منذ فترة ليست قصيرة كنت مع وفد صحفي وسياحي في زيارة لمدينة ليما سول في رحلة بحرية للمدن التي تقع علي شاطئ البحر المتوسط وحين رست السفينة في ميناء هذه المدينة الساحرة هطلت أمطار خفيفة لم تستمر أكثر من نصف ساعة. الطريف أنه بمجرد استقر أعضاء الوفد في أماكنهم بالسيارة التي تقلهم من الميناء إلي الداخل التقطت الميكروفون السيدة المرافقة للوفد الموظفة بالهيئة التي تستضيفنا وقد تهلل وجهها وهي تقول: إن زيارتكم كلها خير فقد فاضت السماء بالأمطار التي سوف تكفينا للشرب وكل احتياجاتنا الأخري وأخذت تشكر الله علي هذه النعمة التي أفاء بها علي هذه الجزيرة المحرومة من المياه الصالحة للشرب والري. الأكثر غرابة أن السيدة أكدت هذه الكميات رغم ضآلتها إلا أنها سوف تكفينا طوال العام. وقد استفزت هذه الأقوال أحد أعضاء الوفد فسألها كيف يتم الاستفادة كل هذه المدة. أجابت: سوف يتم تخزينها من خلال شبكة تم إعدادها لاستقبال موسم الأمطار ثم أردفت أنها نعمة والحفاظ عليها مسئولية البشر. قفزت هذه الذكريات إلي الذهن ونحن نعيش هذه الأيام موجة من الأمطار الغزيرة التي أغرقت الشوارع وحولتها إلي برك من المياه وأصابت حركة المرور بالشلل وعطلت الكثيرين عن مزاولة أعمالهم لدرجة أن الارتباك قد أحدث الكثير من المشاكل في مقدمتها تأخر التلاميذ عن الامتحانات وقد استرعيت هذه المعوقات وسائل الإعلام فتناولتها كما يجري علي أرض الواقع وأشارت إلي أن العاصمة قد غرقت في "شبر ميه" كما نقول في أمثالنا الشعبية. حقيقة لقد أهملت المرافق وأجهزة الحكم المحلي في مواجهة هذه الموجة من الأمطار وثارت تساؤلات كثيرة وعلامات استفهام حول اختفاء دور هذه الأجهزة منها علي سبيل المثال أين بلاعات الأمطار التي تكلفت الملايين من الجنيهات دون أن يكون لها أي دور في هذا الموسم. وما هي الأسباب التي أدت إلي تعطلها خاصة بشارع أحمد حلمي مدخل القاهرة لمحافظات الوجه البحري ثم أين دور عمال المرافق وعربات شفط المياه المتراكمة في الشوارع؟ أين دور المحليات في إزالة برك الطين التي تجمعت في شارع مصطفي النحاس خاصة في تقاطعه مع الطريق للحي العاشر؟ في نفس الوقت لقد كان دور المحافظات غائباً في الاستعداد لمواجهة السيول ولم يكن لدي الأجهزة والمسئولين عن الري وكذلك المحليات والوجه القبلي حيث مواقع السيول بالإضافة إلي شمال وجنوب سيناء خاصة أن هذه المواسم تحتاج إلي تحرك فعال من أجل تخزين هذه الكميات في آبار جوفية للاستفادة منها في الزراعة وأعمال الري المختلفة. وإذا كانت جزيرة صغيرة كما أشرت في البداية قد استطاعت القيام بهذه المهام رغم ضعف كميات الأمطار لديها. لقد تجاهلنا هذه المسئوليات أهميتها خاصة أن نصيبنا من مياه نهر النيل أصبح لا يكفي كل متطلباتنا كبلد زراعي في المقام الأول مع أن ربنا قد نبهنا إلي عمليات تخزين الأمطار في باطن الأرض وذلك في إشارة واضحة في سورة المؤمنون "وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وأنا علي ذهاب به لقادرون". الأمر يتطلب أن تتحرك هذه الأجهزة بصورة فعالة لتدارك هذه الأخطار ومواجهة موسم الأمطار والسيول بما يكفل سحب المياه المتراكمة في الشوارع واتخاذ جميع الاحتياطيات والإجراءات لتشغيل بلاعات الأمطار خاصة بشوارع القاهرة بالاضافة إلي النهوض بالمهام الخاصة في الاستفادة بكميات المياه نتيجة السيول لتخزينها في الآبار والمواقع التي نستفيد بها في أيام التحاريق كما يقول خبراء الري. الآمال تحدونا في أن تتحرك الأجهزة لتلافي هذه المشاكل وعدم تكرارها في المستقبل. ***** نداء الحب من السعودية لقد تفجرت ينابيع الحب من المملكة العربية السعودية وقد جاءت في كلمات تؤكد صدق مشاعر هذا الرجل الذي يقطر قلبه بالرحمة والحب لأهل مصر إنه الأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن العريفي الأستاذ المساعد بجامعة الملك سعود فقد حرك المشاعر وأفاض في الثناء علي مصر وأهلها وذكر الكثير من الوقائع التاريخية. إنه باحث ومؤرخ دقيق ينسب الوقائع لمصادرها. إنه صوت الحق والحب. ونداء من شقيق يذكر أهل أم الدنيا بضرورة لم الشمل والكف عن الأساليب التي لا تليق بمكانة أبناء وأحفاد العلماء والأساتذة في كل المجالات ومما ألهب المشاعر أكثر تلك الدعوة التي وجهها الدكتور العريفي لرجال الأعمال والسيدات بالاستثمار في مصر. تحية لهذا الرجل وتلك المشاعر الصادقة. نسأل الله أن يجزيه خيراً علي دعوته ودعائه الطيب لبلادنا.. شكراً وألف شكر.