم أجد أي جديد طرأ علي مواجهة هذه السيول. فما أشبه الليلة بالبارحة فقد تدفقت السيول في محافظات الصعيد وأغرقت المنازل وقطعت الطرق منذ أكثر من 20 عاما.. وفي اطار متابعة هذه الأحداث سافرت مع المرحوم الاستاذ علاء الوكيل وأحد الزملاء المصورين وقمنا باجراء مسح لظاهرة السيول وكيفية تلافي الأخطار الناجمة عنها وكيفية اعداد مخرات لهذه السيول في محاولة للحد من خطورتها. ورغم هذه السنوات التي طواها الزمن لم أجد أي شئ يؤكد أن هناك تطوراً فقد تابعت كصحفي يتابع الأحداث خاصة ظاهرة قمت بمتابعتها علي أرض الواقع. بدأت الوقائع بتحذير من الأرصاد وحيث أكدت الهيئة عن طريق مسئوليها أن السيول سوف تتدفق بالأمطار التي تنهمر بغزارة نتيجة الأحوال الجوية المضطربة لكن للأسف لم تتخذ الأجهزة المحلية وغيرها التدابير اللازمة وكالعادة اكتفت بالمسكنات لمواجهتها دون أن تري أي جهود لاستثمار مليارات الأمتار من هذه المياه وبالتالي ذهبت هذه المياه إلي مياه البحر الأحمر. والأكثر سوءا أن السيول عزلت مدينة طابا وقامت الأجهزة المحلية باستخدام المعدات والآليات في محاولة لفتح الطريق إلي هذه المدينة التي تستضيف السياح الأجانب وناهيك عما جري في قنا وأسوان وأسيوط من وقائع وكلها لا تشير إلي تحركات تشير إلي أن لدينا أي خطط أو برامج لمواجهة هذه التداعيات. مما يدعو إلي التأمل ويشير إلي أن كثيرا من الدول اتخذت التدابير للاستفادة من مياه الأمطار وغيرها. ومن ذلك علي سبيل المثال لا الحصر أنني كنت في زيارة إلي مدينة "ليماسول" بالقرب من اليونان والتي تقع علي ساحل البحر الأبيض وعند وصولنا إلي ميناء هذه المدينة هطلت الأمطار واستمرت لمدة نصف ساعة فقط واذا بالمرافقة التي تصاحب الوفد الصحفي تقول: ان رحلتكم تزف بشري فهذه الأمطار سوف نستغلها للشرب طوال العام القادم رغم المدة القصيرة التي هطلت فيها الأمطار. فما بالنا نحن مع هذه السيول وتلك الأمطار الموسمية التي لم نفلح في مواجهتها وأصبحنا نقول بسخرية: القاهرة غرقت في "شبر مية" وما يقال عن العاصمة يتردد عن المدن الأخري. في النهاية يجب الا تمر هذه الظاهرة مرور أي حادث مرور الكرام ثم نظل "محلك سر" بال فاعلية أو تحرك لتلافي تلك التداعيات الأمر يحتاج إلي معالجة بأسلوب علمي كما أشرت انفا ويجب ان نستفيد بتجارب الآخرين. ويكفي أن نلقي نظرة علي الدول الأوروبية التي تتعرض لأمطار غزيرة جدا وتتولي معالجتها دون ان يشعر المواطن بأي اخطار أو قطع للطرق كما يجري لدينا. أعتقد انه يكفي تلك المعاناة التي عاشتها مناطق السيول علي مدي سنوات وتحقيق أقصي استفادة من مياه السيول والتي تقدر بمليارات من الأمتار. أعتقد أنه حان الوقت للتحرك بأقصي ما يمكن لمواجهة أخطار الأعوام القادمة ليتنا نري مبادرة تضع حدا لمأساة هذه السيول ومواجهتها بكل جهد واستغلال كميات المياه بكفاءة واقتدار.. وكفانا ما جري من ضياع لتلك الكميات الهائلة بالاضافة إلي الخسائر التي لحقت بتلك المناطق المهمة ليست صعبة والحلول تحتاج إلي الإخلاص والعمل بجدية واهتمام. أمامنا عام كامل يمكن ان نستغله في التدابير والاجراءات التي تساهم في عدم تكرار المخاطر وتلك التداعيات المؤسفة!!