زيادة أسعار السلع والخدمات أصبحت تمثل كابوسا في كل بيت مصري بعد أن شهدت الأسابيع الماضية ارتفاعا في أسعار أكثر من سلعة بدون مبرر بينما أجهزة الرقابة عاجزة عن التدخل بدعوي السوق الحر والخوف من هروب الاستثمارات وعودة السوق السوداء. الأهالي أكدوا ان التجار أصبحوا يسيطرون علي الأسواق ويحددون الأسعار حسب المزاج. أما خبراء الاقتصاد فيؤكدون بأن الوضع خطير وينذر بكارثة مشيرين إلي ضرورة القضاء علي احتكارات التجار وتطوير المجتمعات الاستهلاكية وتشغيل الطريق البري مع السودان وزيادة التبادل التجاري مع إفريقيا. "المساء" التقت مع كل الأطراف وكانت البداية مع المواطنين. يري أحمد المصري - رئيس مجلس إدارة شركة النيل للزيوت والصابون - ان السوق المصري بصفة عامة يعاني من حالة فوضي عارمة والضحية 95% من الشعب من محدودي ومتوسطي الدخل الذين يعانون الأمرين في تدبير أمورهم بسبب ارتفاع الأسعار. يؤكد الدكتور طارق عبدالغفار - نائب عميد معهد القلب - ان أغلب الشعب المصري غير مرفه ويبحث عن السلع الحياتية اليومية التي أصبحت مرتفعة السعر بشكل مبالغ فيه خاصة ان هناك منتجات وطنية مثل منتجات الألبان فلماذا الزيادة المستمرة إلي جانب تفاوت السعر من مكان لآخر فإن السعر في الدقي يختلف عن بولاق وهذا دليل علي غياب الرقابة بالأسواق بالاضافة إلي انتشار البيع علي الأرصفة للسلع منتهية الصلاحية التي يقبل عليها المواطن البسيط لرخص سعرها. أوضح ناصر مجاهد - اخصائي اجتماعي بجامعة الأزهر - ارتفاع الأسعار يلتهم المرتب كاملا في أول عشرة أيام من الشهر واضطررت للبحث عن عمل آخر بعد الظهر لتوفير مصروفات البيت خاصة في ظل استغلال التجار وتحديد الأسعار حسب مزاج كل تاجر والمواطن مجبر علي الشراء خاصة الأطعمة والملابس وغيرها . أضاف سمير شكر - مدير متابعة باحدي شركات البترول - ان السلع التي تدعمها الدولة يجب أن تصل لمستحقيها خاصة في مجال الكهرباء. أكد ان 30% من الناس لا تستحق الدعم ولابد من الحصر الدقيق ورفع الدعم عن الأغنياء وزيادة النسبة المقررة للفقراء. أما حسن عبدالباسط - علي المعاش - فيقول: معاشي 705 جنيها فقط وأعول أسرة مكونة من 5 أفراد ويخصم فواتير الغاز والكهرباء والمياه يتبقي 600 جنيه تقريبا وهي لا تكفي للانفاق علي الأكل والشرب فقط في ظل ارتفاع أسعار كل شيء . أضاف باسم فخر الدين - موظف باحدي الشركات - ان أقل أسرة معها أبناء في التعليم خاصة ثانوية عامة تحتاج 200 جنيه كل يوم فأسعار كل السلع زادت والجبنة البراميلي وصل الكيلو إلي 30 جنيها وكرتونة البيضة ب20 جنيها والجبن الرومي 50 جنيها وكيلو اللحم لا يقل عن 70 جنيها فكيف يعيش الموظف أو المواطن البسيط في ظل أسعار "نار" والمفروض ألا يقل دخل رب الأسرة عن 5 آلاف جنيه!! مواطن رفض ذكر اسمه يقول: ان العيشة أصبحت مستحيلة حيث أصيبت بالاكتئاب من كثرة التفكير في كيفية تدبير الميزانية الدخل بسيط والأسعار نار والأبناء لا تكف عن الطلبات والاحتياجات والأزمة تزداد في المواسم. ربات البيوت يصرخن أما ربات البيوت المسئولات عن تدبير الميزانية فيصرخن ولا مجيب تقول فوزية محمد فاضل - علي المعاش - أسعار الأدوية نار والمعاش لا يكفي ونحتاج للعلاج شهريا أنا وزوجي والباقي لدفع الإيجار والكهرباء والتليفون والغاز وبالتالي نعيش "بالكاد" وبالبركة والأمل في الرئيس القادم ان يعيش الانسان في راحة بال وتنتهي طاحونة الأسعار. وفاء محمود - ربة منزل - تقول: أشعر بالحزن كل أول شهر عندما يعطيني زوجي المرتب لأدبر المصروفات وأحاول ضغط النفقات وشراء نصف الطلبات علي قدر الاحتياجات الضرورية فقط وأحاول شراء الأرخص واكتفي بشراء اللحوم مرتين في الشهر وعندما أتجول في سوق الخضار أري كيلو الكوسة ب5 جنيهات والفاصوليا 4 جنيهات والبطاطس 3 جنيهات والأرز 4 جنيهات حتي التوابل ارتفعت أسعارها ورغم كل المجهودات الراتب لا يكفي حتي منتصف الشهر والهم الأكبر زيادة المواصلات التي زادت الضعف واستغلال سائقي الميكروباصات للانفلات الأمني وتقسيم المسافات لزيادة مكاسبهم علي حساب الغلابة.. بينما الرقابة غائبة تماما!! اتفقت معها دعاء السيد - محاسبة - وأضافت: والذي يعطيني الراتب لأوزعه بطريقة حسابية ومنذ ارتفاع الأسعار لم أستطع ضبط الميزانية واضطررت لتأجيل بنود الترفيه والملابس والمفاجآت والمناسبات إلا في الحدود الضرورية جدا ولكن المشكلة الجديدة هي زيادة أسعار المواصلات التي زادت علي العبء وتتمني رقابة حقيقية. أما ثناء خليل - ربة منزل - فتقول: كنت أعمل في احدي الشركات السياحية وتم تصفيتها وأعيش علي مرتب زوجي فقط ورغم زيادة المرتبات إلا ان الأسعار زادت بنسبة 10 أضعاف زيادة المرتب والدولة تركت الأمر حسب أهواء التجار وارتفعت أسعار كل شيء أصبح ناراً حتي حفضات الأطفال زادت من 60 جنيها رلي 80 جنيها خلال شهر. آراء الخبراء يحلل الموقف الدكتور علاء رزق - الخبير الاقتصادي والاستراتيجي - قائلا: ارتفاع الأسعار ناتج عن فشل الدولة في إدارة المنظومة واتخاذ قرارات عشوائية وغير مدروسة في ظل حكومة انتقالية المفروض تحقق العدالة الاجتماعية بدلا من اختزالها في الحد الأدني للأجور وهو حق يراد به باطل بمجرد ارتفاع الدخل ترتفع الأسعار.. بالاضافة إلي عدم القدرة علي الإنتاج والدليل إغلاق 4662 مصنعا مما زاد من الاعتماد علي الاستيراد والضغوط علي العملة الأجنبية والتضخم بالاضافة إلي عجز وزارة الزراعة في زيادة السلع والمحاصيل حتي يكون العرض أكثر من الطلب لمواجهة ارتفاع الأسعار وعدم تنفيذ مشروعات قومية تحقق طموح الشعب من خلال فتح أسواق خارجية والاتجاه لإفريقيا بدلا من آسيا وأوروبا. طالب د.رزق بضرورة الإسراع في إنشاء الخط البري بين مصر والسودان حيث ان الصادرات المصرية لإفريقيا لا تزيد علي مليار دولار رغم ان السوق الأفريقي يستوعب صادرات ب5 مليارات دولار وكل مليار يفتح أكثر من 200 ألف فرصة عمل.. وهذا الخط يحدث انتعاشة حقيقية في الأسواق. أما الدكتور علي عبدالعزيز - مدرس الإدارة والاقتصاد بجامعة الأزهر - فيري: ان ارتفاع الأسعار بالشكل الجنوني مرتبط بحالة الفوضي الاستثمارية التي صاحب الظروف السياسة والتي أدت إلي غلق كثير من المصانع وقلة المعروض أدي لرفع الأسعار مع انعدام الرقابة مما اضطرت المواطن وزادته فقرا بسبب فشل الدولة في وضع قوانين تحد من ارتفاع الأسعار أو الاحنكار مما ينذر بكارثة قادمة تؤدي لنزول المواطن للشارع من جديد. وعن الحل أكد ضرورة تفعيل السياسات الرقابية والتخلي عن عدم المواجهة والمحاسبة العلنية للمسيطرين علي الثروة والسلع الاحتكارية الكبري والحياتية وان يتم الحل في إطار العدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية. وضعنا كل هذه المشاكل واقتراح الخبراء أمام محمود دياب - المتحدث الرسمي لوزارة التموين - وأوضح ان هناك زيادة مبررة في أسعار الخضر والفاكهة منها المرور ما بين عروتين زراعيتين والسبب الآخر تكاليف النقل والتخزين والتداول بالاضافة إلي جشع بعض التجار.. ولهذا قام الوزير بالاتفاق مع معظم المنتجين بطرح كميات كبيرة من الخضر والفاكهة في المجمعات الاستهلاكية وشركات الجملة ومحلات البقالة بأسعار معقولة بهامش ربح بسيط مما يزيد من العرض ويقلل السعر بالاضافة لمحاولة تقليل تكلفة النقل والاهدار بنسبة 40% من خلال الشراء من الأرض للتاجر دون المرور بمراحل التخزين أو الوسيط إلي جانب خطة لتطوير المجتمعات الاستهلاكية وشركات الجملة مع مراقبة الجودة والصلاحية وإعلان السعر في 40 ألف فرع علي مستوي الجمهورية. وعن إلزام التاجر بالسعر أكد انه لا يمكن محاسبة التاجر علي السعر لأن السوق يحكمها المنافسة ولا يوجد قانون يلزم القطاع الخاص بسعر محدد خشية من هروب الاستثمارات.