ظاهرة البطالة من أخطر المشاكل التي تواجه أي دولة وتهددها والظاهرة في زيارة مطردة وصلت بناء علي التقارير الرسمية إلي 13.2% وهي نسبة خطيرة للغاية وبعد وقوع حادث انتحار خريج من خريجي كليات الهندسة بسبب عدم حصوله علي وظيفة منذ تخرجه وهو إنذار نهائي للدولة بأن المشكلة تقترب من مرحلة ثورة يقودها الجياع. استطلعت "المساء" رأي علماء النفس والاجتماع والاقتصاد المستثمرين حول كيفية مواجهة هذه المشكلة ودور الحكومة للحد من هذه الظاهرة. أجمع الخبراء علي أن المشكلة ليست وليدة اللحظة ولكنها موجودة منذ سنوات عديدة وتتزايد باستمرار ولا يجب أن ننظر لمثل هذا الحادث علي أنه بداية المشكلة فهناك الكثير من الشباب ينتحرون في مراكب الهجرة غير الشرعية عبر البحار والمحطيات وطالبوا الدولة بضرورة التوسع في المشروعات الجديدة لتوفير الأيدي العاملة وتحقيق الأمن والأمان في البلاد لعودة الاستثمارات مرة أخري والسياحة وتقديم القروض للشباب لإنشاء مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر. السفير جمال البيومي أمين عام اتحاد المستثمرين العرب وكبير المفاوضين المصريين قال كان الله في عون الشباب من الخريجين الذين لم يحالفهم الحظ بالحصول علي وظيفة بعد التخرج وخاصة أصحاب المؤهلات العليا ومع ذلك هناك نوع من الشباب لا ينتظر العمل في نفس المجال والتخصص للشهادة الجامعية التي حصل عليها ولكن يبحث في جميع المجالات حتي يحصل علي وظيفة وكثيرا وما نقابل في الحياة اليومية خريجي الجامعات الذين يعملون بوظائف بعيدة تماما عن اختصاصاتهم منهم نجار مسلح أو الكهربائي أو في المطاعم ولكن ليس معني هذا أن نترك هؤلاء الشباب بدون وظيفة تليق بهم وبدراستهم. وقال أصبحت البطالة مشكلة كارثية لا يمكن السكوت عنها حيث وصلت إلي ما يقرب من 3 ملايين شاب عاطل واعتقد أن العدد أكثرا من ذلك وهناك 60% منهم خريجو الجامعات لذلك لابد من تغيير الثقافة العامة للمجتمع بمعني أن هناك كثيرا من الخريجين لديهم شهادات لا يحتاجها سوق العمل لذلك لابد أن نفتح المجال للشهادات الفنية والصناعية لأن سوق العمل يحتاج لهؤلاء في المرحلة المقبلة. الحكومة أيضا لها دور كبير ومهم في حل هذه المشكلة وهي ليست مشكلة جديدة ظهرت اليوم أو أمس ولكنها موجودة منذ سنوات مضت ولكنها في زيادة مستمرة وسوف تكون سببا في قيام ثورة أخري تقضي علي ما تبقي في البلاد فيجب أن أن تعمل الحكومة علي مساعدة الشباب في إقامة مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر واعتمدت الحكومة 22.5 مليار جنيه إنشاء مشروعات وبنية أساسية وهذا القطاع من أكثر القطاعات التي تستوعب عمالة من نجارين وبنائين ولكن السؤال هنا هل الشباب من خريجي الجامعة لديه المقدرة علي قبول العمل في هذا المجال أم لا؟ كما أن هناك أفكارا أخري قد تستطيع أن تحل هذه المشكلة منها أن تعلن القوات المسلحة إضافة جزء من أبنائها وهذا معناه أن هناك أعدادا كبيرا من رجال القوات المسلحة يمكن تعليمهم حرفا ومهنا مختلفة وأيضا مشروعات استصلاح الأراضي تعتبر من أهم المشروعات التي تستوعب نسبة كبيرة من الشباب وتقضي علي البطالة وتحل مشكلة غذائية كبيرة رجال الأعمال والقطاع الخاص بصفة خاصة هو الذي يستطيع أن يوفر فرص عمل أكثر من القطاع العام والمصدر الرئيسي لتوفير الوظائف نظرا للمشروعات المتعددة والمختلفة لهذا القطاع ولكن هذا الحل يستوجب أن نوفر الأمن في الشارع المصري حتي يستطيع رجال الأعمال إنشاء مشروعات جديدة وأيضا أن يكون لدينا رجال أعمال لديهم روح الانتماء لوطنهم ويرغبون في مساعدة شباب البلد. * نبيل الشيمي خبير اقتصادي ومدير عام غرفة صناعة الجلود السابق قال إن البطالة هي إحدي ظواهر الخلل الهيكلي في أي دولة وكلما زادت دليل علي زيادة مؤشر البؤس ومشكلة البطالة لها أسباب اقتصادية واجتماعية والسبب الاقتصادي دليل أن هناك زيادة نسبة المتعطلين عن العمل وضياع قوة شرائية في المجتمع وهذا القدر من الناس لا يملك الانفاق وهذا مؤشر علي ضعف الاستثمارات ومشاكل هيكلية وعلي خلل استراتيجية توزيع القوي العاملة علي الأجهزة وتعتبر البطالة أحد أسباب الاحتقان في المجتمع وسببا في خلق الجماعات المتعصبة والمتطرفة والاتجاه نحو الأعمال الخارجة علي القانون والاثنين تكلفة في فاتورتها. وقال.. هناك حلول كثيرة لهذه المشكلة ولكن يجب علي الدولة أن تساهم بنسبة كبيرة فيها وهي أولا المساعدة علي ضخ الاستثمارات الجديدة في البلاد وللعلم أخطر شيء حدث في مصر هو الخصخصة فهي مسئولة عن 90% من ما يحدث في مصر حيث تم طرد نسبة كبيرة من العمالة في الشوارع وليس كل من يخرج في الشوارع للاعتصام أو التظاهر الآن هو تابع لعقيدة أو حزب بل معظمهم ليس لديهم عمل كما يجب الاهتمام بوضع حد أقصي للأجور بشكل عادل لأن هذا الحد العادل هو الأقدر علي تمويل الحد الأدني واستعادة الأمن المفقود لعودة الاستثمار في البلد وحسن التخطيط لسياسات التعليم. ويجب أن نوضح ونشير إلي أن هناك أنوعا للبطالة فهناك بطالة إجبارية حيث يجبر العامل علي ترك مهنته وبطالة موسمية مثل العمال الزراعيين الذين يعملون في الأراضي وبطالة احتكارية وهو مصطلح اتفق علي إطلاقه علي البطالة التي تحدث نتيجة لتأخر وصول الخامات والمعدات للمصنع فيتوقف العمل وبطالة مفتوحة وتتكرر بسبب عرض أجر علي عامل فلا يقبله فيتوقف عن العمل وبطالة مقنعة وسببها أن مجموعة من الناس إنتاجهم أقل من الأجور والقيمة الحقيقية. لرجال الأعمال أيضا دور مهم في هذه المرحلة فدور أغلبهم غائب لأن أكثرهم يريد أن يحقق أكبر ربح بأقل تكلفة وليس لديه مانع أن يستغني عن عدد من العمال والاستعانة بعدد قليل يتحقق له الإنتاج وإذا لم يتعاملوا مع الدولة وضخ استثمارات جديدة سيكونون أهم الفئات التي تمسهم النار وقد يتعرضون لأعمال السلب والنهب لكثير من مشروعاتهم وأين دور الصندوق الاجتماعي لإقامة مشروعات صغيرة وإعادة النظر في صندوق دعم الصادرات وضخ الأموال في المصانع والصناديق الخاصة لماذا لا تستخدم لمساعدة أصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر. خالد الجرحي رجل أعمال ورئيس مجلس إدارة الغردقة للتجارة والاستيراد قال إن مشكلة البطالة من أخطر المشاكل التي تواجه الشباب المصري بصفة عامة وللدولة ورجال الأعمال دور مهم في المساعدة علي الحد من زيادتها ولكن يجب أن تكون الظروف والمناخ العام يساعد علي ذلك فمنذ ثورة يناير حتي الآن تمر بظروف سيئة للغاية وجميع أصحاب الأعمال والمشروعات مهددون بخسارة كبيرة بسبب الاضرابات والاعتصامات والحالة الأمنية السيئة. قال لا يوجد أي مانع في أن يساعد رجال الأعمال هؤلاء الشباب وللحقيقة قليل من رجال الأعمال يهتمون بذلك لأنهم يبحثون عن الربح أكثر من عدد العمال ولكن إذا دعمت الدولة هؤلاء المستثمرين وتقديم تسهيلات مقابل توظيف الشباب ومساعدتهم لا يوجد أي مانع ولكن كل هذا لن يتم إلا بعد استقرار الأوضاع الأمنية داخل البلاد وتكون هناك فرصة جيدة لعودة الاستثمارات مرة أخري وفتح مجالات كثيرة لإقامة مشروعات مختلفة. الدكتور صلاح الجندي أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة قال إن الحكومة عليها دور كبير جدا في حل هذه المشكلة وتوفير فرص عمل وتنظم عملية التشغيل والتقارير الرسمية تقول إن نسبة 13.2% بطالة وتعتبر نسبة مرتفعة للغاية والبعض يقول إنها أعلي من ذلك لذا يجب علي الدولة أن تخطط لمشروعات تساعد بها الخريجين وتقديم قروض ميسرة لذلك ولكن هذا الأمر في غاية الصعوبة وتطبيقه لا يمكن الآن وفي الوقت الحالي بسبب الظروف الأمنية للبلاد وهروب أي مستثمر يفكر في إقامة مشروعات. قال.. لابد أن يعمل الشباب علي السعي للعمل في أي مهنة ولا شرط أن تكون مرتبطة بشهادتهم العلمية التي حصلوا عليها حتي تتحسن الأوضاع والحد من ظاهرة الاعتصامات والمظاهرات ولا ننسي أن قطاع السياحة والفنادق تأثر بنسبة كبيرة وكان يستوعب العديد من القوي العاملة والشباب وعودة الاستثمارات مرة أخري بصورة مدروسة وهو المفتاح السحري لحل المشكلة ويجب أن تأخذ الدولة حذرها بشدة لأن ترك هؤلاء الشباب بهذه الصورة وعدم مساعدتهم في حياة كريمة سوف يؤدي إلي ضعف الانتماء للوطن ومن السهل استقطابهم من أي جهة خارجية. د.أسامة عبدالخالق الخبير الاقتصادي بجامعة الدول العربية والأستاذ بجامعة عين شمس قال أولا لا يجب أن نأخذ حادث انتحار الشاب خريج الهندسة لعدم حصوله علي عمل بعد تخرجه بأنها بداية لظاهرة ولكنها حالة فردية جدا أمام آلاف الشباب الذين انتحروا في البحار والمحيطات بسبب الهجرة غير الشرعية لماذا لم نسلط عليها الضوء فنحن أمام مشكلة انتماء الشباب والذي يفقد الأمل في بلده وعلاج هذه المشكلة ليس علاجا اجتماعيا ولكنه علاج سياسي وديني وأخلاقي وإنساني وكيف يمكن لرئيس دولة الاستمرار في الحكم وهو يعلم أن هناك نسبة كبيرة من العاطلين في البلد. وأضاف.. مشكلة البطالة تلقي بظلالها علي كثير من القضايا فالحكومة مطالبة بتدبير الحد الأدني ولايوجد اعتمادات مالية في الموازنة العامة لتدبير هذا الحد كما أنه يمثل مشكلة كبيرة للقطاع الخاص لعدم قدرته في ظل توقف عجلة الإنتاج عن تدبير الحد الأدني وبالتالي فالعلاج يخفف من احتقان كثير من المشكلات الأخري ولهذا فارتفاع هذا المعدل حاليا إلي 21.6% هو أعلي معدل كما أن الحكومة مطالبة بإجراء نوع من التدريب التحويلي لتوجيه الشباب إلي احتراف أنواع من الأعمال والصناعات التي توفر لهم فرص عمل ونظم التعليم تحتاج إلي تغيير جذري بحيث يأخذ التعليم المهني الخط الأوفر من اهتمام الدولة ودعمها. تفعيل دور حاضنات الأعمال التي تستطيع إجراء التدريب التحويلي لأصحاب الصناعات الصغيرة بما يكفل لهم إمكانية الاستثمار في مشروع ناجح وتشغيل أكبر قدر من الشباب لأنها مشروعات كثيفة العمالة وليست كثيفة رأس العمال. وواصل أحذر من أن البطالة أصبحت قنبلة موقوتة وضح أثرها في الأحداث السابقة من انتشار أعمال البلطجة والسلوكيات السلبية لكثير من الشباب وأصبحنا علي مشارف ثورة جياع نتيجة فقدان الشباب والأسر المصرية لموارد دخل عادلة وكل هذا يتنافي مع مفهوم العدالة الاجتماعية التي قامت من أجلها الثورة والاهتمام لحل هذه المشكلة سوف يؤدي إلي الاستقرار الأمني وتدفق السياحة والاستثمار إلي جانب الاستقرار السياسي والاجتماعي والأخلاقي والديني بين الشباب والأهم الحفاظ علي انتماء الشباب لهذا الوطن. د.سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية قالت مشكلة البطالة لها آثار سلبية ولها عوامل متداخلة بسبب الحالة النفسية والشعور بالفراغ ونقص القدرة المادية والشعور بالذات. وقالت: إن مشكلة البطالة من أصعب المشاكل التي تواجه أي دولة وتكون سبب في انهيارها لأن الشباب هم أساس أي دولة ويجب الاهتمام بهم والطاقة السلبية تصل بهم إلي حالة اليأس ومن الممكن أن يقوم بأي أعمال منافية للأخلاق مقابل الحصول علي الأموال وللدولة دور مهم في توفير وإنشاء مشروعات يستفيد منها الشباب والدولة أيضا سواء في توسيع طرق وسياحة ومدن جديدة استصلاح زراعي ورجال الأعمال لهم دور كبير في مساعدة الشباب أيضا. كما يجب أن يكون هناك نوع من التدريب التحويلي بكل مكان وتنظيم التعليم ومعرفة ما يحتاجه سوق العمل وللعلم التعليم الفني يتم إهماله بصفة عامة وأنه درجة ثانية والإخصائيون الاجتماعيون يتم تجاهلهم أيضا فكل ماهو طاقة يتم توظيفهم وعمل دراسة كاملة لجمع المشاكل من البطالة ولكن متخذ القرار لا ينظر لهذا ويجب أن تكون هناك قرارات مدروسة وللأسف الحكومة الحالية المؤقتة ليس لديها حلول بعيدة المدي ولكنها تبحث عن حلول سريعة دائما. د.سيد عفيفي أستاذ علم الاجتماع بجامعة الفيوم قال: لا شك أن المجتمع يمر بظروف سيئة جدا وخاصة بعد ثورة يناير وكثرة الاحتجاجات زادت من هذه المشكلة وهي مشكلة قائمة منذ سنوات مضت ولابد أن نفرق بين البطالة بين خريجي الجامعات والمشكلة بوجه عام حيث إن بطالة المتعلمين تعتبر قنابل موقوتة تؤدي إلي ثورات واعتصامات وهذا ما حدث في ثورة يناير وقامت علي أكتاف المتعلمين بسبب سوء المعيشة وعدم التعيين في أي وظيفة داخل الدولة وأصبح خريجو المؤهلات المتوسطة لا يحصلون علي أي عمل منذ سنوات لذلك يجب علي الدولة أن توفر الأمن المطلق والكامل لجميع المواطنين وخلق فرص استثمار وإقامة المشروعات التي تحتاج للأيدي العاملة ولقد بدأت الحكومة في عمل جولات عربية للطمأنة وخلق فرص استثمار في مصر مما يؤدي إلي إيجاد فرص عمل لهؤلاء الشباب ولابد أن نذكي تحرك الحكومة والتوقف عن الاحتجاجات والمظاهرات التي تؤدي لقلة العمل والإنتاج.