العلاقة بين السلطة والمثقفين كانت محوراً أساسياً لندوة "صناعة الثقافة أم صناعة المثقف" علي هامش معرض الشارقة الدولي للكتاب حيث حاول المشاركون من النقاد والأدباء توضيح الأطر التي تسير عليها هذه العلاقة حتي لا يتحول المثقف إلي تابع للأنظمة والأجهزة الرسمية. باعتبار أن الحرية حق أصيل وليست منحة من أحد. شارك في الندوة الأديب والقاص الكبير يوسف القعيد والناقد د.صبري حافظ ود.محمد المطوع والروائي البريطاني الجنسية الهندي الأصل رانا داوغستا وأدارها الباحث والناقد زكريا أحمد. استهل "القعيد" الحديث بمحاولة تحديد مفهوم المثقف. مؤكداً أنه إنسان يختلف عن البشر الآخرين. لديه إحساس بما يحيط به مع القدرة علي التنبؤ والتحليل.. كما أنه يأتي لكي يعترض ويطرح الأسئلة الكبري التي تطال كل شيء حيث يعتبر مشكلات زمنه شأناً شخصياً. يشعر بها ويعبر عنها.. أما الثقافة فهي الإطار العام للقيم لأي مجتمع من المجتمعات في أي مرحلة من تاريخه. وهي بالتالي قد تشمل النكتة كما هو الحال في مصر علي سبيل المثال. أوضح أن عملية صناعة المثقف غير ممكنة حتي في ظل التقدم التكنولوجي في الزمن الراهن. لأن الإبداع عملية فردية بحتة سواء كان المثقف هنا كاتباً أو صحفياً أو فناناً. فهو الوحيد القادر علي صياغة أفكاره للآخرين وتوصيلها من خلال الأدوات الثقافية والوسائل الإعلامية المختلفة. أشار إلي أن الشرط الجوهري للإبداع هو الحرية. التي هي في الأساس حق يتمتع به المثقف وليست منحة من أحد. فمن دونها لن تكون هناك ثقافة إبداعية. أما د.صبري حافظ فاستعرض محطات من تاريخ الصراع بين المثقف والسلطة في مصر. بدءاً من عهد محمد علي الذي قام بمذبحة القلعة ليتخلص من المماليك ولكنه سبقها بنفي قادة الثقافة والفكر في المجتمع. وقد تواصل الأمر في العهود اللاحقة. فقد سعت الحكومات المتعاقبة إلي تحويل المثقف إلي تابع لها. أضاف : الصراع يمكن تعميمه علي مختلف مناطق العالم. بما في ذلك أوروبا التي عاشت عصوراً طويلة في هذا المضمار. تحدث "رانا داوغستا" الذي وصلت إحدي رواياته إلي القائمة الطويلة لجائزة البوكر في المملكة المتحدة عن تجربته الشخصية في معايشة العلاقة بين الثقافات المختلفة في موطنه الأصلي مدينة دلهي بشمال الهند. حيث عاش المسلمون والهندوس معاً وصنعوا منظومة ثقافية مشتركة استندت في بعض مقوماتها علي وحدة الأسس العامة لفنون الشعر والموسيقي. مطالباً المثقفين بضرورة التحاور والتواصل فيما بينهم من أجل تقديم ثقافة يحترمها القارئ ويقبل علي مخرجاتها المختلفة. اختتم د.محمد المطوع الندوة بالتأكيد علي حقائق أساسية لم يعد المثقف قادراً علي تجاهلها أو إنكارها من أهمها أن المال والدعم الرسمي ضروري لصناعة الثقافة. فمن دونه لن تكون هناك كتب ولا منتجات ثقافية. كما أن السلطة اليوم لم تعد بحاجة إلي المثقفين بسبب تعدد قنوات الثقافة ووسائل الإعلام. التي يمكنها التحكم بها بسهولة. أشار إلي أن مفهوم المثقف الشمولي الذي يفهم في كل شيء. لم يعد له وجود في الزمن الراهن. حيث بات التخصص مطلوباً. في مجالات الثقافة وفروع المعرفة كافة. في سياق آخر أكدت لجنة التحكيم الخاصة بجائزة اتصالات لكتاب الطفل. أن الجائزة ارتقت بالأعمال الأدبية الخاصة بكتاب الطفل بشكل ينافس ويتفوق علي كتاب الطفل الأجنبي علي الرغم من المسافة الكبيرة التي تفصل أدب الطفل العربي عن نظيره الأجنبي. وأنه يحسب لدولة الإمارات الريادة في هذا المجال بالنظر إلي حرصها الكبير علي دعم الطفل في جميع المجالات الأدبية والفنية والثقافية المختلفة. جاء ذلك خلال حلقة نقاشية لاستعراض مراحل اختيار الأعمال الفائزة بالجائزة نظمها المجلس الإماراتي لكتب اليافعين علي هامش المشاركة بفعاليات المعرض بحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي الرئيس الفخري للمجلس الإماراتي لكتب اليافعين. شارك في الحلقة النقاشية كل من د.هالة حماد المستشارة والخبيرة في شئون الطفولة المبكرة. ود.سونيا نمر كاتبة أدب الأطفال واليافعين. والمخرجة والناشرة جوانا المير. والفنان الإماراتي ناصر نصر الله نائب رئيس جمعية الإمارات للفنون التشكيلية. وأدارتها إيمان محمد.