الأفلام الغربية .. الأمريكية بصفة خاصة التي عالجت موضوع الإسلام السياسي. وإرهاب الجماعات الإسلامية تعد بالعشرات وربما بالمئات.. فمنذ الهجوم علي برجي التجارة في نيويورك في سبتمبر وصناع السينما لم يتوقفوا عن تصدير الأفلام إلي جماهير العالم. هذه الأعمال السينمائية بتنوعها وغزارتها جديرة بالاهتمام. وتصلح كمادة ثرية وكاشفة للدراسة والمناقشة فضلا عن كونها مادة مسلية ومنشطة عقليا وعاطفيا لجمهور الجالسين أمام الشاشة. الإرهاب الذي يمارس بدعوي الانتصار للدين الإسلامي والجهاد في سبيله ينتشر دولياً في أنحاء الكرة الأرضية. والأفلام تتناول هذا النشاط في بلاد مثل أفغانستان والجزائر وليبيا والمملكة السعودية والعراق وإيران وفرنسا وايرلندا إلخ إلخ.. إذن لماذا لا يفكر التلفزيون المصري العام والخاص في عمل برامج سينمائية متخصصة أو حتي قناة خاصة تعتمد بالكامل علي الأفلام التي تتناول هذا النشاط التدميري الذي يمارس بدعوي الدين والأديان منه براء. كثير من هذه الأعمال التي ينتجها الغرب تدخل في الصراع الأزلي بين الحضارات. والصدام بين الشرق والغرب. وفي تشويه الشعوب أحياناً. ووصم الشخصية العربية المسلمة باعتبارها كيانا إرهابيا والسينما من الأدوات القوية جداً في معارك الأفكار والتطرف الايدلوجي. ومن المهم الإلمام بأساليب إدارة هذه المعارك عبر وسيط الفيلم كعمل ترفيهي جماهيري إنه مطلب ثقافي وتنويري وتعليمي ولا يصح إغفاله وبالذات في هذه الظروف التي نعاني فيها جهلاً وغياب وعي وعمي بصيرة. ومن المفارقة اللافتة أن الولاياتالمتحدة التي إكتوت من الإرهاب واتكأت علي الحادث الإرهابي الجلل 11/9/2001 لكي تعلن الحرب علي الإرهاب وتدمر من ثم دولا عريقة مثل العراقوأفغانستان وبعدهما سوريا وليبيا وكل هذا التدمير يتم بسلاح أمريكي ودعم وتحالف غربي المفارقة الصارخة أن الولاياتالمتحدة ترفض حتي هذه اللحظة الإقرار بأن جماعة الإخوان جماعة إرهابية تمارس الإرهاب مع سبق الاصرار والترصد.. الولاياتالمتحدة التي تمتلك قلعة لصناعة الأفلام وقوائم طويلة من الأعمال التي تفضح الإرهابيين وقد عانت هي نفسها كدولة "عظمي" من عدوان الإسلاميين الذين اتضح أنهم "فروع" من شجرة الجماعة ومن أنصارها. هذه الدولة العظمي تتجاهل أفعال الجماعة وضربتها لأنها تعتبرهم "ذراعا" لها لتنفيذ مآربها في الشرق الأوسط"!" العيار بمكيالين سمة قبيحة من سمات العظمة. والظهور بوجهين آلية مفضوحة في سلوكيات بلد الكاوبوي والهنود الحمر. والمفارقة مرة ثانية ومن دون جهد بحثي كبير أن دور أمريكا في دعم الإرهاب الآن واحتضانه. وأنها قادت الحرب علي الإرهاب ليس بهدف اجتثاثه وإنما لتقويته للنيل من قوة دول تعاديها والنتيجة الطبيعية بعد مرور أكثر من عشر سنوات علي سقوط بغداد "2003" أن العراق برمتها تفترس حاليا بفعل جرائم إرهابية مروعة جعلت أهلها يقولون "ولا يوم من أيام صدام حسين" لا ديمقراطية ولا يحزنون. وإنما فوضي وعشوائية ودماء تسيل كل يوم. انتعش الإرهاب باسم الدين وانكشف الخداع الأعظم "والخداع الأعظم" عنوان لفيلم شاهدناه مؤخراً يكشف كيفية تغلغل الإخوان في أمريكا.. وبالمناسبة هناك جيل ثالث من الجماعة الإرهابية ولد وتربي ورضع من صدر الدولة العظمي ومنهم أشخاص في البيت الأبيض. وآخرون تعرفهم هيلاري كلينتون وربما نشاهد قريبا نسخة ثانية من الخداع الأعظم وأفلاما أخري روائية وتسجيلية تلقي الضوء علي دور أمريكا في نشر الديمقراطية بدعم الإرهاب ورعايته. السياسة لعبة قذرة تفضحها وسائل الإعلام والوسائط الجماهيرية وفي مقدمتها الفيلم السينمائي.. والأفلام الغربية . الأمريكية علي نحو خاص تلعب أدوارا مزدوجة مضللة أحيانا. وكاشفة في أحيان كثيرة. والمطلوب نظرة تحليلية لهذا النشاط المؤثر الذي يجعل "الميديا" سلاحا قوياً في أيدي الجماعات الإرهابية ويحول الصورة إلي لغة تبثها قنوات عملية تخدم أغراضا صهيونية واستعمارية بوعي وبمقابل مادي مدفوع. ومن الأشياء الفارغة التي نسمعها ونقرأ عنها أحيانا سواء علي لسان التابعين للأجندة الأمريكية أو المفرضين بدعوي الليبرالية. أو اللامنتمين المؤمنين باللاعنف واللاوطن واللا أخلاق إلخ.. من هذه الأشياء القول بأنه لا يوجد تعريف دولي متفق عليه للإرهاب وأن تعريف هذا المصطلح يشكل تحدياً أمام بعض رجال الدولة وأنه مشكله دوليه!!! مع أن التعريف العملي الذي لا يمكن دحضه ما شاهدناه من ترويع وحشي بالأسلحة والمدافع والمولوتوف للناس الذين لا يحملون أسلحة. والذين يتم التمثيل بجثثهم علي نحو لا تجده في الغابات ولا في عصور ما قبل التاريخ.. التعريف الدولي إذا كانت دول العالم "العظمي" تسعي بالفعل إلي تعريف للإرهاب موجود في مصر في أكثر من مشهد وأكثر من مكان وفي شمال وجنوب ووسط البلاد الذبح علي الهوية والقاء البشر من فوق الأسطح ومن بين ملامح الإرهاب التخطيط المسبق لاغتيالات أشخاص مسالمين وضد جماعات مدنية بهدف الترويع وضد فصائل من البشر لا تحمل السلاح ولا تدخل في حرب.. وإذا كان ما عزاه من ترويع وقتل وذبح وتمثيل باللحم الحي لا يمثل الإرهاب. إذن ماذا يكون الإرهاب. لقد حاول كثير من الكتاب والممثلين والمخرجين رسم صورة للإرهابي ورصد الملامح السيكلوجية لهذه الشخصية واستخدموا نماذج باعتبارها تصوير موضوعي لشخصية الإرهابي واعتقد أنهم فشلوا. فحتي "كارلوس" يبدو باهتمام. أمام إرهابي الجماعة لأن الإرهاب الأسود ينبت في بيئة ايدولوجية تلغي ماعداها وتشمل دماء الخارجين عليها. وتقضي جسديا وفكريا من يخالفها وتلغي المشاعر والتعاطف والشفقة .. وإلخ الاحاسيس التي تضعف قدرة الإنسان أحيانا. الإرهابي في "الألبوم" الخاص بالجماعة لم يظهر بعد في الأفلام الأمريكية ولم يظهر في أفلام حصرية من نوع "الإرهابي" أو "حين ميسرة" أو "الإرهاب" هذه شخصيات مسخ وباهتة وخيالية المخرجون الفلسفيون الذين تجرعوا الإرهاب الاسرائيلي المفرط في العنف واللاانسانية لم يقوموا بعمل رسم شخصية الإرهابي فيلم مثل "الجنة الآن" لن ينجح في تقديم صورة قاطعة للإرهابي. وأفلام علي شاكله" في نسبة إلي فنديتا "v for vendita" الذي ذاع صيته جداً وسط "الثوار" في تحرير 25 يناير. صورة سخيفة ومثيرة للسخرية إذا ما قورنت "بإرهابي" الجماعة .. الجماعة جمعت في خلاصة الوحشية والدونية واللاأخلاقية واللادين. رحلة إلي القاعدة ومن الأعمال التي تناولت نشاطات إرهاب الإسلام الأصولي المتطرف. فيلم شاهدته مؤخراً بعنوان "رحلتي إلي القاعدة" وهو عمل تسجيلي لصحفي وكاتب وسيناريست أمريكي هو لورانس رايت متخصص في نشاط الجماعات الإرهابية وشارك في كتابة سيناريو فيلم "الحصار" الأمريكي "1998" الذي يتناول جانبا من هذا النشاط.. والفيلم عن كتاب قام الصحفي بتأليفه وحاز به علي جائزة بولتزر وفيه يلعب الدور الرئيسي باعتباره صاحب الرحلة واللاعب الوحيد فيها .. عمل لطيف وتحصيل حاصل لمعلومات شبعنا منها. الفيلم محاولة من قبل المؤلف للوصول إلي اجابات عن أسئلة أثارها الحادث الإرهابي الأكبر 11/9 والرحلة التي قام بها اتجهت به إلي أماكن يفترض أنها الأنسب للعثور علي اجابات موضوعية صحيحة زار المملكة العربية السعودية وتوقف أمام بعض المتظاهرين فيها. وأمضي في مصر عامين واشتغل بالتدريس في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة.. والتقي شخصيات من نوعية منتصر الزيات محامي الجماعات الإسلامية. والمؤلف المسرحي علي سالم الذي زار إسرائيل. والإعلامي يسري فوده الذي التقي هو نفسه بشخصيات ضالعة في هذه النشاطات بحكم مهنته. يروي الفيلم بلسان مؤلفه قصة تأليف الكتاب الذي حظي بانتشار واسع "البرج الملوح.. القاعدة و11/9".. وعلي مدي ساعة ونصف تقريبا يستحضر الشخصيات والأمكنة والمظاهر الثقافية والدلالات الخاصة للوقائع التي صادفته ومنها حادثة حريق مدرسة البنات في المملكة السعودية التي أدت إلي وفاة عدد من التلميذات اللاتي حوصرن داخل جدران البناية حتي لا يظهرن سافرات والمؤلف بطل الفيلم يتوقف كثيراً أمام هذه الحادثة ويدين التمييز النوعي ضد الإناث والانغلاق الفكري لمجتمع يولد التطرف ويشكل ضغوطاً تعادي الحياة الحرة وتشجع الإرهاب كنتيجة حتمية للانغلاق وافراز "بن لادن" ومن ثم القاعدة. تحمس لإخراج مادة الكتاب في صورة عمل سينمائي المخرج الأمريكي الكسين جسين. وأهمية وتفرد العمل أنه نوع من "أفلمة" عمل فكري يحول الكتاب إلي صورة مرئية. يلفت الانتباه للفيلم. زاوية النظر التي تبناها المؤلف بطل الفيلم والتي يكرسها كمثقف وإعلامي أمريكي بارز يعمل في الصحافة الغربية. وبرغم الإدعاء بالموضوعية والاعتماد علي المعطيات المادية علي أرض الواقع والتي اختارها بنفسه وتناولها نقدياً إلا أن الفيلم بموضوعه الذي يركز علي "القاعدة" كتنظيم إرهابي لن يجيب عن أهم الأسئلة "لماذا" حدث ما حدث؟؟ أو بقول آخر "لماذا يكرهوننا؟؟". وكيف تمكن إرهابيون عرب من عمل هكذا شديد البراعة تكنولوجيا ومبتكر وغير مسبوق؟؟ "الحرب علي الإرهاب" لم تقض علي الإرهاب بقدر ما قوته وما حدث أن أمريكا كدولة راعية للإرهاب نقلت الجماعات التي ربتها وزرعتها في أفغانستان لمحاربة الروس الكفرة في جبال تورا بورا واقصائهم عن الدول المسلمة في واحدة من معارك الصراع الساخن إلي جبال سيناء وصحاري ليبيا وريف ووديان سوريا ومدن الشرق البديعة بغداد ودمشق والقاهرة . إلخ إلخ إلخ. من المفيد فعلا الفرجة علي الوجه الآخر من الصراع علي شاشات السينما والتلفزيون حتي نفهم طبيعة الإرهاب وأسباب وجوده وانتشاره.. ومن المهم أن نتابع التاريخ الحديث الذي عاصره معظمنا وراقبنا أحداثه عن كثب وسقط بعض من أهالينا وأولادنا ضحايا لإرهاب أسود مدعوم دولياً. من المهم ونحن نعاني من نسبة أمية وجهل أن نستعين بالأفلام وتحليلها من خلال عرضها علي الشاشة الصغيرة. وفي ندوات ثقافية وعبر قصور الثقافة المنتشرة في القاهرة ومحافظات مصر.